نبي رئيس تنفيذي... ما نبي محاسب ولا وزير

18 أغسطس 2021 10:00 م

لستُ خبيراً اقتصادياً، ولا يمكن أن أقحم نفسي في عالم المال والأعمال، لأنني لست من هذا العالم أصلاً، وبالتالي لا أصلح مفتياً فيه.

ولكنني أزعم أنني قادر على تقييم الإجراءات التقشفية التي أعلنت عنها الحكومة لمواجهة التردي الاقتصادي الحادث حالياً، وآثار أزمة كورونا التي ألقت بظِلالها على البلاد والعباد.

لقد لجأت الحكومة إلى الأسلوب الأسهل والأكثر تقليدية، والذي لا يحقق أي قفزة، ولكنه أسلوب يلجأ إليه عادة محاسب بسيط غير مبدع في مواجهة المشاكل التي تعترض ميزانيته السنوية. فتراه يركز على بندين أساسيين، المصروفات والإيرادات، ويحاول أن يخفض هنا وهناك أي أرقام تكفل له التوازن وتغطية العجز المحتمل، و... بس!

ولكن هذا الأسلوب، الذي ربما يصلح لـ «تقفيل» الميزانية ورقياً في شركة انعدم لدى إدارتها الطموح، لا يصنع إصلاحاً اقتصادياً، ولا يحقق قفزات مأمولة، ولا يغيّر دفة الاتجاه الاقتصادي، بل هو أسلوب تأجيل لمواجهة المشكلة الحقيقية، وغالباً سيؤدي إلى تفاقمها على أرض الواقع بما يعقد محاولات إيجاد الحلول المستقبلية لها.

ما نحتاجه اليوم هو إحداث انقلاب اقتصادي وإيجاد بيئة جاذبة للأعمال ورؤوس الأموال وتطويراً للعقلية البيروقراطية بما يفتح آفاق الإبداع والابتكار وصناعة الفرص.

لكن ما يحدث اليوم، هو مسمار جديد تدقه البيروقراطية الجامدة في نعش الاقتصاد والقطاع الخاص، وتحطيم جديد لأكذوبة (هدّه خلّه يتحدى)، وكشف تسلل لكل الدعوات السابقة إلى الابتعاد عن العمل الحكومي والاتجاه إلى القطاع الخاص، وخلق لهجرة عكسية ونزوح جماعي إلى أحضان الوظيفة الحكومية والبطالة المقنعة.

الكويت اليوم لا تحتاج إلى محاسب ذي فكر ترقيعي، ولا إلى وزير مالية همّه الميزانية، بل نحتاج إلى (رئيس تنفيذي) قادر على صنع الفارق بوضع خطة إنقاذ اقتصادي وإصلاح شمولي، رئيس تنفيذي يعرض لنا خطته الزمنية ويعرف أين نقف اليوم، وأين سنقف غداً، وأين سنصل بعد غد.

وهذا ليس تنظيراً، وليس صعباً على بلد هو رائد فكرة الصناديق السيادية في العالم كله، لكنه بمبدعيه اليوم محبوس خلف قضبان البيروقراطية الكلاسيكية القاتلة.