ملف / أزمة «الإزالات» خارج التغطية... ورقم البلدية المطلوب لا يمكن الاتصال به حالياً

... على رأس من تقع «أبراج الاتصالات»؟

1 يناير 1970 02:16 م
| كتبت كارولين أسمر |

منذ بضعة أيام خلت، كان أحد كبار المسؤولين في الدولة يقوم بزيارة رسمية الى نيويورك، وفي خضم الاجتماعات و«عجقة» اللقاءات حاول الاتصال بالكويت لانجاز أمر ما، الا أن الاتصال كان أكثر من صعب اذا لم نقل مستحيلاً، مما اضطره للاتصال بالجهات المعنية بقطاع الاتصالات في الكويت للاستفسار عن السبب وراء هذا الاتصال المستحيل الذي بدا وكأنه يتم في نهاية القرن التاسع عشر بعد عدة أشهر من اكتشاف «غراهام بل» للهاتف.

قبل أن يعود المسؤول إلى الكويت، لم تكن الشبكات الأرضية أو النقالة قد تحسنت، بل إن تطوراً وحيداً حصل من جانب البلدية، التي حركت فرق الإزالة «لتحطيم» الأبراج المخالفة.

ومع تحطيم كل برج إضافي ينكشف جزء من التعقيد في مشكلة القطاع، فما المشكلة؟

في البلاد ادعاءان يفسران مشكلة قطاع الاتصالات، أحدهما أن الشركات «الخاصة» الثلاث المشغلة لشبكات الهاتف النقال لا تراعي القانون وتنصب الأبراج في المناطق المخالفة، والآخر أن القطاع الحكومي بليد وروتيني وعاجز عن مواكبة الانفجار المعلوماتي في عصر المعلومات.

إذا أراد أحد ما تصديق الزعم الأول، فعليه أن يعرف ابتداء كيف يمكن لشركة الاتصالات أن تحصل على ترخيص لبرج واحد من أصل نحو 500 برج تحتاج الشركات إلى تركيبها عاجلاً، ليعرف تالياً كيف كان بإمكان «فيفا» أن تنطلق بتغطية مقبولة لمناطق الكويت المأهولة إذا قررت الالتزام بالقانون 100 في المئة.



يتطلب الحصول على ترخيص اقامة برج الاتصالات الواحد على أملاك الدولة، موافقة 19 جهة مختلفة، مع ما يتطلب ذلك من مجهود ووقت، وهي عملية طويلة وتصطدم بالعديد من الاجراءات المطولة تتضمن موافقات لا «معنى لها» في أكثر الاحيان ولا يمكن أن نصفها سوى أنها معوقات لا معنى لها وضعت لتأخير صدور الموافقة على انشاء البرج لا أكثر. في حين أن الدورة السندية لتخصيص مواقع على مرافق حكومية وغير حكومية تقتصر على الموافقة بين مالك العقار والشركة بعد الحصول على موافقة الطيران المدني وشهادة وزارة الصحة.

ونتيجة لتلك التعقيدات، بات من الصعب الحصول على الموافقة على طلبات الترخيص وذلك منذ عدة سنوات، على الرغم من التطورات الهائلة التي حصلت منذ ذلك الوقت، سواء لجهة التطورات التقنية التي تتطلب تغطية أقوى أو لجهة دخول مشغل ثالث، أو لجهة النمو السكاني وما يرافقه من زيادة في أعداد المستخدمين.

وفي الوقت الذي تتسابق فيه الدول النامية في زيادة سرعة الاتصالات ونقل البيانات، تتحرك فرق الإزالة لتدمر أبراج الاتصالات في الكويت، على الرغم من أن السبل مغلقة في وجه الترخيص لأي برج منذ سنوات عديدة.

التعاطي الحكومي مع ملف الاتصالات يعكس استمراراً للنظرة الضيقة، التي لا ترى فيه إلا مصالح خاصة لشركات خاصة، لا قطاعاً حيوياً يشكل مدماكا رئيسيا في البنى التحتية الضرورية لأي دولة تسعى لأن يكون لديها حضور سياسي واقتصادي قوي ولأن تتحول الى مركز مالي ينافس المراكز الاخرى في الخليج.

فقد عمدت بلدية الكويت وجهات حكومية خلال الفترة الاخيرة الى ازالة أبراج ومحطات التقوية الخاصة بشركات الاتصالات تطبيقاً للقانون ولازالة التعديات على أملاك الدولة، من بعض المناطق السكنية والتجارية في بعض المحافظات والمناطق.

