أضواء

صراع الاقتصاد والمناخ في مؤتمر COP26

9 نوفمبر 2021 10:10 م

تفاقمت معدلات تلوّث كوكبنا منذ بداية الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، ولم تقدم توصيات عملية لمواجهة تداعيات هذا التلّوث إلاّ في القرن الحالي في العام 2015، فيما يعرف باتفاق باريس العالمي للمناخ الذي تقرر فيه احتواء الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، وذلك مقابل خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 45 في المئة عن مستويات 2010 بحلول عام 2030.

العلماء الذين اكتشفوا ظاهرة الاحتباس الحراري وحدهم الذين يدركون مدى خطورة تفاقم هذه الظاهرة على حياة الكائنات الحيّة، بما فيها البشرية على عكس الساسة الذين همهم الأول دعم اقتصاديات بلدانهم وتوفير العيش الكريم لشعوبهم. فالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب انسحب من اتفاقية باريس للمناخ لأنه يرى أنها تضر بقطاع الطاقة الأميركية وبفرص العمل التي يوفرها القطاع، وهناك مجموعة من الدول الفاعلة بما فيها الخليجية التي يعتمد اقتصادها على الوقود الأحفوري تحاول جاهدة تعديل التوصيّات التي جاءت في التقرير المقدّم في المؤتمر الحالي COP26، وترى من المناسب إزالة عبارات الحث على استعجال التخلص من الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية المسببة للاحتباس الحراري.

فالهند مثلا«ثالث أكثر الدول الملوثة للغلاف الجوي بعد الصين والولايات المتحدة - تصّر على أن الفحم هو المصدر الأساسي للطاقة في الهند خلال العقود القليلة المقبلة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. ولعل ما يثير الاستغراب أن الولايات المتحدة والصين والهند رفضت التوقيع على التعهّد بالتوقّف عن استخدام الفحم في المؤتمر الحالي، وهو الأمر الذي يدفع المرء للتساؤل عن جدوى الخطوة التي اتخذها الرئيس جو بايدن في إعادة الولايات المتحدة لاتفاق باريس بعد انسحابها منه».

دولتان مثل البرازيل والأرجنتين وهما من أكثر الدول «إنتاجاً وتصديراً» للحم البقري ترفضان بشدة ما جاء في التقرير من أن التقليل من استهلاك اللحوم ضروري لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهو ما يعني عدم استعدادهما للتفريط بمورد مهم من مواردهما الاقتصادية من أجل تحقيق أهداف المؤتمر.

حقيقة ما في الأمر، أن التوفيق بين الاقتصاد والسيطرة على الاحتباس الحراري قضية شائكة، وليس من السهل على الحكومات تحقيقها إلاّ في حدود دون الطموحات المرجوة في التقرير، ما يعني أن تحقيق سقف 1.5 درجة مئوية أمر مشكوك فيه، لكن تبقى أهمية المؤتمر في كونه جرس إنذار لسكان كوكبنا الأرضي من خطورة تداعيات تلوثه على مستقبل حياتنا المعيشية، ودافعاً قوياً نحو ضرورة تضافر جهود دول العالم مجتمعة للحفاظ على نظافته وتوازنه البيئي.