من منظور آخر

التقسيمات المجتمعية

27 سبتمبر 2021 10:00 م

- نعيش في عالم يسوده انعدام المساواة والعدالة... ما يجعل البعض من النساء أنفسهن يتبنين معايير ذكورية ويسلمن حياتهن واختياراتهن للهيمنة الذكورية

بالرغم من انتشار مطالبات النساء بحقوقهن، ومعرفة أعداد كبيرة بالحركة النسوية، لا يزال هناك الكثير من المغالطات حول ماهية تلك الحقوق، وعما إذا كانت المرأة اليوم ما زالت مضطهدة ولم تحصل على حقوقها الكاملة بعد، وذلك بسبب قلة وجود منصات تدعم المعرفة النسوية، وكذلك الخطابات والمجالات الإعلامية التي تهاجم أي محاولة للتغيير، ومحاولة خلق فجوة بين الحركة النسوية واستقرار المجتمع.

نحن نعيش في عالم يسوده انعدام المساواة والعدالة، ما يجعل البعض من النساء أنفسهن يتبنين معايير ذكورية، ويسلمن حياتهن واختياراتهن للهيمنة الذكورية، وإن كان ذلك سيقلل من قيمتهن، حتى يصل بهن الأمر إلى تصديق فكرة أنهن يحتللن المرتبة الثانية بعد الرجل، وهذا يرجع إلى سيطرة الفكر الذكوري على التنشئة التي خضعن لها، ابتداء من المنزل، إلى العمل، والمجتمع، وحتى الإعلام الذي غرس أفكاراً كثيرة بنظرة ذكورية على عقول الكثير.

التقسيمات والتمايزات في المجتمع، المبنية على الجنس، صارت أمراً طبيعياً، كما لو كانت مصالح جماعية بين المرأة والرجل، من خلال توزيع الأدوار على كل شخص بناء على جنسه، كالزواج مثلاً الذي يبنى على سيطرة الرجل وتبعية المرأة، وتبرير ذلك بالمصلحة المشتركة، وفرص العمل والرواتب التي يحصل عليها الرجل أكثر من المرأة، بغض النظر عن موقع المرأة من كل ذلك، بل المهم هو ضمان سلطة وامتيازات الرجل على حساب المرأة، وهذا ما يحدث في جميع الفئات الأقلية ليست المبنية على الجنس وحسب بل حتى المبنية على الطبقية والعرقية والدينية.

أي مطالبة من المرأة بحقوقها، سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، يبدأ من الخاص إلى العام، وهذا يعني أن يبدأ من البيت والزواج، أي داخل مؤسسة الأسرة، لأن أي محاولة لتعديل وضع المرأة، وإحلال المساواة بين الرجل والمرأة، إذا لم تصل إلى المجال الخاص، فسيكون الوضع العام صعباً وناقصاً.

يبدأ ذلك عندما تعي المرأة أنها ليست صفاً ثانياً، وإنما إنسان لا يقل عن الرجل، في القدرات والإمكانات والحقوق، أن يُسلب منها أي حق من حقوقها باسم الشرف والحرام، فهذا ظلم واضطهاد، فهي لها كامل الحرية في اختيار المجال الدراسي، والوظيفة، وشريك الحياة، كما لها الحرية في اختيار مظهرها الخارجي، وكل التفاصيل مهما قلت أهميتها لدى الكثير، إلا أنها مهمة كي يبدأ منها مساواتها بالرجل، وحقها بأن تكون إنساناً مستقلاً، تختار ما تريد، دون أن يكون هناك صراع نفسي واجتماعي يولد واقعاً من البؤس والتمييز بسبب الجنس لا أكثر.