الا أن هذه العملية تطرح الكثير من التساؤلات، فحتى لو كان صحيحاً أن إزالات البلدية تأتي تطبيقاً للقانون، فان هذه الازالة تؤثر ومن الناحية التقنية على ترابط شبكات الاتصالات بعضها ببعض ومع شبكة الخطوط الارضية والدليل أن المستخدمين يعانون منذ نحو ثلاثة أشهر تقريباً من سوء الخدمة والاتصالات المتقطعة الدائمة.

ولا بد من الاشارة الى التفريق الواجب بين ازالة الديوانيات المتعدية على أملاك الدولة التي تبقى مسألة خاصة بكل صاحب ديوانية، بخلاف أبراج شركات الاتصالات التي تندرج في خانة الخدمة العامة والتي يجب النظر بأمر ازالتها بطريقة مختلفة.

كما أن القانون رقم 26 لسنة 1996 الخاص بتأسيس شركات خدمات الاتصالات اللاسلكية، نص في المادة الثانية منه على أن الشركات تخضع في عملها ونشاطها لاشراف وزارة المواصلات التي «تقوم بتقديم التسهيلات الفنية الممكنة اللازمة لأداء خدمات هذه الشركات، وكذلك بتخصيص الترددات في نفس الحزم، وذلك بتوزيعها بينها جميعاً على وجه التساوي» وبالتالي فان الابراج هي العنصر الاول والاساسي من عناصر التسهيلات الفنية الضرورية لأداء الخدمة، ومن دونها لا امكانية لاتمام أي اتصال صوتي حتى قبل التحدث عن الخدمات الاخرى كرسائل نصية وخدمات الانترنت عبر الموبايل التي تميز تطور هذا القطاع. من جهة أخرى، فان المذكرة الايضاحية للقانون التي صدرت لاحقاً ألزمت الوزارة تقديم التسهيلات الكافية للشركات، كما ألزمت الشركات بالبدء بتقديم خدمة الاتصالات في كافة المناطق في الكويت في فترة لا تتعدى السنة من تاريخ تأسيسها.

لذلك لا بد من النظر الى الابعاد التاريخية لموضوع اقامة أبراج الاتصالات سواء بطريقة قانونية أو مخالفة، والنظر الى الاسباب التي أدت الى توزيع محطات التقوية في مناطق الكويت بالشكل الذي قامت عليه، من دون أن ننسى أن شركات الاتصالات هي شركات قطاع خاص، أساسه الربح والخسارة، وهو «منطقياً» ليس من مصلحته أن يضخ رؤوس أموال ويتكبد تكاليف معينة على أعمال مخالفة، بالاسلوب الذي ورد على لسان مسؤولي البلدية.

- فما قصة الابراج منذ البداية؟ وما حقيقة مخالفة شركات الاتصالات وتعديها على الاملاك العامة أو الخاصة؟

فقد بدأت الشركات في السابق (سواء «زين» أو «وطنية») انطلاقتها الاولى من خلال مجموعة من محطات تقوية الارسال التي لم تواجه الكثير من الصعوبات في انشائها نظراً لمحدوديتها في ذلك الوقت ولقلة المناطق السكنية، الا أن التطور الديموغرافي في الكويت وزيادة عدد هذه المناطق السكنية، بالاضافة الى تطور قطاع تكنولوجيا الاتصالات أدى الى الزيادة في أنواع الخدمات والى ضرورة مواكبة هذا التطور الذي يشهده القطاع عالمياً من قبل الشركات في الكويت، ما استلزم تركيب المزيد من المحطات لاستيعاب هذه التطورات. الى أن جاء دخول المشغل الثالث الى سوق الاتصالات المحلي في فترة لاحقة، ليوزع الابراج بشكل مكثف داخل المناطق السكنية، ما أثار حفيظة المواطنين من كثرتها، خصوصاً مع عدم وجود هيئة للاتصالات تفرض على الشركات الثلاث المشاركة في الابراج المقامة والجديدة.

