قيم ومبادئ

سيناريو المجلس القادم (٢من٢)

7 أكتوبر 2021 10:00 م

الآن، قد قاربت أو وضعت الحرب أوزارها كما يقال، وبالعامية (شربت مروقها)، ونحن نستشرف أعتاب مرحلة جديدة وعهد جديد يرعاه صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه.

ما هي ملامح هذا النهج بعد استبدال الـ (استاف السياسي) مع تغيّر بعض المفاهيم المعتّقة؟

و(استاف الوظائف الإشرافية)!

وعلى ضوء ما سبق في مسيرة المجالس المتعاقبة والحكومات، ماهي محددات العلاقة بين السلطتين؟

هل سنشهد تنافراً أو انسجاماً؟

ومع سرعة وشدة تقلب المناخ السياسي يمكن أن نوجز الإجابة بثلاثة محاور:

أولاً، وفي ظل وجود وزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة التي نشأت بمرسوم رقم 53 لسنة 1998، ونطاق عملها إعداد الأسس والوسائل والأساليب اللازمة للتعاون بين الحكومة وبين المجلس وحددها المرسوم في المسائل التي يختص بها المجلس مع اقتراح تطويرها، وقد حدد الدستور في مواده بدءاً من المادة 104إلى المادة 122 وفيها اختصاص عمل المجلس.

لم نسمع عن دور لوزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة فيما أعدته واقترحته من أجل تحقيق التعاون الأمثل بين المجلس والحكومة، على الرغم من حصول أكثر المشكلات الدستورية تعقيداً في تاريخ الكويت على الأقل خلال الأربعة عقود الماضية، بل وجدنا توظيفاً لهذه الوزارة لخدمة أجندات وحسابات أخرى غير التي رسمها الدستور؟

وهذا مؤشر غير جيد في استشراف العلاقة بين السلطتين إذا استمرت على الوتيرة القديمة نفسها.

ثانياً، في ظل وجود السوابق البرلمانية وقد بلغت حتى تاريخه أربعة مجلدات بالحجم الكبير، ومعلوم أن هذه السوابق تتمتع بقوة الإلزام جنباً إلى جنب مع التقليد البرلماني إذا كانت في المسار الصحيح الذي لا يتنافى مع مبادئ الدستور وقيم المجتمع الأصيلة، كما أن هذه السوابق لم تكن وليدة الصراع السياسي المحتدم كالذي نعيشه اليوم، ولم تكن لمصلحة طائفة دون أخرى أو تراعي مصلحة خاصة، والدليل على ذلك تناسقها مع اللائحة الداخلية لمجلس الأمة وما جرى من مناقشات، سواء تعكس مستوى رجال الدولة للجنة، الأمر الذي يجعلها صالحة لجريان العمل عليها بخلاف ما شهدناه في بعض صور التجاوزات البرلمانية، والتي يراد منها تسجيل نقاط لهذا الفريق أو ذاك؟

وإن كانت السوابق البرلمانية تعكس بصورة أو بأخرى مراحل تطور الفكر الإداري والسياسي في الكويت منذ الفصل التشريعي الأول إلى العاشر تقريباً، إلا أنها تشكل في الوقت ذاته دوراً مهماً في إرساء القواعد والمبادئ التي يسير عليها عمل النائب محكوماً بالنظام الداخلي وثوابت المجتمع.

ثالثاً، المعارضة وبما فيهم أبناء الأسر، للأسف لم يكونوا على المستوى المطلوب لمجاراة سياسات الحكومة، وما زالوا مرتهنين بحسابات قديمة وقيود كبلوا بها أنفسهم فأصبحوا مسيرين وليسوا مخيرين من الشارع والضغط الشعبي، الأمر الذي جعلهم يعملون وعيونهم على كلام الناس وكيف السبيل إلى ارضائهم، وحسناً فعلت الحكومة حين أغلقت أبواب الوزارات أمام معاملات النواب ليتفرغوا لوظائفهم التي حددها الدستور وائتمنهم الشعب عليها واقسموا علناً على أداء عملهم بالأمانة والصدق؟ كالرقابة والمحاسبة والتشريع ولكنهم عرفوا أن السياسة في الكويت تدور ما بين قطبي الرحى (شيمة أو جيمة) فهل مازالت هذه السياسة معمولاً بها كما هو في العالم؟

ولكن مع تطور الفكر السياسي المتحذلق أصبحت الجيمة اليوم بصورة مختلفة عن السابق فليس هي (حقائب توضع بصندوق السيارة)، ولكنها اليوم تماهت مع مكافحة الفساد وأخذت صوراً عديدة لجهة العلاقة بين السلطتين؟

لقد استبشر أهل الكويت خيراً بنجاح دماء جديدة من الشباب من الطبقة الوسطى والتجار، ولكن فوجئنا بأدائهم الذي يحاكي أصحاب الأجندات الخاصة وعلى هذا الأساس تقدموا بأكثر من استجواب، واعتلوا المنصة وبدأوا بالصراخ والتهويل واللطم على الكويت وسمعتها كالرياضة مثلاً لكن (كلنا أصحاب قرية وكل يعرف أُخيه).

وللأسف أصابت أهل الكويت خيبة أمل من أداء الشباب، فمنهم من يعمل منفرداً حتى ولو (دش بالطوفة)، أو يعمل لمصالح خاصة لطائفة أو فئة محددة بعيداً عن هموم المواطن الكويتي، ونتائج الانتخابات الماضية كرست هذه المعطيات!

ماذا عن سيناريو المجلس القادم؟ لا أعول كثيراً على المجلس القادم آخذاً بالاعتبار ما ذكرته في هذا المقال، والجمعة السابقة، ولا أجد جديداً في مسيرة المجلس والحكومة، فملف مكافحة الفساد في ملعب الحكومة والمجلس يتحدث في الوقت الضايع (والطيور طارت بأرزاقها) كما يقال، لكن أقول لو حاسبت المعارضة نفسها كما تحاسب الحكومة وصدقت في ذلك بلا محاباة ولا (حب خشوم) و(رمي عقل) لانصلح حال البلد.

الخلاصة:

يا معارضة، يا ملح البلد اشلون نصلح الطعام إذا الملح فسد!