أضواء

تحالف (أوكوس) هزّ مكانة فرنسا

21 سبتمبر 2021 10:00 م

خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من خلال استفتاء شعبي صوّت لصالح الخروج. كان البريطانيون مستائين من قيود الاتحاد وشروطه ومعاييره الكثيرة.

ضاق البريطانيون ذرعاً بتدفّق العمالة من أوروبا الشرقية إلى بلادهم وكانوا يتندّرون على شرط حجم البطاطا وشكلها كمعيار أوروبي لقبول محصول البطاطا في الأسواق الأوروبية! ناهيك عن كون البريطانيين يرون أنفسهم وباستعلاء سادة أوروبا فوق الفرنسيين والألمان، حيث ساهموا مع الأميركان في تحرير الفرنسيين وتخليص أوروبا من الاحتلال النازي.

لذلك ليس مستغرباً أن يقوم البريطانيون والأميركان بتجاهل عقد الغواصات الفرنسية المبرم في 2016 بين أستراليا وفرنسا، ودفع الأولى إلى فسخه وخسارة فرنسا 36.5 مليار دولار أميركي وإبرامهما عقداً جديداً (أوكوس) مع أستراليا لبناء غواصات نووية ذات تقنية عالية، تفوق الغواصات الفرنسية لمواجهة تنامي النفوذ العسكري الصيني في بحار جنوب شرق آسيا وأستراليا.

لا شك أن فسخ العقد الفرنسي هزّ مكانة فرنسا كدولة عظمى من حيث كونها لا تملك خياراً «عملياً» في محاسبة أستراليا التي تحظى بوقوف الأميركان والبريطانيين إلى جانبها.

هنا تظهر حقيقة ضعف النفوذ الفرنسي عندما يتعلّق الأمر بدول تتفوّق بنفوذها وقوّتها على الدولة الفرنسية على عكس الدول الضعيفة التي يمارس الفرنسيون نفوذهم عليها بكل جرأة ويتدخلون في شؤونها الداخلية ويطيحون برؤسائها الذين لا يحققون مصالح فرنسا كما حدث في تدخّل فرنسا في رواندا، ويحدث الآن في مالي، التي تعتبرها فرنسا مخزن وقودها النووي.

كل ما تستطيع فرنسا فعله عن فسخ العقد هو التنديد حيث اتهمت بريطانيا بالانتهازية وسحبت سفيريها من أستراليا والولايات المتحدة. كما اتهمت أستراليا بطعنها في الظهر.

تجاوزت الصفقة الثلاثية مسألة الغواصات إلى إعلان بايدن تحالفاً «دفاعياً» جديداً مع أستراليا وبريطانيا، دون أي اعتبار للاتحاد الأوروبي الذي تعتبر فرنسا أنها لاعب أساسي فيه، خاصة في المسائل العسكرية وهو ما يستدعي أن تعيد فرنسا تقدير حجمها كدولة عظمى أمام اللاعبين الكبار، الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين لم تشعرا بأي ذنب خاصة وأن المسألة تتعلّق بلعبة (المصالح المقدّسة) التي تعيها فرنسا جيداً، حيث غلبت كفة مصلحة أستراليا على مصلحة فرنسا وعلى حد قول رئيس الوزراء الأسترالي موريسون (يجب على أستراليا مثل أي دولة ذات سيادة أن تتخذ دائماً القرارات التي تصبّ في مصلحتنا السيادية فيما يتعلّق بالدفاع الوطني)، فعلام إذاً الغضب الفرنسي؟