قصة الـ «home zone»

الا أن وراء تراخيص أبراج الاتصالات حقيقة، لا بد وأن نسلط الضوء عليها، اذ ان الشركات الخاصة حرصت دوما على خدمة المجتمع وساهمت في تقديم كافة الخدمات وتذليل كافة الصعاب امام المواطنين، وقد كان خير مثال على ذلك تقديم خدمة « HOME ZONE» لسكان منطقة جنوب السرة يوم تعذر على وزارة المواصلات تقديم الخدمة الهاتفية الثابتة في منطقة جنوب السرة لعدم توفر البنية التحتية للشبكة الهاتفية آنذاك حيث قبلت الشركتان «زين» و«الوطنية» يومها، ومن دون أي اشتراطات، دعوة وزارة المواصلات لانشاء الشبكة اللاسلكية الثابتة لخدمة منازل المواطنين في كافة مناطق جنوب السرة وتحملتا على عاتقهما تكاليف انشاء هذه الشبكة طارحتين الخدمة بتعرفة رمزية ايماناً منهما بواجبهما الوطني تجاه دعم وخدمة المجتمع بكافة الطــــــــرق والوســــــــائـــــــل المـــــــتاحة.

حيث ان قامت الشركتان آنذاك بتركيب أبراج إرسال تغطي احتياجات المنطقة من الهواتف الثابتة والمتنقلة بموافقة الجهات الحكومية، كما تقدمت بطلبات لترخيص هذه المحطات بشكل نظامي منذ ما يزيد على 18 شهراً ولم يبت فيها حتى تاريخه، والاغرب من كل ذلك، هو الانذار الموجه للشركات لازالة جزء من هذه الابراج التي رُكبت يومها للضرورة القصوى ولخدمة مصلحة عامة تهم المواطنين، وهو انذار يعكس عدم تقدير جهود الشركات وعدم الاهتمام بمصالحها بمجرد توفر الشبكة الهاتفية الثابتة في المنطقة.

لماذا الاصرار على توزيع الابراج بهذه الطريقة؟

لا بد من الاشارة الى أنه من الناحية التقنية، وبهدف تقديم أفضل الخدمات في قطاع الاتصالات، وأحدث ما توصلت اليه تكنولوجيا الاتصالات، يجب توفير شبكة إرسال ذات تغطية مكثفة وممتدة على كافة مناطق الكويت لضمان تواجد الخدمة للمشتركين أينما كانوا، وبالتالي يجب انشاء عدد كبير من محطات الارسال في كافة المناطق لتلبية الحاجة المتنامية من السعة والتغطية، علماً أن كل برج اتصال يغطي مسافة لا تزيد على 400 متر وذلك كحد أقصى لتقديم أفضل جودة للخدمات المتطورة والحديثة من الناحية الفنية. لذلك لا يمكن للمسؤولين في الوزارات المعنية أو في البلدية تجاهل هذا الواقع الذي يفرض على شركات الاتصالات فنياً وتقنياً.

معوقات الدوائر الحكومية

وكما تعيق البيروقراطية والروتين الاداري تقدم الكويت في الكثير من المجالات وفي تردد الاستثمار الاجنبي من دخول السوق الكويتي، فهي تلعب دوراً كبيراً أيضاً في تنامي مشكلة الابراج ومواقع التقوية في المناطق الكويتية.

اذ تعتبر تكنولوجيا الاتصالات المتنقلة حديثة نسبياً وهي احدى نتائج ثورة تكنولوجيا المعلومات وتقدمها في العالم، الا أن قوانين الدولة في الكويت لم تستطع أن تستوعب هذه التطورات، في حين أن منشآت شركات الاتصالات لا تزال تعامل معاملة أي منشأة أخرى بدلاً من اعتبارها منشآت خدمية يتوجب وجودها في كل منطقة كأي خدمات أخرى ( محطات تحويل الكهرباء- صناديق البريد- صناديق توزيع الشبكة الهاتفية- فروع الجمعيات...) حيث انه وبحسب قوانين بلدية الكويت لا يمكن استصدار ترخيص لتركيب محطة تقوية فوق فروع جمعية تعاونية وهذا أضعف الايمان.

ورغم الطلبات المتكررة من الشركات المقدمة الى بلدية الكويت لاستصدار تراخيص انشاء أبراج تقوية، الا أن هناك طلبات استصدار تراخيص مقدمة منذ سنوات ما زالت معلقة لدى البلدية ولم تتم الموافقة عليها أو رفضها علماً بوجود كم هائل من الطلبات المركونة على أرفف البلدية التي لم يتم البت بها. ونتيجة لذلك اضطرت الشركات الى انشاء أبراج تقوية موقتة متحركة يمكن ازالتها في أي وقت وخلال يوم واحد من أجل تلبية الطلب المتنامي على تكنولوجيا الاتصالات وخدماتها لحين البت في طلبات التخصيص والترخيص المقدمة الى البلدية، ما لفت أنظار بعض الجهات المسؤولة الى حجم المشكلة التي تواجهها شركات الاتصالات خصوصاً وأن أبراج الاتصالات قديمة العهد بالكويت نسبياً وقد تم البدء بتركيبها منذ أكثر من 25 سنة، وها قد اتى اليوم الذي تحصد شركات الاتصالات تبعات انعدام وجود القوانين والتشريعات المنظمة لاقامة منشأة الاتصالات من قبل بلدية الكويت ووزارة المواصلات منذ ذاك العهد.

