«الحِمل الفيروسيّ» لدى المصابين به يفوق مثيله لدى مصابي السلالة الأصليّة بأضعاف!

المتحوّر «دلتا»... ما سر خطورته وانتشاره السريع؟

2 سبتمبر 2021 10:00 م

منذ أول ظهور للمتحور «دلتا» المنبثق عن فيروس كورونا المستجد في الهند في أواخر العام 2020، بات ذلك المتحور هو السائد في أغلب مناطق العالم.

وفي إطار سعي الباحثين إلى كشف السر وراء الانتشار الكبير لهذا للمتحور، اتضح أن السر يكمن في أن المصابين بـ«دلتا» ينتجون كمّاً من الفيروس أكبر بكثير ما ينتجه المصابون بفيروس كورونا الأصلي، ما يجعله سهلاً وسريع الانتشار إلى حد بعيد. وتشير التقديرات الحالية إلى أن قدرة المتحور «دلتا» على الانتشار تفوق قدرة سلالة الفيروس الأصليّة بأضعاف.

ولمعرفة السبب، تتبع عالِم الوبائيّات تشينغ لو - من مركز مقاطعة غوانجدونغ لمكافحة الأمراض والوقاية منها، ومقرّه مدينة غوانزو الصينية - 62 شخصاً أودِعوا الحجر الصحيّ بعد إصابتهم بمرض «كوفيد-19»، وكانوا بين أول المصابين بالمتحور «دلتا» في بر الصين الرئيسي.

عَمَد الفريق إلى تحليل «الحِمل الفيروسيّ» (وهو مقياس لكثافة جسيمات الفيروس في الجسم) لدى المشاركين في الدراسة بصفة يومية طوال مدة الإصابة؛ لمتابعة ما يطرأ عليه من تغيرّات بمرور الوقت، ثم قارن الباحثون أنماط العدوى لدى المشاركين بما يقابلها من أنماط العدوى لدى 63 شخصاً آخرين، كانوا قد أصيبوا بالسلالة الأصلية من فيروس كورونا في عام 2020.

في مسودة بحثية أوليّة صدرت في الثاني عشر من يوليو الماضي، سجل الباحثون أنهم تمكنوا من اكتشاف الفيروس لأول مرة لدى المصابين بالمتحور «دلتا» بعد أربعة أيام من التعرّض للعدوى، في مقابل مدة بلغَتْ في المتوسط ستة أيام في حالة المصابين بالسلالة الأصليّة، ما يشير إلى أن معدل التناسخ الفيروسي أعلى بكثير في حالة المتحور «دلتا»، كما تبيّن أن الأحمال الفيروسيّة لدى المصابين بالمتحور «دلتا» أعلى منها لدى المصابين بالسلالة الأصليّة بما يصل في بعض الحالات إلى 1260 ضِعفاً.

يرى بنجامين كاولينغ، عالِم الوبائيّات بجامعة هونغ كونغ، أن ثمة عاملَين قد يشكّلان تفسيراً منطقيّاً لارتفاع قابليّة المتحور «دلتا» للانتشار، وهما: زيادة أعداد الفيروسات التي تهاجم الجسم في حالة الإصابة بهذا المتحور، وقِصَر فترة حضانة الفيروس، وتابع قائلاً: إن مجرد وجود كميّة من الفيروس في المجرى التنفسيّ يعني احتمال حدوث انتشار فيروسي فائق، قد يَشمل مزيداً من الأشخاص، وإن نشر المصابين للفيروس ربما يحدث على نحو أسرع بعد إصابتهم بالفيروس.

كذلك فإن قِصَر فترة الحضانة يجعل تتبّع مخالطي المصابين أكثر صعوبة في دولة مثل الصين، حيث يطبق نظام منهجيّ لتتبّع المخالِطين، ويفرَض عليهم الحَجر الصحيّ، ويرى كاولينغ أنه إذا وَضَعْنا هذه المعطيات جنباً إلى جنب، تتبدى الصعوبة الكبيرة لإيقاف انتشار المتحور «دلتا».

وتتفق الدكتورة إيما هودكروفت -الباحثة في علم الجينات بجامعة بِيرن السويسرية - مع ما ذهب إليه كاولينغ من أن آليّة الانتشار تبدو منطقيّة، وهما يرجّحان أن التقديرات الدقيقة للفرق بين الأحمال الفيروسيّة للمتحور «دلتا» والسلالة الأصليّة سوف تشهد تغيّراً كبيراً مع اتجاه مزيد من العلماء إلى دراسة الفيروس في مجتمعات سكانية متنوعة.

وما زال هناك عدد من التساؤلات العالقة في شأن المتحور «دلتا»، لم يُعرف بعد، بما في ذلك: إذا كانت احتمالات التعرّض للأعراض الشديدة ترتفع في حال الإصابة بهذا المتحور مقارنة بالسلالة الأصليّة، ومدى قدرتها على مراوغة الجهاز المناعي.

وتتوقّع الدكتورة هودكروفت أن يتوصل الباحثون إلى إجابة عن بعض هذه التساؤلات بدراسة مجتمعات سكانيّة أكثر تنوعاً واتساعاً مصابة بالمتحور «دلتا» وغيره من متحورات الفيروس، مختتمة بالقول: «لقد أخذَنا المتحور دلتا على حين غِرّة».