روادها توافدوا عليها تسبقهم دموعهم متذكرين ثبات وعظمة سيد الشهداء
الحسينيات... اتشحت بالسواد وأحيت أول أيام عاشوراء
1 يناير 1970
09:51 م
| كتب عمر العلاس |
ارتدت الحسينيات اول من امس ثوب السواد في اولى ليالي شهر محرم الحرام الذي استشهد فيه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد شباب اهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام واهل بيته في كربلاء في العاشر من محرم الحرام.
واكتملت استعدادات الحسينيات في العالم اجمع لاستقبال المعزين الذين سيحيون مراسيم عاشوراء لهذا العام، والتي تستمر من بداية شهر محرم الحرام لغاية 20 صفر مرورا بيوم العاشر من شهر محرم، حيث تبلغ الذروة بذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام.
بدأت استعدادات كبيرة لاستقبال مناسبة عاشوراء وانتشرت اعلام الحداد على الحسينيات ومجالس ذكر آل البيت عليهم السلام، وتأتي اهمية الاحتفال بمناسبة عاشوراء من عظمة الحدث التاريخي الواقع وعظيم شخصية ابي الشهداء الامام الحسين عليه السلام فأبوه علي بن ابي طالب وامه فاطمة الزهراء واخوه الحسن المجتبى وجده رسول الله صلوات الله عليهم اجمعين.
وتناول خطيب المنبر الحسيني في حسينية معرفي الشيخ حبيب الكاظيمي في خطبته فلسفة وفضل اقامة المجالس الحسينية، مؤكدا ان فلسفة اقامة هذه المجالس التعرف على منهج القادة في هذه الحياة وترسيخ وزيادة الايمان والتقوى في القلوب.
وذكر الكــــاظيـــمي ان حضور تلك المجالس التـــي تشــــع ببركات آل البيت لها وقع في الصدور، مؤكدا على اهمية حضور المجالس وعدم الاكتفاء بمشاهدتها او الاستماع اليها عبر الفضائيات او وسائل الاعلام المختلفة، مبينا ان تلك المجالس محفوفة بالانوار الالهية.
واوضح «ان البكاء على مصائب آل البيت لا يبطل الصلاة لأن الدمعة هنا لله حيث البكاء على ولي قُتل مظلوما»، مضيفا «اننا لو جوبنا الارض شرقا وغربا للتعرف على حياة الأمم والشعوب وثقافتها ومدى المامها بدينها فلن نجد امة اكثر الماما بدينها وعقيدتها اكثر من المام مدرسة آل البيت بدينها وعقيدتها».
وأضاف «ان هذه المجالس ظاهرها اقامة العزاء لكن باطنها بيان منهج الحياة وفلسفة الحياة وبناء رصيد باطني علمي عاطفي ثقافي تجاه مدرسة آل البيت متابعاً «عندما أقول آل البيت لا اقصد فئة معينة من المسلمين لأن المسلمين فخرهم وشرفهم ان يكونوا من اتباع آل البيت».
وأشار الشيخ الكاظمي «ان في المجالس الحسينية دروساً جامعية لعامة الناس يمكن للانسان الا يستطيع الحصول عليها حتى في أرقى الجامعات العالمية، لافتاً «ان حضور المجالس الحسينية يمكن ان يتفرخ عنه خطيب حسيني بارع بمنزلة نصف عالم يمكن ان يقوم بدور العلماء في حال غيابهم في دول الغرب بركات النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
وتطرق الكاظمي الى ما ينبغي على مرتادي تلك المجالس العطرة فعله لتحقيق الاستفادة المرجوة، موضحاً «ان قبل أن يأتي الانسان الى المجالس عليه أن يفتح صدره وقبل الجلوس في المجالس عليه الاكثار من الاستغفار وان يكون ذهنه حاضراً لان النفوس المشوشة لا تستفيد من حضورها لتلك المجالس.
وتابع الكاظمي حديثه حول آلية انتقال المعلومات الى عقل وقلب الإنسان، مبيناً عظمة الخالق في خلقه، مؤكداً على أهمية انتقال المدرك من المعلومات الى عالم الفؤاد والعمل بما يقال.
وأوضح «ان المشكلة انه أحياناً قد لا تكون هناك همة أو عزيمة لتطبيق المعلومات التي تقال، الامر الذي يتحول معه الإنسان لمجرد حاسوب».
وتابع حديثه حول النقاط العملية في سيرة الامام الحسين عليه السلام مبيناً «انه المقتدى في تحويل عالم النظريات الى عالم الفعاليات وتطبيق تلك النظريات»، داعياً في نهاية حديثه الى أهمية الربط في كل الافعال التي يقوم بها الانسان بما جاء في كلام سيد الشهداء وأفعاله.
وأقامت الحسينية الجديدة مجلس عزاء الليلة الأولى من محرم لخطيب المنبر الحسيني الشيخ مرتضى البالدي الذي ألقى محاضرة بعنوان «الحسين هو خيرية الأمة ووسطيتها».
