اختتمت أعمال مؤتمر الكويت الأول للشراكة بين القطاعين العام والخاص تحت شعار «مسيرة شراكة نحو النمو والازدهار»، برعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، عبر تقنيات البث الافتراضي، بتنظيم شركة «نوف إكسبو»، ومشاركة اتحاد المكاتب الهندسية والدور الاستشارية الكويتية.
وجاءت الحلقة النقاشية الأولى تحت عنوان دور الجهات الحكومية في دعم مشروعات الشراكة، والتي ناقشت مميزات مشروعات الشراكة عن المشروعات التقليدية، والمعوقات التي تواجهها، وعوامل وإجراءات تسهيلها والتصور المستقبلي لها.
وأدار الحلقة النقاشية عضو مجلس الإدارة في اتحاد المكاتب الهندسية والدور الاستشارية الدكتور عادل المشري، والتي ناقش خلالها نخبة من المسؤولين الحكوميين على رأسهم مدير عام بلدية الكويت أحمد المنفوحي، وأمين عام المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الدكتور خالد مهدي، ووكيل وزارة الأشغال وليد الغانم، ونائب رئيس قوة الإطفاء العام اللواء خالد الفهد، ومدير عام هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص فضيلة الحسن.
وقال الشمري إن مشروعات الشراكة تهدف إلى بناء اقتصاد مستدام يستند إلى المعرفة والتنافسية والخبرة والتنوع، وتهدف أيضاً إلى تخفيف الضغط على المالية العامة للدولة، والذي تعاني منه الحكومات في تمويل مشاريع الخدمات مع تحسين القدرة الإدارية للقطاع العام.
وتطرق إلى أن تقريراً نشر في الصحف قبل فترة عن المشاكل التي تواجه مشروع الشراكة، وإحداها عدم توافر قاعدة بيانات رسمية أو معلومات موثقة لمواقع المشروعات وإحداثياتها الجغرافية، وهو أمر حدث فيه بعض التغيير والتحديث لبعض المواقع ما عطل بشكل مباشر عملية طرح بعض المشاريع وتنفيذها.
وذكر أنه لإقناع المستثمرين الأجانب باستثمار أموالهم في الكويت، لابد من تسهيل البيئة وتقديم كل الدعم لهم لكي يشعروا بالأمان والاستقرار، وليقتنعوا أن الاستثمار الذي دخلوا فيه يتمتع بعوامل المخاطرة فيه منخفضة.
وبيّن أن الإجراءات الخاصة بقانون الشراكة مطولة ومعقدة، وجعلت الناس تنفر من المشاركة في هذه المشاريع، وهو ما يعد عقدة بسيطة يمكن حلها بتعديل القانون، بحيث يمكن بعدها التسويق أمام المستثمرين الأجانب.
من جهته، قال المنفوحي إن البلدية كانت سباقة في طرح فكرة مشاريع الـ «B.O.T» التي كانت جديدة في ذلك الوقت، وإنه نظراً لوجود بعض الأخطاء في عملية الطرح تم نسف القانون واستبداله بقانون الـ «P.P.P»، مضيفاً «وقتها كان لدينا ملاحظات عليه، وهي ما نراه اليوم على أرض الواقع»، ومشدداً على الحاجة إلى تعديل قانون الـ «P.P.P» لكي يساهم في طرح المشاريع بشكل أسرع وسلس.
ولفت المنفوحي إلى أن الجهات الحكومية بدأت توجد مخارج حتى لا تطرح مشاريعها عن طريق الشراكة، مبيناً أن أقرب مثال لذلك هو جسر جابر، متابعاً «الآن نحاول على واجهة الصليبخات وواجهة الكورنيش وسوق المباركية الجديد، وهذا لا يعني أن هناك خطأ ممن يدير الشراكة، ولكن هناك خطأ في القانون».
ونوه بأن «البلدية» قامت وفقاً لـ «B.O.T» بطرح المسالخ والأسواق الشعبية والخدمات العامة، لافتاً إلى أنها تواجه قانوناً يصعب طرح مثل هذه المشاريع، في وقت بدأت الجهات الحكومية تلجأ إلى بعض المخارج القانونية لطرح مشاريعها خارج إطار «P.P.P»، وتعود بشكل غير مباشر إلى قانون الـ «B.O.T».
وأطلق المنفوحي جرس إنذار حكومي في هذا الصدد قائلاً «بدأت الشركات العالمية تهرب من مشاريعنا الخاصة بالتطوير، وبدأ تسويق مشروع الكورنيش من خلال مراسلة الشركات التي تسأل بدورها عن موعد طرحه، ليأتي ردي بوجود خطة مع مجلس الوزراء لتسريع وتيرة الطرح عن طريق الفتوى التي صدرت عن إدارة الفتوى والتشريع، وهنا بدأوا يهتمون».
