جودة الحياة

العلاقات الزوجية... ما السبيل للاستقرار؟

13 سبتمبر 2021 10:00 م

ليس نادراً هذه الأيام أن نصحو من نومنا على خبر مُفزع، كئيب، يتسرب إلينا عبر الوسائط الرقمية والسوشيال ميديا، التي تحمل على مدار اليوم ما لا حصر له من الأخبار عن حالات العنف الأسري كالضرب بين الأزواج وقتل الزوجات، إضافة لحالات الطلاق المتفاقمة التي تشهدها أروقة المحاكم، غير أن طبيعة التدفق الخبري المتعلق بأحوال الأسرة «ككيان اجتماعي» وما تتعرض له من مشاكل في الواقع ليست حكراً على مجتمعنا المحلي فحسب.

فالعنف الأسري أصبح من الظواهر العامة في الحياة العصرية للمجتمعات كافة، إذ لا يخلو سقف يضم زوجين من الخلافات والنقاشات التي تختلف درجة حدتها وطبيعتها، وبالتالي النتائج التي تؤثر على استقرار العلاقة الزوجية، وما يتبع ذلك بالضرورة من آثار على الأسرة بوصفها الكيان الأسمى الذي شرعه الله لاستمرار الحياة على ظهر كوكب الأرض.

ومن أجل حياة مستقرة ومزدهرة ولا أقول خالية من المشاكل، يتعين علينا أن نبدأ مشوار انتقاء شريك / شريكة الحياة بخطوات سليمة، متأنية ورزينة بالاختيار القائم على الفهم المشترك والتقارب في المستويات التعليمية والمادية والثقافية والفكرية... إلخ.

ويقيني أن الاختيار القائم على معطيات التقارب العاطفي والتماثل في المستويات المذكورة أعلاه من أهم أسباب نجاح العلاقة الزوجية واستقرار الحياة الأسرية، فهو الذي يمد الزوجين بالطاقة وقوة الاحتمال لتجاوز الخلافات وتباين وجهات النظر في إدارة أمور الحياة بتفاصيلها اليومية، فالزواج القائم على أُسس سليمة يؤهل الحياة الزوجية لتكون ناجحة أو على الأقل هادئة، غير أنه لا يمكنني بأي حال الادعاء أن ذلك يجعلها ترفرف بأجنحة السعادة لأنها عرضة باستمرار لمنغصات جديدة ومختلفة.

الزواج هو الإطار الشرعي للإنجاب في المجتمعات «الشرقية»، وثمة أهمية قصوى وجوهرية لاختيار الزوجة لشريك حياتها وبيتها الذي ستعمره في المستقبل بإنجاب الأطفال وتكوين العائلة، علماً أن مجتمعاتنا العربية مازالت ترزح تحت تأثير نزعات عائلية ومجتمعية طاغية، ونظرة سلبية تقلل من دور المرأة في اختيار شريك حياتها، فالفتاة في بعض المجتمعات العربية، وفي بعض الحالات لا تمنح حق الاعتراض أو حتى إبداء الرأي في ما تقرره الأسرة من قبول أو رفض للمتقدم، هذا التدخل المتدثر بثياب الحرص على مستقبل الفتاة من قبل الأسرة، الأب أو الأم على وجه التحديد سيجعل من الزواج مشروع تعاسة، مصدر شقاء دائم لطرفي العلاقة بما يناقض طبيعة الحياة الزوجية ومقاصدها «الشرعية»، فالأصل أنها سكن وسكينة وستر ورحمة يظللها الحب والمودة الذي هو إدراك واعٍ للحقوق والواجبات، وهو أيضاً تضحية وصبر وقناعة تتحدى في بعض الحالات فوارق الموقع والطبقة، لذا على المرأة والرجل على حد سواء أن يختارا شريكيهما بحكمة وتأنٍ بمعزل عن تأثيرات العائلة والمجتمع، وأن يدركا جيداً أهمية قرارهما والآثار المترتبة عليه كزوجة وكزوج أولاً، وكأم وأب ومربين وصناع للأجيال. من الرائع أن يختار كل من الرجل والمرأة شريك حياته، الذي ينمي بداخله الشعور بالحب، اللهفة، والمودة، فالزواج خطوة محورية في حياة كل رجل وامرأة، قد يهدي كل منهما للآخر حياة جديدة مليئة بالحب والأمل، وأن يكونا سنداً لبعضهما في جميع ظروفهما واحتياجاتهما، ويرزقان بأطفال يكللون حياتهما العائلية بالفرح والبهجة، وبالطبع لا ننسى دور العائلة «الأم والأب» في النصح والتوجيه والإرشاد، فالعائلة لها الدور الأعظم فإما أن تكون شريكاً أساسياً في مشروع سعادة أو العكس تماماً، والتي تكون نتيجتها الحتمية الطلاق والانفصال والخلافات والنزاعات داخل أروقة المحاكم والعنف والتشتت والتفتت الأسري، وهذا ما لا نريده أبداً، فالهدف هنا هو تجنب تلك النهايات والحد منها.

فالزواج مسيرة طويلة من الحياة المشتركة بين الرجل والمرأة التي ينبغي أن تحفها السعادة والأحداث الجميلة والمواقف الإنسانية.

Twitter: t_almutairi Instagram: t_almutairii Email: talmutairi@hotmail.com