تساءل البالدي لماذا الإمام الحسين ولماذا أقيمت المجالس الحسينية؟
وقال ان الامام الحسين سبب الإمامة لأنه خيرية الأمة بما طرحه من أفكار «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله»، وان هذه الأمة أقيمت بالخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وان الامام الحسين سبب الوسطية والاعتدال، لأن الإمام الحسين أولدها، وان الأمة اصبحت خير الأمم بالامام الحسين لأنه رمز خيرية هذه الأمة.
وقال البالدي «ان صاحب المجمع البحريني في كتاب عاشوراء في حديث مناجاة موسى عليه السلام» قال: يا رب لم فضلت أمة محمد صلى الله عليه وآله على سائر الأمم؟ فقال الله تعالى فضلتهم لعشر، قال موسى وما تلك الخصال التي يعملونها حتى آمر بني اسرائيل يعملونها قال الله تعالى «الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والجمعة والجماعة والقرآن والعلم وعاشوراء».
وقال واعجباه لقد جعل الله تعالى عاشوراء في مصاف الصلاة والحج والجهاد والقرآن التي فضلت بها أمة الاسلام على الأمم الأخرى وهذا هو سر وعظمة عاشوراء وكونه من أيام الله.
ثم ان موسى عليه السلام سأل بعد ذلك «يارب وما عاشوراء؟» قال جل وعلا: البكاء والتباكي على سبط محمد صلى الله عليه وآله والمرثية والعزاء على مصيبة ولد المصطفى. يا موسى، وما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان بكى أو تباكى وتعزى على ولد المصطفى إلا وكانت له الجنة ثابتا فيها، وما من عبد أنفق من ماله في محبة ابن بنت نبيه طعاماً وغير ذلك كان معافى في الجنة وغفرت له ذنوبه».
وأوضح البالدي ما من رجل أو امرأة سالت قطرة من دموعها في عاشوراء فكتبت له بشهادة 1000 شهيد، لأن بيت أهل النبوة أعطونا فكرة علمية.
وتحدث البالدي عن خصائص عاشوراء حيث قال: عاشوراء لها خصائص هذه الأمة ووسطيتها لأنها شهر الاختبار، مبينا ان الإنسان عضو سالم أو غير سالم في عالم الوجود وهو الارتباط بالروح، وهي تمييز الإنسان السالم من غير السالم والعضو السالم مرتبط بالروح، مبينا ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روح عالم الوجود والرسول في 10 محرم يعتريه الهم والغم والحزن الشديد فإذا لم نتأثر له لم يكن الرابط بيننا وبين الروح، وهذا دليل على عدم سلامة الإنسان الذي لا يبكي في محرم، إن البكاء على الإمام الحسين أمر فطري لأن الرسول قال والذي لا ينطق عن الهوى: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً»، وقال «إن لولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد إلى يوم القيامة»، وقال «إن للحسين في بواطن المؤمنين معرفة مكتومة».
وأحيى مسجد الإمام الحسين (ع) أولى ليالي محرم الحرام بمشاركة الشيخ علي مدني الذي بين مدى أهمية الالتحاق بالإمام الحق وانعكاس ذلك على صفات التابع ما يعطيه ميزة التعامل الإنساني وجميع الصفات الحميدة التي يتصف بها المتبوع (أي الإمام).
وعن ذلك الأمر تحدث مدني عن وجود نوعين من المخلوقات (خلقية وأمرية) أما الخلقية فيكون تكوينها تدريجيا والأمرية التي ينتمي اليها الأنبياء والأئمة عليهم السلام فوجودها يكون بأمر واحد ودفعة واحدة ما يدل على أن هذه المجموعة يهدون الناس من خلال الروح وعالم الأمر، مشيراً إلى كيفية الاستفادة من هدايتهم من خلال توافر عاملين أحدهما حقيقة وجود هذا الامام والآخر وجود صلة الوصل التي تندرج ضمن التسليم والخضوع والاتباع، مؤكدا على هلاك الأمة في غياب الإمام وان ما من جماعة في الدنيا إلى يوم القيامة إلا ولها إمام مصداقا لقول الله تعالى (يوم ندعو كل أناس بإمامهم».
وقدم مدني نموذجين من الأمة أحدهما اختار إماما ظالما وجائرا ما يصنع أمة منافقة تضحي بالقرآن والحقيقة والحق لأجل هواه وشهوته، داعيا للنظر إلى الواقع قائلاً: شاهد من يقتل دون حدود وذنب ودون علم وحجة، أما الصنف الثاني فهم من اختار إمامه بناء على الحق ويخضعون لمسلكية إمامه ما يخلق إنسانا مختلفا يتصف بالرحمة ورقة القلب ويقدم روحه في سبيل الحق والقرآن وإمام زمانه كما تربطه علاقة مميزة مع الله تعالى يحرص على بقائها سرية حتى لا تدنس بالأهواء والعجب، موضحا معنى كلمة قدس سره التي تقال للعلماء وتعني العلاقة بينه وبين الله التي لا يعرفها أحد ولم يكشفها للناس.
وختم الشيخ علي مدني مجلسه متحدثا عن صاحب المصيبة التي يجتمع سنويا المؤمنون لإحيائها قائلاً ان الأئمة الأطهار عليهم السلام اعتبروا ان مصيبة الإمام الحسين سبب في كل مصيبة وأنها من أعظم المصائب.