ولا يمكن الرد على رئيس إحدى فرق الطوارئ في بلدية الكويت، الذي صرح أخيراً في الصحف اليومية، بالقول ان الحملة مستمرة لازالة جميع أبراج الاتصالات المقامة على أملاك الدولة ومن ثم أسطح البنايات التجارية والاندية الرياضية والجمعيات التعاونية والمرافق الحكومية، سوى باستغراب التصريحات المماثلة، التي تعني عدم ادراك كلي لحقيقة أن المواقع المذكورة هي الاماكن الوحيدة التي يمكن أن تقام عليها أبراج التقوية والغاؤها يعني بالضرورة توقف الشركة عن العمل.

بالاضافة الى أن جميع المحطات المقامة على مرافق هيئات حكومية أو وزارات الدولة وكذلك على مراكز الشباب الرياضية والملاعب الشعبية والجمعيات التعاونية تخضع لعقود رسمية مع تلك الجهات مقابل رسوم ايجار تدفع لتلك الجهات وتورد إلى خزينة وزارة المالية.

في حين أن جميع المحطات المقامة على أسطح المباني التجارية والاستثمارية الخاصة تخضع لعقود ايجار مع المالكين، علماً أن البرج لا يتطلب بناء مساحة اضافية تستلزم رخصة بناء من البلدية وانما مجرد حاوية للمعدات لا تختلف بحجمها وأبعادها عن خزانات الماء المركبة على الأسطح من دون أي تراخيص. كما أنه لا يوجد أي قانون ينظم قواعد منح تراخيص مثل هذه الابراج ولهذا النشاط. والسؤال الذي يطرح نفسه هو لو أزالت بلدية الكويت جميع المحطات المقامة على الهيئات الحكومية ووزارات الدولة والمباني التجارية والاستثمارية والأندية الرياضية والجمعيات التعاونية والحدائق العامة والأملاك الخاصة، إذن أين يمكن بناء أبراج التقوية لتوفير خدمات الاتصالات للناس؟!

الحلول المقترحة للقضاء

على مشكلة التخصيص

أمام كل ما ذكر سابقاً لا بد من السعي لايجاد حلول تحقق حاجة البلد من الاتصالات، وتصل الى الهدف المنشود والمتمثل «بأكل العنب» وليس «قتل الناطور»، لأن الهدف في نهاية المطاف هو تأمين خدمات اتصالات على درجة عالية من الجودة لسد حاجة المواطنين والشركات والوزارات بطريقة قانونية ومنظمة.

ولذلك فان بعض الحلول المقترحة من قبل الشركات للقضاء على مشكلة تخصيص مواقع محطات الارسال لشركات الاتصالات، تقع حالياً على عاتق وزارة المواصلات بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 754 / سادساً وعليه لا بد من تــــــوافر نقاط أساســـــــــية رئيســـــــــية أولـــــــــها، وجـــــوب انشـاء لجـــــــنة تنفيذية من قبـــــــل وزارة المواصــــــــلات وبلدية الكويت مخصصة للبت في الطلبات المقــــــــدمة من قبل شركات الاتصالات، على ان يكوـــــــن لها الصلاحية في اصدار الموافقــــــــات الخاصــــــــة بتخصيص المواقع النهائية والموقتة لشركات الاتصالات، وفي دراسة الطلبات الفنية من حيث المساحات ومصادر الطاقة للمواقع المطلوبة من قبل الشركات.وتحديد المدة اللازمة لدراسة هــــــــذه الطــــــــلبات المـــــــقدمـــــــــة لأي موقع واصدار الموافقات النهائية للبدء بالتنفيذ بما لا يتجاوز مدة شهر من تاريخ تقديم الطلب. كما قد يكون من المناسب بحسب رأي بعض المطلعين عقد اجتماعات دورية وبشكل أسبوعي بين الـــلــــــجنــــــة والمشغــــــــلين الــــــــثلاثــــــــة.

