اجماع الكتل النيابية والإعلاميين وعامة الشعب على ان استجواب الوزيرة الصبيح كان استجواباً راقياً خلا من التجريح الشخصي والشتم والطعن في النيات، وهو ما نشكر عليه النائب الفاضل الدكتور سعد الشريع وكذلك الاستاذة نورية الصبيح، ولا نريد أن ندخل في نيات مقدمي طلب طرح الثقة، فالقضية وإن كانت تدخل في الجوانب الإنسانية لكن لا شك أن لها جانباً سياسياً يحكم تحرك الكتل والأفراد.
ولعل هنالك بعض الجوانب التي يجب الاشادة بها وجوانب تتطلب نقداً على بعض الممارسات منها:
أولاً: من الجوانب الايجابية هو رقي الطرح والاستدلالات الكثيرة من المستجوب والوزيرة، بدلاً من الأسلوب الإنشائي الذي يحكم كثيراً من الاستجوابات، وانعدام الأدلة.
ثانياً: كذلك فإن عدم اتفاق أفراد الكتل على تأييد الاستجواب او رفضه في تصوري هي ناحية ايجابية، فالأصل هو قناعة كل عضو في تلك القضايا، والتكتلات ليست احزاباً تلزم افرادها برأي معين حتى ولو خالف توجهاتها، لذا فإن التكتل الشعبي قد كبر في عيني في موقفه من اسقاط القروض ومن الاستجواب اذ لم تحكمه العصبية المطلقة.
ثالثاً: امتناع الدكتور الشريع عن عرض الأفلام والصور كان في مكانه، فالنواب أكثر نضجاً وادراكاً للأمور من ان يزيد عرض الأفلام في قناعاتهم الشخصية، كما ان التمادي في استخدام تلك الوسائل يفقد الاستجوابات معناها وكأنما هي حفلة زار يطرب بها القوم ويصلون إلى درجة النشوة قبل اتخاذ قراراتهم.
رابعاً: أثبت الاستجواب ان قوة حجة الوزير ونظافته لها دور كبير في توجيه الاستجواب وقناعة الناس، لذا فإن اختيار الحكومة لوزراء اقوياء متمرسين وفي مجال تخصصهم هو أهم وسيلة لضمان نجاح الحكومة وتحصينها من المثالب أمام الشعب ونوابه.
خامساً: أما مساوئ الاستجواب فتتمثل في التوظيف الديني الخاطئ في سبيل كسب التأييد من الناس، فمن الخطأ تصوير الآخر بأنه قد انتهك حرمات الدين او أتى بمحظور لا يمكن التساهل فيه بمجرد أنه اجتهد في موضوع متعلق بالدين او التدين ثم جانبه الصواب، وحتى لا نصور للآخرين وكأننا فريقان متصارعان حول الدين واحترامه.
سادساً: كذلك فإن كشف الكثير من ملفات الاشخاص المستورين بحجة تعزيز الحجة ودحض الخصم يجرد مجتمعنا من ثوب الستر والحياء، وتصور بأن تجد اسمك مكتوباً على شاشة المجلس مع اتهامك بأمور لم تفعلها، أو قد فعلتها ثم اعتذرت منها أو نلت عقابك عليها، ماذا سيكون شعورك وشعور اسرتك وأصدقائك ممن يكنون لك الاحترام والتقدير؟.
سابعاً: ما كان ينبغي اخراج طالبات المدارس الخاصة من مدارسهن لحشد التأييد للوزيرة فهي ليست معركة بين الوزيرة والمجلس كذلك فإن تصوير البعض للقضية بأنها معركة ضد المرأة هو تصوير خاطئ، او تصويرها كمعركة بين الإسلاميين والليبراليين او المناطق الخارجية والمناطق الداخلية، فالذين دافعوا عن الوزيرة او رفضوا الوقوف في صفوف المستجوبين هم من الإسلاميين ومن المناطق الخارجية.
المهم هو أن التصرف المقبل للمجلس من ناحية طرح الثقة والاستجوابات الأخرى سيكون له الأثر البالغ على الاستفادة من آثار هذا الاستجواب ودفع عجلة المجلس إلى الأمام او إلى الوراء.
د. وائل الحساوي
[email protected]