خواطر صعلوك

مناضل وشريف وحر...!

6 يوليو 2021 10:00 م

هناك اعتقاد لدى بعض الممارسين للشأن السياسي في الكويت، وبعض الممارسين للشأن الثقافي أنه يجوز لهم إهانة الفكرة، طالما أنها ليست على هواهم، وتخوين الناس طالما أنهم ليسوا على ملتهم السياسية.

الوضع كالتالي... إما نُطبّل لبعضنا البعض إذا كانت أفكارنا متشابهة وعلى خط سياسي واحد ونُهدي بعضنا ألقاباً سياسية لم يُنزل بها سلطان من قبل في قاموس السياسة الكويتية مثل «والله إنك مناضل وشريف وحر»، وهي ألقاب لم تكن في المجال التداولي السياسي قبل الربيع العربي.

وإما أن نُخوّن من يختلف معنا في الفكرة، ونهين فكرته ونسخر منها، ونتهمه بأبشع التهم ونقول فيه أسوأ الألفاظ. وهي موجة وجد فيها كثير من الشباب ضالته، خصوصاً الذين دخلوا المجال السياسي بعد الربيع العربي، وأولئك الذين كانت طباعهم أصلاً في الحياة أحادية وذات بُعد واحد، نفوس متعصبة تتحلّى بمصطلحات مدنية والحق في إبداء الرأي!

هناك حالة من التعصب الأعمى تسيطر على الخطاب، نتيجتها أشبه بنهاية تلك القصة التي رواها ألبير كامو في رواية الغريب، وهي قصة تنقصها البداية تحكي قصة رجل تشيكوسلوفاكي غادر قريته من أجل العمل وطلباً للغنى، وبعد خمس وعشرين سنة عاد وقد صار غنياً ومعه زوجته وابنه، وكانت أمه وأخته تديران فندقاً صغيراً في قريته الأصلية.

وحتى يفاجئهما ترك زوجته وابنه في مبنى آخر، وذهب هو للفندق لكي يفاجئ أمه التي لم تتعرف عليه، ومن أجل الدعابة فكر أن يحجز غرفة ثم أخرج مجموعة كبيرة من النقود، وفي المساء قتلته أمّه وأخته بضربات مطرقة حتى تسرقاه، ثم رمتا جثته في النهر، وإذ طلع الصباح أتت زوجته وكشفت عن هوية المسافر من دون أن تدري... فشنقت الأم نفسها بينما ألقت الأخت بنفسها في بئر.

إنني أخوف ما أخافه على الكويت بعد سنوات من الآن، ذلك الخطاب المتداول بين المهتمين بالشأن السياسي، وهو خطاب تسفيه الجميع وتخوين للناس، لا يحمل في مضامينه المروءة واحترام الذات أو الآخر، ممارسات تشبه ممارسة الأم والأخت في قصة التشيكوسلوفاكي، وهي إقصاء جاهل لكل مُختلف أو غريب.

فلربما نجد من يبرر ما كان يفعله من تخوين قائلاً: «والله كل اللي سويته كان علشان الكويت»!

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

@Moh1alatwan