 

رأي قانوني /  بلدية الكويت لا تملك

إزالة المخالفات دون اللجوء إلى القضاء




بحسب الرأي القانوني حول مدى التزام شركات الاتصالات بالحصول على موافقة بلدية الكويت لاقامة أبراج الاتصالات والتي هي عبارة عن «منشآت غير خرسانية ولا تستند على أي هيكل بنياني، وهي أقرب لأطباق الستلايت المثبتة على الابنية»، فقد نصت المادة الاولى من المرسوم الصادر في شأن تنظيم أعمال البناء على أنه «لا يجوز انشاء مبان أو اقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها أو هدمها أو تعديلها أو تغيير معالم أي عقار بحفره أو ردمه أو تسويته، الا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من البلدية».

كما خول القانون رقم 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت، كلا من المجلس البلدي ومدير عام بلدية الكويت في القيام بتقرير النظم الخاصة برخص البناء فيما نظم المرسوم بالقانون رقم 105/1980 في شأن نظام أملاك الدولة والقرار الوزاري رقم 56 لسنة 2001 كيفية الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة، حيث أناط بوزارة المالية حفظ أملاك الدولة الخاصة العقارية وادارتها واستغلالها وبيعها مباشرةً أو عن طريق التأجير.

وعليه رأى القانون أنه يجب التمييز بين حالتين، الاولى القيام بانشاء بناء أو تعديله أو تعليته أو تدعيمه أو هدمه... الخ، وفي مثل هذه الاحوال يتعين الحصول على ترخيص من بلدية الكويت، وذلك قبل الشروع في القيام بأي عمل مما ذكر أعلاه. والثانية هي القيام بأعمال لا تعد من قبيل الاعمال السالفة البيان، والواردة على سبيل الحصر مثل تركيب أطباق الستلايت أو أبراج الاتصالات، فانه لا يلزم الحصول على ترخيص بشأنها من بلدية الكويت.

ويؤيد ما تقدم، أن شركات الاتصالات أقامت هذه الابراج منذ ما يقارب 20 عاماً تحت سمع وبصر أجهزة الدولة جميعها بما فيها بلدية الكويت، وفي أنحاء الكويت كلها، ولو كان الامر يستلزم الحصول على ترخيص منها، لما سكتت طوال هذه المدة، وهو الامر الذي يعد اقراراً ضمنياً من بلدية الكويت بعدم اشتراط الحصول على ترخيص قبل اقامة هذه الابراج.

واذا سلمنا جدلاً أنه يلزم الحصول على ترخيص من بلدية الكويت قبل تركيب أو اقامة هذه الابراج، فانه لتحديد الشخص المكلف بالحصول على مثل هذا الترخيص يجب ان نميز بين فرضين، الاول، أنه اذا كان العقد المبرم بين شركة الاتصالات ومالك البناء أو المسؤول عن ادارته قد حدد الشخص الملزم باستصدار مثل هذه التراخيص، فانه يجب في هذا الفرض اعمال نصوص العقد، بحيث يكون الشخص الذي حدده العقد هو المكلف بالحصول على ترخيص من بلدية الكويت قبل تركيب أطباق الاتصالات، واذا كانت هناك مخالفة ترتب عليها عقوبة، فانها توقع، من ثم، على الشخص الذي حدده العقد.

فيما الفرض الثاني، هو اذا كان العقد المبرم بين شركة الاتصالات والغير لم ينظم هذه المسألة، فان مالك البناء أو المسؤول عن ادارته هو المسؤول عن الحصول على مثل هذه التراخيص. ويؤكد كل ذلك، ان بلدية الكويت قد وجهت الانذارات الى ملاك العقارات ورؤوساء مجالس ادارة الجمعيات التعاونية، وليس الى شركة الاتصالات.

من ناحية أخرى، لقد نظمت المادتان (34 و35) من القانون رقم 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت، وكذلك نصوص المرسوم الصادر في شأن تنظيم أعمال البناء، العقوبات التي توقع على الشخص المخالف لأحكامهما، ويتبين من خلالها ان المشرع اعتبر أن المخالفة بمثابة جنحة، وأناط ببلدية الكويت سلطة تحرير محضر المخالفة، واحالة المخالف الى القضاء للحكم عليه بالعقوبة التي يراها مناسبة، حال ثبوت التهمة على الشخص المخالف، وهو ما يتضح معه الآتي: أولاً، لقد خلت جميع هذه التشريعات من أي نص يخول بلدية الكويت ازالة المخالفات بالطريق المباشر. ثانياً: أجاز القانون لبلدية الكويت قطع التيار الكهربائي عن الاعمال المخالفة ووقفها. وثالثاً، أجاز القانون للمحكمة التي تنظر الدعوى أن تأمر بالازالة بعد الحكم بالغرامات على الشخص المخالف. وعليه، فان بلدية الكويت لا تملك وفق هذه النصوص ازالة المخالفات دون اللجوء الى القضاء. كما تجدر الاشارة الى أن قرارات المجلس البلدي لبلدية الكويت لا تنفذ الا في حالتين أولها تصديق الوزير المختص على القرار، وفوات مدة 15 يوماً من تاريخ اخطار الوزير المختص بالقرار دون اعتراض منه على هذا القرار.

