رأي قلمي

افتخر وتباهى...!

24 يوليو 2021 10:00 م

لا يخفى على أحدٍ منّا أنّ الإسلام هو كلمة الله الأخيرة لأهل الأرض جميعاً، فهو يتسع للإنسان عبر امتدادات الزمان والمكان والظروف والخصوصيات.

وشمولية الرسالة وختمها تعني أن الإسلام صاغ الإنسان على نحو عالمي عام، صياغة تجعله قادراً على إعمار الأرض وإبقائها صالحة للعيش، كما يجعله يبني علاقاته، ويضبط تحركاته وفق منهج رباني.

في الحقيقة ليس هناك مقاييس لتوصيف المواطن الصالح، وحين قام بعض الغربيين ببعض الدراسات حول الوضعية التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان المتحضر أو المواطن الصالح، حددوا تلك الوضعية من خلال الفلسفة المادية وأدبياتها. والغربيون يعنون دائماً بالجوانب المادية للحياة والإنسان، ويهملون ما يتعلّق بجانب التقوى والتربية الأخلاقية وتأصيل حس الانتماء إلى العبودية لرب واحد.

الإنسان كي يبقى على شيء من حيويته يحتاج أن يعيش بين مجموعة من التناقضات، وهذه التناقضات تمثل الفجوة الفاصلة بين الموجود والمطلوب، فحين يكون المطلوب أكبر من الموجود فإن الإنسان يستخدم قواه المختلفة لجعل الموجود يفي بالمطلوب بطريقة ما.

والصراع من أجل تحقيق هدف سامٍ يعني وجود مسوغات للوجود، والصراع الدائم من أجل تحقيق أهداف يجعل الإنسان صادقاً مع نفسه، بل إنه لا يجد نفسه ولا يحس بفعاليته الداخلية إلّا من خلاله.

ولنجاح ذلك الصراع في تحقيق أغراضه لا بد أن تكون حركة الإنسان اليومية عبارة عن انشغال مثمر لطاقاته الداخلية واستجابة لكينونته الذاتية، وهنا يشعر الإنسان أن ذلك الصراع يلبي أشواقه الروحية والاستمرار الأبدي، أي أن تكون أهداف صراعه غير قابلة للنفاد والاستنزاف مهما طال الزمن، وعظم العمل في سبيل تحقيقها.

ونعتقد أنه لا يمكن أن تتحقق الأهداف إلا من خلال العبودية لرب العالمين.

وهذا المشروع العظيم يستغرق الحياة كلها، ولكن المشكلة أن كثيراً من المسلمين انحسر لديهم مفهوم العبادة ليقتصر على بعض الشعائر، والبعض لم يحسن توزيع أنشطته بشكل جيد على كل جوانب مشروعه، ومنهم من فقد الفاعلية المطلوبة لتجسيد المبادئ في واقع ملموس.

ولكن في الحقيقة أن المسلم هو الإنسان الوحيد القادر اليوم على الانشغال بمشروع عظيم متناسق مع معتقده ورؤيته الكونية. افتخر أيها المسلم وتباهى بما فضّلك الله - سبحانه وتعالى - على بقية العالَمين.

M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib