من الخميس إلى الخميس

مجالس النساء

22 سبتمبر 2021 09:00 م

قريباً ستعود الحياة إلى طبيعتها بعد عاصفة كورونا، وستعود الجلسات الاجتماعية، وليالي السمر والعزومات، لا سيما مع تحسن الطقس، وطبعاً أكثر من يفرح باللقاءات الجماعية لدينا هن النساء، فالرجال بما يحيطهم من ضجيج أصبحت الوحدة لديهم هدفاً.

في الكويت، وربما في أغلب دولنا الخليجية والعربية عندما تلتقي النساء في جلسة سمر، فإننا نشاهد فصلاً مسرحياً ضمن أدب الفوضى، إنه وضع غريب يخلو من المنطق البشري، ومهما حاول الإنسان منا أن يصلحه أو أن يتجرأ ويحاول تغييره فسوف ينتهي به المطاف في الغالب إلی الفشل.

منذ طفولتي وأنا أستغرب مجالس النساء، أستمع إليهن في مناسبات عديدة، وتجمعات مختلفة فأجد في مجالسهن تشابهاً كبيراً بغض النظر عن اختلاف ثقافات من يحضرن تلك المجالس أو تنوع مستوياتهن.

في تلك المجالس، النساء الفضليات يتكلمن كلهن في الوقت نفسه، ويستمعن في وقت واحد، ليس هذا فحسب بل إن ما نعرفه من منطق الحوار هو لا شك بعيد عن تلك المجالس، وحتى نعلم الفرق بين منطق الحديث الذي نعرفه وبين ما يدور في مجالس النساء اليوم، تعالوا معي نتذكر أهم قواعد الحديث ونقارن بين تلك القواعد وبين ما يدور اليوم في مجالس نسائنا الكريمات.

القاعدة الأولی: عدم رفع الصوت، ما رأي النساء لدينا؟ ألا يتفقن معي أن مجالسهن لا تصبح ذات طعم إلا بعلو الأصوات وارتفاع نغماتها. القاعدة الثانية: الإنصات الجماعي للمتكلم، لكي تُطبق نساؤنا هذه القاعدة، فيجب أن نضع لاصقاً علی شفاههن جميعاً ونرفعه فقط عمن تتكلّم.

القاعدة الثالثة: التريث في الكلام، وهذا يعني إيقاف القطار الذي يتحرّك أمامهن، وفيه عزيز لديهن ويدفعهن إلی سرعة الحديث قبل أن يغادر القطار المحطة. القاعدة الرابعة: الإقبال علی الناطق بالوجه، وهذه ربما تكون القاعدة الوحيدة المطبقة عند نسائنا، فهن لا يَمللن من التطلع لوجه الناطقة رغبة منهن بمعرفة أسرار شبابها.

القاعدة الخامسة: تقديم الأكبر والعالم بالكلام، وهذه قاعدة مفقودة لدينا بل إن الجدات لدينا يشحذن الحديث، ولولا الحياء لتم منعهن من الكلام بحجة (حتی لا يتعبن)، أما المثقفات والعالمات فليس لهن أفضلية بسبب أن كل نسائنا مثقفات وعالمات طبعاً. القاعدة السادسة: عدم المقاطعة، قد تتحمل نساؤنا كل القواعد، وقد يُجبرن علی تطبيقها كلها إلا هذه القاعدة، فهي المستحيل الرابع بعد الغول والعنقاء والخِل الوفي.

القاعدة السابعة: عدم التناجي بين اثنتين في المجلس، وهذه القاعدة لو طبقتها النساء لدينا لحُلت بها الكثير من مشاكلنا الاجتماعية.

إن مجالس النساء لدينا بحاجة إلی ثقافة جديدة تبعد عنها الكثير من السلبيات، وتخلق فيها قيم ديننا الحنيف ما سينعكس إيجاباً علی مقومات مجتمعنا دون شك. ولأن المرأة هي مدرسة الأخلاق، فقد بدأتُ في نقد مجالسهن، فقعدات الرجال لا تخلو من السلبيات وإن اختلفت أنواعها، يا نساءنا إذا تكلمتن كلكن في الوقت نفسه فمن التي تستمع؟ بالطبع أنتن، يا للقدرة العجيبة!