من منظور آخر

هل النسوية في صراع مع الرجل؟

15 أغسطس 2021 10:00 م

رغم شعبية مصطلح النسوية في دول الخليج، إلا أنه لا يزال في صراع حول مفهومه، وسبب نشأته، فيحاول الإعلام أن يصور معتنقي تلك الحركة بأنهم يكرهون الذكور ووجدوا كي يخلقوا معركة ما بين الجنسين.

لا أحد ينكر وجود ممارسات عديدة تخلق التمييز ضد المرأة، نراها في حياتنا اليومية، وفي قوانين وتشريعات الدول، لكن ما ينكره البعض هو مشروعية التمييز، كما لو أن هذا التمييز أمر طبيعي بسبب الطبيعة البيولوجية للجنسين، فنسمع أن المرأة خلقت للبيت والرجل للعمل، حيث يمكنه العمل بكل المهن نظراً لبنيته الأقوى، وأن المرأة عليها أن تبحث عن الستر والزواج.

هناك الكثير من الموروثات الاجتماعية التي ساعدت على هذا التمييز، بل وأصبحت من التابوهات التي يصعب كسرها، لذلك تقوم الحركة النسوية على نقد وتحليل وتفكيك تلك الموروثات التي تتمركز حول الرجل وتعطي له القوة والسلطة.

قد يتساءل البعض عن ماهية الفكر الذكوري؟ ولماذا تطرحه النسويات بشكل دائم؟ في البداية علينا أن نعرف جيداً أن الفكر الذكوري لا يعني جنس الذكر بل فكر يتبناه كل من المرأة والرجل، هو فكر لا إنساني يضع الرجل في مرتبة أعلى من المرأة ويحق له أن يتدخل في أي شيء يخص المرأة، ويحق له ما لا يحق للمرأة، فكر لا يعتبر المرأة إنساناً بل جزء من ممتلكات الرجل وهي مخلوق أقل وهي سبب الشرور والفتن، كائن مخصص لخدمة الرجل ويجب أن تكون تحت وصايته لأنها ليست كامل الأهلية.

هل مجموعة من الرجال هم من نشروا الفكر الذكوري؟ لا، بل لها مؤسسات ومناهج تعليمية، ورؤساء وقوانين وتشريعات، والكثير من الانتهاكات والجرائم وسياسات قومية تحدث بحق النساء.

لا يمارس الفكر الذكوري من قبل الرجل فقط بل أيضاً حتى من النساء الملقبات بالنساء الذكوريات، المرأة الذكورية تشعر بأنها أقل من الرجل ويجب أن تكون تحت وصايته وتحتاج حمايته ولا تستطيع الحياة دون رجل، وتستخدم الألقاب الذكورية مثل شريفة، عفيفة، ناقصة عقل، عانس وغيرها الكثير، كما تروج على أن المرأة غبية أي أحد يمكن أن يخدعها، وهي غير قادرة على أي شيء ولو خرجت لوحدها فإنها سترتكب الفواحش وقابلة للضياع، وليست حكيمة كما الرجل.

الفكر الذكوري لا يؤثر على حياة المرأة فقط، بل حتى على الرجل نفسه، حيث إنه يفقد إنسانيته مع مرور الوقت، عندما يشعر بأنه أعلى مرتبة من المرأة، ولديه صلاحيات على المستوى المؤسساتي وتختلف من دولة إلى أخرى، ومنها قوانين تزوج المغتصبة من المغتصب بموافقة ولي الأمر، وقتلها باسم الشرف، وتزويجها دون موافقتها ولو كانت قاصراً.

الفكر الذكوري يهدم العلاقات الأخوية، فيعتقد الرجل بأن علاقته بأخته أو ابنته لا تأخذ شكلاً آخر سوى السيطرة، مسيطر وخاضع، فيتلاشى الحب والود ليحل محله العنف والضرب والحبس والتهديد، فيفشل حتى في الزواج عندما يكبر، لأنه لا يعرف شكلاً آخر للعلاقة بين المرأة والرجل، كما أن الفكر الذكوري يؤخر الدولة في التنمية، حيث إن منع النساء من الحياة الطبيعية، الدراسة والوظيفة وغيرها، يفقد الدول كماً هائلاً من العقول والأيدي العاملة والإبداع والتنمية.