رؤية ورأي

المسيرة البرلمانية المغربية والكويت

15 سبتمبر 2021 10:00 م

شكّل وقاد حزب العدالة والتنمية، الحكومة في المملكة المغربية للمرّة الأولى، بعد فوزه بالمركز الأول في الانتخابات البرلمانية في العام 2011، وكان ذلك ابّان موجة الانتفاضات في المنطقة العربيّة.

وفي الانتخابات البرلمانية التالية، عام 2016، حلّ الحزب في المركز الأول للمرّة الثانية في تاريخه، فشكّل وقاد الحكومة لفترة إجمالية امتدت عشر سنوات.

الملفت في نتائج انتخابات 2016، أن عدد مقاعد الحزب في البرلمان زاد، بعكس التوقعات بانخفاض شعبيّة الحزب على خلفيّة قيادته ائتلافاً حكومياً مرّر قرارات عدة غير شعبية غير متسقة مع شعاراته وخطاباته الانتخابية.

بل حتى مرشحي الحزب الذين حملوا حقائب وزارية أعيد انتخابهم، بعد أن حُوّلت الأضواء الانتخابية من ساحة أداء الحكومة وإخفاقاتها إلى ساحة أمانة مرشحي الحزب الوزراء وعدم ارتباطهم بقضايا فساد.

ولكن في الانتخابات البرلمانية التي تلتها، التي نظّمت في نهاية الأسبوع الماضي، مُنيَ الحزب بهزيمة قاسية، حيث حصل على 13 مقعداً فقط، ولم يكن من بينهم سعدالدين العثماني، الأمين العام للحزب رئيس الحكومة السابقة، فأعلنت الأمانة العامة للحزب استقالة أعضائها وفي مقدمهم العثماني، ووصفت نتائج الانتخابات الأخيرة بأنها «غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس الخريطة السياسية في بلادنا ولا موقع الحزب ومكانته في المشهد السياسي».

بعيداً عن تبريرات الحزب، يرى المراقبون أن الأسباب الحقيقية لهذه الانتكاسة يمكن فرزها في مجموعتين: الأولى خلافات الحزب الداخلية، والثانية تناقض نوابه في البرلمان وفشل ممثليه في الحكومة.

حيث اتخذ الحزب - ذو المرجعية الإسلامية - مواقف منافية لمبادئه ولأفكار حاضنته الشعبية، في عدد من الملفات الجوهرية، كان من بينها السماح بتمرير قانون «فرنسة التعليم» الذي سمح بتدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية بدلاً من العربية، وإقرار قانون تقنين «الحشيش»، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل تعزيز موقف المغرب في قضية الصحراء الغربية.

والأهم أن الحزب الذين قاد الحكومة خلال دورتين برلمانيتين متتاليتين فشل في تحقيق وعوده الانتخابية التي بموجبها احتل المركز الأول في انتخابات 2011 و2016. فلم يقتلع الفساد ولم يعالج اللامساواة ولم يعزز التنمية، بل على العكس زادت نسبة البطالة وارتفعت معدلات الفقر.

كثرة العروض والوعود الانتخابية الخيالية، كانت علامة بارزة في الانتخابات الأخيرة، 2021. وكانت من بينها عروض من حزب العدالة والتنمية لا تنسجم مع تركة الحكومات التي قادها على مدى عشر سنوات متتالية.

فعلى سبيل المثال، وعد الحزب باستحداث أكثر من 160 ألف وظيفة سنوياً، والوصول إلى نصف المليون مقاول ذاتي (صاحب مشروع صغير أو متوسط)، فضلاً عن عروض أخرى لتحسين الاقتصاد ومستوى المعيشة.

علما بأن الحكومة التي ترأسها الحزب، عجزت عن معالجة أزمة 100 ألف معلم تم توظيفهم خلال الفترة 2016-2020 بموجب «عقود قابلة للتجديد»، وما زالوا يخوضون مسلسلاً متواصلاً من الاحتجاجات والمطالبات بإدماجهم ومساواتهم بزملائهم الذين سبقوهم في التوظيف.

في المقابل، حزب التجمع الوطني للأحرار الذي فاز بالمركز الأول في الانتخابات الأخيرة، كان متفوقاً على حزب العدالة والتنمية في عروضه الانتخابية، وكان من بين عروضه وعد للمعلمين بزيادة الحد الأدنى لأجورهم بنسبة 50 في المئة.

وهذا العرض تحديداً كان من بين الوعود التي استفزّت عبدالإله بنكيران - الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة من 2011 إلى 2016 - فانتقدها متسائلاً «من أين ستأتي بالمال لتنفّذ هذه الوعود؟».

المراد أن الشعوب التي تنتخب وفق الوعود الانتخابية من غير التدقيق في صلاحيتها وأهليّة مقدّميها، سوف تستمر في تغيير وتبديل نوابها وقوانينها ومكتسباتها على المديين القصير والمتوسّط، ولكنها سوف تبقى على المدى الطويل مراوحة في مكانها على أرضية متزعزعة كما هي الحالة في الكويت... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com