اجتهادات

الحكومة و(الطوفة الهبيطة) !

21 أغسطس 2021 10:00 م

إجراءات تقشفية أعلنت عنها الحكومة الأسبوع الماضي، لمواجهة قلة السيولة والعجز المستمر في الميزانية العامة للدولة، بتوجيهات واضحة وصريحة لترشيد الدعوم عن المواطن الكويتي !

فالحكومة اليوم تواجه مخاطر جسيمة ومحتملة، بسبب اعتمادها منذ ظهور النفط عليه وحده، ومن دون تعب أو اجتهاد في توفير مصادر دخل مختلفة ومتنوعة، من حيث الحجم والقطاعات، حتى جاء اليوم الذي لم يعد فيه إنتاج النفط كافياً لمواجهة عجز الدولة إدارياً، قبل أن يكون مالياً من خلال إيجاد حلول مأمولة ومستدامة !

كنت قد ذكرت في مقال الأسبوع الماضي إنه وقبل سبعة أشهر - وبالتحديد في يناير من العام الجاري - عنونت الصحف المحلية مانشيتات بالبنط العريض جاءت على لسان رئيس الوزراء صباح الخالد، عندما قال أثناء مقابلته رؤساء تحرير الصحف المحلية إن: (المواطن معزز مكرم ولن يُمس جيبه، ونطمح لتقديم خدمات أفضل له وتلبية كل احتياجاته من دون منّ وأذى) !

صباح الخالد ومن خلال مجلس الوزراء - الذي يرأسه - قرر تكليف الهيئة العامة للقوى العاملة دراسة إمكانية وقف صرف دعم العمالة الوطنية للعاملين في القطاع الخاص، وذلك لمن يبلغ راتبه الإجمالي 3،000 دينار وما فوق ! فهل ما زلت يا رئيس الوزراء عند وعدك أن جيب المواطن لن يُمس، أم أن كلام الليل يمحوه النهار؟! أو أنك تريد أن توصل رسالة للشعب الكويتي مفادها (لا تصدقوني) !

هذا السلوك لا يمكن أن يصدر إلا من أشخاص عاجزين عن حل هذه المشكلة، ولأن مصير العاجز الفشل والفاشل في الغالب لا يرمي الخطأ إلا على غيره، لذلك قرروا وبكل برودة أعصاب أن يتحمل المواطن أخطاء سنوات وسنوات من سوء الإدارة والفشل الحكومي في إدارة مقدرات الدولة وثرواتها، بينما يستمرون هم في مناصبهم معززين مكرمين !

سنوات عديدة والحكومة تدفع الشباب الكويتي للعمل في القطاع الخاص، و«تطنطن» ببرامجها ووسائلها الإعلامية من خلال حملات تسويقية لتشجيع القطاع الخاص ودعم من يعمل فيه، حتى جاء اليوم الذي انقلبت فيه الحكومة على نفسها وعلى شعاراتها !

أتساءل ما ذنب الكويتي الذي عمل في القطاع الخاص وتفوق فيه، ووصل راتبه إلى السقف الذي حددته الحكومة، وهل جزاء تفوقه أن يتم حرمانه من دعم العمالة ؟ ألا تعلم الحكومة أن رب الأسرة العامل في القطاع الخاص قد كيف مصاريفه هو وأسرته بناء على ما يتقاضاه من راتب شهري شاملاً دعم العمالة ؟ وهل تعلم الحكومة أن نحو 20 إلى 25 في المئة من راتب الموظف سينقص بسبب هذا الإجراء؟ وهل تعلم الحكومة، أن الموظف قد رتب التزاماته المالية والبنكية وقروضه بناء على مدخوله الشهري، وأن أي تقليص له يعني عجزه عن سداد تلك القروض؟ وهل تعلم أن هذا الإجراء قد يساعد على الهجرة العكسية للعمل في القطاع الحكومي، المتخم بالموظفين ممن لا حاجة لهم ؟

الشاهد في الموضوع، أن الحكومة تعلم كل ذلك، ولكن رغم ذلك، أبت إلا أن يكون المواطن الكويتي هو (الطوفة الهبيطة) الذي ترمي عليه فشلها الذريع ! والله من وراء القصد !