قبل الجراحة

قصة قصيرة

17 يوليو 2021 10:00 م

هناك تدرّج في طرح الأمور... فمن أكثر الوظائف التي اشتهرت بتسلسل طرح الأمور هي الجهات العسكرية... في السابق كان هناك بعض التسلسل في النقد والشكوى، خصوصاً النقد الموجه إلى الوزارات... أما إذا تابعنا أمرنا الحالي، فإن الوضع اختلف كثيراً... فمعظم الكتاب والنقاد أصبح يوجّه كلامه ونقده للوزير مباشرة، والعديد من الكتاب لديه المقدرة على مخاطبة رئيس مجلس الوزراء مباشرة، في أمور من اختصاصات مدير إدارة صغيرة في أي وزارة... هذا بالنسبة للكتاب الصحافيين... أما مواقع التواصل الاجتماعي، فالمجال اليوم لا يسمح للحديث عنها.

إننا أصبحنا بحاجة إلى تسلسل واضح للمسؤوليات... على سبيل المثال إذا كان هناك مطب في شارع ولم يصبغ لمدة أكثر من أسبوع، وأدى عدم صبغه إلى العديد من الحوادث... فنحن لسنا بحاجة لتوجيه رسالة إلى وزير الأشغال... إنما هناك شخص الجميع يعرف اسمه مسؤول عن المطبات، يوجه له الكلام مباشرة من دون الحاجة لتوجيه الكلام لوزير الأشغال أو رئيس مجلس الوزراء.

وهذا الشخص المسؤول - الذي سيوجّه له النقد - إن كان تم تعيينه عن طريق نواب المجلس فإننا بحاجة لانتقاده وتبيان تقصيره في العمل خمسة آلاف مرة في السنة ليوجّه له لفت نظر... فمن سعى في تعيينه على استعداد لاستجواب رئيس الوزراء، إن عوقب بخصم يوم واحد من راتبه، بسبب تقصيره المستمر أو عدم إلمامه بالعمل... أما إن كان المسؤول قد نزل بالباراشوت على المنصب بسبب علاقاته الأسرية والتجارية، فإننا بحاجة لانتقاده وتبيان التقصير بعمله ثلاثة آلاف مرة فقط لا غير... بعدها يمكن أن يوجّه له لفت نظر... وإن تم تغييره فابن عمه أو ابن خالته جاهز لأخذ المنصب...!

أما إن كان من يتم انتقاده من الحالات النادرة... قد وصل لمنصبه بجهده وتعبه وإخلاصه في العمل... فهو ليس بحاجة لأن يتم انتقاده إنما بحاجة للتلميح فقط... ليحوّل بعدها إلى التحقيق الإداري والخصم والتهديد بالطرد من الوظيفة... أما إن تم انتقاد عمله وتبيان تقصيره غير المتعمد، فالعقوبة قد تصل إلى الإعدام... فالمنصب الذي يشغله يعتبر سلعة جميع المتنفذين في انتظار أن يفتح المزاد عليها.

لهذه الأسباب وغيرها أصبح غالبية الكتاب في الصحف، يوجه كلامه إلى الوزير المسؤول ولرئيس مجلس الوزراء مباشرة... كل عام والجميع بخير وصحة وراحة بال... وحفظكم الله من كل شر ووباء... عيدكم مبارك.