وأكد المنفوحي أن الخلل ليس بإدارة الشراكة، وإنما في القانون وهو الأمر الذي يحتاج إلى وقفة، آملاً أن يساهم المؤتمر بخطوة أكثر تقدماً مع المختصين في وضع صورة عن التغيير فيه، مبيناً «على الرغم من أن هناك مشروع تغيير للقانون، ولكننا نحتاج أيضا إلى مراجعته، فمن المهم أن أرى مشروعاً يطرح بعيني».
وأفاد المنفوحي «نريد جذب شركات أجنبية، فالأمن القومي اليوم لم يعد جيوشاً، بل الآن هو الأموال، فهي الأساس في حماية الأوطان، ومتى قدرت على استقطاب رؤوس أموال عالمية ودولية وشركات، تحقق بعد أمني متقدم، بالإضافة إلى البعد الاقتصادي والتنموي والوظيفي».
وتطرق المنفوحي إلى مشروع كورنيش الجهراء أو الصليبخات وما سيوفره من فرص عمل وبنى تحتية، التي سيوفر على الدولة تكاليف إنشائها عن طريق القطاع الخاص، مبيناً أن بنية خليج الصليبخات التحتية تصل إلى حدود 380 مليون دينار نتيجة وجود معالجة بيئية.
وذكر أنه تم تقسيم المشروع إلى 5 أجزاء سيطرح كل جزء على حدة، وسيحقق العديد من الفوائد إذ سيوفر 380 مليون دينار، ويعالج مشكلة بيئية ويوفر فرص عمل وينعش تلك المنطقة بأنشطة ترفيهية وتسويقية ضمن المخطط الهيكلي.
استقرار أكبر
قال الدكتور خالد مهدي «نحن بحاجة لاستقرار أكثر للحكومة، فمتوسط وجود الوزير وصل إلى 9 أشهر تقريباً، وهذا التغير في الحكومات يؤثر علينا».
وأكد أنه يجب أن تكون الشراكة مُركزة على المشاريع التنموية ذات العائد الاجتماعي الاقتصادي، مبيناً أن رؤية «التخطيط» في شأن الشراكة أنه ليس كل «غث وسمين» يدخل ضمن مفهوم الـ «P.P.P»، ولافتاً إلى أن الحكومات تلجأ للشراكة بسبب التشغيل المرن والكلفة.
وتابع «ما نحتاجه في الكويت وهو الأهم نقل التكنولوجيا والمعرفة وإعطاء الدولة فرصة في التشغيل بكفاءة أعلى، فالشراكة تركز الآن على مشاريع ذات البنية التحتية التي يكون فيها ضمان للمستثمر مثل المشاريع ذات العائد الاقتصادي وبنيتها التحتية تهم الدولة، والتي تكون إدارة التشغيل فيها كبيرة مثل محطات الكهرباء ومعالجة النفايات».
وأوضح مهدي أن رؤية الكويت 2035 تتضمن ركائز إدارة حكومية فاعلة، واقتصاداً متنوعاً ومستداماً، ورأسمالاً بشرياً إبداعياً، وبيئة معيشية مستدامة، ورعاية صحية عالية الجودة، وبنية تحتية متطورة، والمكانة الدولية، منوهاً بأن مواضيع الشراكة متداخلة مع ذلك البنيان الاستراتيجي، ولكنها تركز على تنوع الاقتصاد واستدامته.
تنفيذ المشاريع
أكد وليد الغانم الحاجة إلى تنفيذ المشاريع وإنجازها في الوقت المحدد بما يعزز من الوضع الاقتصادي للدولة، مطالباً بالحرص على الجدول الزمني للدورة المستندية بحيث تؤمن تحقيق الهدف الإستراتيجي من تنفيذ المشاريع في الوقت المحدد لها، وألا تكون هناك فجوة كبيرة بين الخطة والعمل الواقعي في إطار التحسين والتقويم المستمر في متابعة مشاريع الشراكة، مشيراً إلى ما تخلقه تلك المشاريع من فرص توظيف للمواطنين.
وتحدث الغانم عن مشروع توسعة «أم الهيمان» والذي يعد انعكاساً لتطبيق الـ «P.P.P»، والذي يحقق أهدافاً إستراتيجية في حماية البيئة وتحسين كفاءة الشبكات وتطويرها واستدامتها، إلى جانب الاستفادة القصوى من المياه المعالجة التي تُعد مورداً كان ثانوياً للمياه، ولكنه بات أساسياً للأمن الغذائي والزراعة التجميلية وللمشاريع الإستراتيجية التي يتعامل معها القطاع النفطي وجهات أخرى.