خواطر صعلوك

رسالة إلى الرجل الصغير... جداً

19 سبتمبر 2021 09:10 م

لا أُحب المنافسات، ولا أشترك في مسابقات القصة القصيرة، أو أفضل مقال أو أجمل هراء... ولا أنافس الكُتاب في الصحف أو المنتديات، فقط استمتع بما أقوم به، دون الحاجة إلى أن أنافس أحداً سوى ذاتي.

وقد لاحظت في نفسي أنني لا أميل إلى الانتصار في المعاتبات بين الأصدقاء والجولات الكلامية والفكرية بين المثقفين، ولا أحب الدخول في المناظرات، ورغم إيماني بأفكاري إلا أنه لا مانع عندي من أن انهزم في نقاش طالما أن الود لا يُجرح.

حتى أولئك الذين عرفتهم في حياتي، وكنت أرى نظرات الحسد والغيرة في عيونهم، وعلى أطراف لسانهم وما تغرف به قلوبهم، كنت أخبرهم بطريقة أو بأخرى أنهم الأفضل وأن الأمر لا يستحق، لأنني في الحقيقة أدركت منذ زمن بعيد أن الأمر برمته لا يستحق.

أحد أصدقائي يقول لي «انت تمشي مع الناس، وتسمعهم ما يرغبون في سماعه، رغم أن قناعاتك غير ذلك»!

أخي يخبرني أن أجمل صفاتي هي أسوأها:

- لطفك المُبالغ فيه مع الجميع، حتى أولئك الذين لا يستحقون إلا اللطم.

عملت في التعليم والتنمية والتطوع والكتابة... وكنت ملحداً ثم شيعياً ثم سلفيا ثم إخوانياً... لم أكن أنافس أحداً وقتها، ولم اسع لذلك، وآمنت بمقولة كنت قد سمعتها من أحد الذين قابلتهم يوماً بشكل عابر وسريع عندما أخبرني:

- المنافسة الوحيدة التي تستحق أن يخوضها الإنسان الحكيم هي مع ذاته.

في ملابسي التي ارتديها، وسيارتي التي اتنقل بها، وهواتفي التي اشتريتها، وأحلامي التي رأيتها، وتربية أبنائي، ومع إخواني وأهلي وأحبابي... لم أشعر يوماً أنني في حاجة للمنافسة مع أحد، سوى ذاتي.

ورغم ذلك، فإن كل شيء حولك عزيزي القارئ يدعوك للمنافسة، والانتصار والوصول للقمة وحيداً، وأن تكون الرابح الوحيد ضمن محيط من الخاسرين.

السوشيال ميديا تدعوك للمنافسة، وبيئة العمل والسياسات العامة للدولة، ومنهجية تفكير القيادات والثقافة المجتمعية وعيادات التجميل وإعلانات الشوارع... الجميع مثل السردين، يسير كله في اتجاه واحد، ويقع كله في فخ واحد! عزيزي القارئ، لا تشعر بالقلق إذا ما اعتقد الناس أنك مختلف أو أن أسلوبك غريب، طيب زيادة عن اللزوم، أو ساذج مقارنة بمن حولك من الشُطار والعياريين والأذكياء، والقادرين على المساومات والمنافسات والمفاوضات... كن أنت في شكل تفردك وخبراتك وما علمتك الحياة، المهم تكون راضياً، والبقية تفاصيل... ولا تنسى أن تتنفس كلما سنحت لك الفرصة، وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

Moh1alatwan@