ربيع الكلمات

الإصلاح ضرورة... حتى ما تطيح الفاس بالراس

15 سبتمبر 2021 10:00 م

هل كنا نحتاج إلى جائحة مثل «كورونا»، حتى تبين لنا حجم المشاكل التي لدينا، فنفكر في تقليل نسب التموين من الأرز والسكر، أو بطاقة عافية والعلاج بالخارج؟ هل مثل هذا التفكير يجعلنا نطمئن على المستقبل وأننا قادرون على إيجاد الحلول؟

شيء عجيب حجم التفاوت الكبير في الرواتب بين موظفي الجهات الحكومية للتخصص نفسه نتيجة إقرار كوادر من دون دراسة أو الاستجابة للضغوط، فمثلاً تخصص مثل القانون لموظف حديث التعيين في إحدى المؤسسات المستقلة وبعض الجهات الحكومية يساوي ضعف راتب الوظيفة نفسها في بعض الوزارات...

ولعل الزيادات التي تمت آخر 10 سنوات لم تكن على أسس كافية، ومن كان له صوت عالٍ وهدد بالإضراب تمت زيادة رواتبه، بينما 45 في المئة من موظفي الدولة لم يستفيدوا من هذه الزيادات، ولقد كانت المرتبات قبل 10 سنوات تكلف الميزانية 3 مليارات دينار كويتي، أما الآن في 2021 فقد تجاوزت 12 مليار دينار، وذلك بسبب الكوادر التي تمت خلال السنوات الماضية.

ما يحصل اليوم من عجز في الميزانية وهذا التفاوت في الرواتب، يرجع لأسباب عدة، ولكن من أهمها ضعف الإدارة العامة، إضافة إلى السياسات الخاطئة، خصوصاً في الاستجابة للضغوط وعدم مواجهتها، فقد آن الأوان لتغيير هذا الأمر ولأن أغلب المواطنين من الشباب والأطفال وهم بحاجة إلى وظائف سيدخلون سوق العمل خلال السنوات المقبلة.

وهذه الأزمة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الاستثمار الحقيقي يكون في شباب وبنات الكويت، وشاهدنا التضحيات التي يبذلونها ومن دون مقابل وفي كل الميادين، سواء الصحية في الصفوف الأولى، أو الجمعيات التعاونية وفي مناطق الكويت كافة.

ويجب أن يكون هناك تغيير شامل على المستويات كافة وفي صنع القرارات. نحتاج تأسيس مرحلة عمل جديدة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والتوقف فوراً عن توزيع المناصب كهبات، وإنما يجب أن يتقدم لها المواطن الأكفأ، ولدينا قوانين وتشريعات ولوائح وإجراءات أظن أنها كافية لتساعد في ذلك.

العالم يتغير بصورة غير متوقعة، ولغة البرمجة هي التي ستكون غالبة في قادم الأيام. آن الأوان لتغيير فلسفة الابتعاث إلى الخارج للدراسة ويجب أن تكون وفق احتياجات سوق العمل، وأي تخصص غير مطلوب أو مرغوب في سوق العمل يجب التوقف فوراً عن ابتعاث شباب وبنات الكويت في هذا المجال.

كذلك نحتاج إلى أن نفكر بجدية أكبر في الاكتفاء الذاتي، سواء على مستوى الزراعة أو الصناعة، فلدينا العقول والإمكانيات الكافية في ذلك، ويجب حث الشباب وتشجيعهم على العمل الحر والمشاريع الصغيرة، وتعظيم دور الجمعيات التعاونية أكثر، حيث أثبتت قدرتها في أزمة «كورونا»، إضافة إلى شركة المطاحن الكويتية والشركة الكويتية للتموين، حيث إنهما جواهر كويتية، والقائمون عليهما يعملون بكل إخلاص وجهد...

ويقول الخبير الاقتصادي جاسم السعدون: «خطوات الإصلاح تبدأ من إطفاء حريق المالية العامة، عندما تتسلم دفّتها إدارة واعية لمخاطرها وقابلة للتضحية من أجل إنقاذ البلد، ثم استدامة المالية وخطوتها الأولى إطفاء حريق السيولة، ثم استدامة مصادر تمويلها، ثم الإصلاح الاقتصادي بعد خفض مخاطر السيولة وتأمين استدامة المالية العامة، مؤكداً أن كل ذلك لن يتحقق والإدارة العامة غائبة والبلد يعيش حقبة غير مسبوقة من الانسداد السياسي».