قيم ومبادئ

عزيز قوم ذل!

11 نوفمبر 2021 09:00 م

هذه مقولة تناقلتها العرب، ويعنون بها تغيّر الحال، وهي سُنة الحياة، فبعد الصعود يكون الهبوط ودوام الحال من المُحال. والله تعالى، له الخلق والأمر، وهو يُدير مملكته علويها وسفليها وتصريف أمور العباد وتدبيرها بيده، ويهدي مَنْ يشاء ويُضل مَنْ يشاء، شرع الإيمان والعمل الصالح وجعلهما عوناً لحصول الملك والأمن والعزة والتي منها اجتماع كلمة المسلمين واتفاقهم وتآلفهم مع الصبر، وعدم التنازع حال الخلاف.

وإذا رجعنا نقلّب صفحات التاريخ وخاصة في محيطنا العربي والإسلامي وجدنا السبب الأعظم في ذهاب الأمن وزوال الدول ترك الدين وتنافر القلوب والتفرّق الذي أطمع الأعداء فتدخلوا بشؤونهم وجعلوا بأسهم بينهم بما أشاعوه من أسرار الدولة، وقبائح الأفراد وتناقلتها وسائل الإعلام فاستحالت حياتهم من عز إلى ذل، ومن قوة إلى ضعف ولنا في عِظات التجارب ما يكفي.

الله تعالى، هو الذي يمنح القوة لمَنْ شاء من عباده وكيف شاء ومتى شاء، فمَنْ أعزه الله فلا خذل له ومَنْ أذله فلا مُعز له! وللعزة سُبل ووسائل ومواطن ومقاصد تختلف باختلاف نوايا البشر، لكنّ العزة الصحيحة المطلوبة هي من الله تعالى، فليسلك سبيلها مَنْ أرادها ويطلبها من منبعها ومصبها فهي منه وإليه «ولله العزة جميعاً»، بمعنى أن العزة مجتمعة عنده ليس لأحد فيها نصيب إلّا من لدنهُ فلا يطلبها طالب من سواه فمَنْ ذا الذي يحتويها حتى يُعطيها؟ فليست العزة بالأوصاف والألقاب، كما أنها ليست تبرير هتافات الجماهير، ولا بكثرة المصوتين بصناديق الاقتراع، وما هي بكثرة الفُولُورز، ومؤسف حقاً أن يلهث السياسيون وبعض النخب الفكرية وراء النهضة دون معرفة مقوماتها، فهي لا تكون بمسابقة الحضارة الغربية ولا بالتشبه بها ولا موالاتها ونصرتها في مقابل ترك موالات المؤمنين وإلصاق التهم بهم وتعييرهم ونبذهم بألقاب التخلّف أو اتهامهم بالفساد فمَنْ الذي يحملنا على ذلك؟ هل نبتغي العزة والكرامة منهم؟ هذا في الحقيقة دليل على سوء الظن بالله وضعف اليقين بنصر الله لعباده المؤمنين والذي حملهم على ذلك كله أنهم لاحظوا بعض الأسباب التي عند الكفار وقصر نظرهم عمّا وراء ذلك فأصبح مثلهم الأعلى أوروبا و أميركا، يتعززون بهم ويصدرون عن توجيهاتهم لنا، وكم من هارب من الكويت لجأ إلى بلاد الكفار فأصبح حرباً على الكويت بما ينشره من أسرار وفضائح مفبركة وأخبار مغلوطة!

وإذا كان بفعله السيء يقصد الكرامة والعزة فليس هذا طريقها الصحيح والواقع يشهد أن العزة لله جميعاً فإن نواصي العباد بيده ومشيئته نافذة فيهم وقد تكفّل بنصر دينه وأوليائه ولو تخلل ذلك بعض الامتحانات والفتن التي لا بد منها لأنها سُنة الله في خلقه فقد يُعز الأعداء فيظهرون على المسلمين أدلة غير مستمرة ولكن العاقبة والاستقرار للمؤمنين.

كما أن العزة والكبرياء من صفات الله تعالى ومَنْ نازع الله في عزته وأراد أن يتخذ سلطاناً في الأرض كسلطان الله أو نازع الله في كبريائه وتكبّر على عباد الله فإن الله يعذبه على فعله في منازعة الله في ما يختص به الله!

ومَنْ كان يريد العزة التي لا ذل معها فليلزم العبودية في عبادته لله تعالى فإن العزة له فسوف يُعزه في الدنيا والآخرة. الخلاصة حق على الله ألّا يرتفع شيء من الدنيا إلّا وضعه فإن صحب هذا الارتفاع ارتفاع في النفوس وكبر وعلو فإن الوضع إليه أسرع لأنه عقوبة.