 

الشروط الصحية ... هل هي مطبقة؟



اذا ما نظرنا الى المعايير والاشتراطات الصحية والفنية الواجب توافرها لمحطات الاتصالات، فلا بد من الاشارة هنا الى مشكلة أخرى تتمثل في نقص التوعية لدى الجمهور بماهية تكنولوجيا الاتصالات ومبادئها ومدى اضرارها ان وجدت، وكثيراً ما تتلقى شركات اتصالات من مشتركين يشكون من ضعف التغطية في مناطقهم الا أنهم يعترضون في الوقت نفسه على وجود أبراج التقوية بالقرب من مساكنهم، لذلك لا بد من التنويه هنا الى أن كافة محطات تقوية الارسال التي تقوم الشركات بتركيبها يتم ترخيصها من قبل وزارة الصحة وتحديداً من ادارة الوقاية من الاشعاع لضمان خلوها من أي تأثيرات قد تضر بالانسان والبيئة علماً أنه، عالمياً لم يثبت أي دليل بوجود مثل هذا الاضرار بسبب محطات تقوية الأرسال. من ناحية أخرى فان هذه الابراج يتم تركيبها وفق المعايير الصادرة من وزارة الصحة والتي تبين حدود الاشعاع المعمول بها في الكويت (10 مايكروواط / سم مربع ) وهي أقل بـ 45 مرة من الحدود الموضوعة من الهيئة الدولية للوقاية من الاشعة غير المؤينة في فرنسا (450 مايكروواط/ سم مربع) وأقل بـ 20 مرة عما هو مطبق في الولايات المتحدة الاميركية (200 مايكروواط / سم مربع)

بالاضافة الى أن الاشعة المنبعثة من هوائيات المحطات ما هي الا أشعة كهرومغناطيسية تدخل مجال الترددات الراديوية (ميكروويف) ما بين 800 الى 2200 ميغاهيرتز. ولا يوجد أي ضرر من التواجد تحت الابراج مباشرةً أو تركيبها على أسطح السكن والمباني الحكومية ذلك لأن موجة الاشعة المنبعثة من الهوائي تكون موجهة بعيداً عن المبنى بشكل أفقي في 3 اتجاهات تغطي المنطقة حول البرج وتكون ضعيفة جداً في الاتجاه العمودي، كما ان المسافة الآمنة والمعتمدة في الكويت هي 12 متراً تقاس من قاعدة البرج في اتجاه الاشعة المنبعثة منها بينما حددت هذه المسافة بـ 6 أمتار في دول أخرى. من دون أن ننسى أنه مع تطور تكنولوجيا الاتصالات أصبحت الطاقة الاشعاعية الصادرة من هوائيات المحطة في تناقص في حين أن ازدياد عدد المحطات يؤدي الى تخفيف حمل الاتصالات على كل محطة وبالتالي انخفاض الاشعة الصادرة منها.



أين وزارة المواصلات من ملف الأبراج

ومحطات الإرسال؟




في ظل كل ما يجري، لا بد من السؤال عن دور وموقف وزارة المواصلات من عملية الازالات، باعتبارها الجهة المنظمة الوحيدة لقطاع الاتصالات وفي غياب هيئة الاتصالات التي طال انتظارها. الا أن قرار مجلس الوزراء رقم (754 سادساً) المنفذ بتاريخ 13 يوليو 2008 نص على تخصيص كافة مواقع أبراج الهواتف المتنقلة تحت اسم وزارة المواصلات التي تقوم بدورها بتخصيصها لشركات الاتصالات ضمن ضوابط عدة. واستناداً لهذا القرار قامت وزارة المواصلات بمخاطبة بلدية الكويت بالكتاب رقم م وم/7/8/2008 بتاريخ 19 أغسطس 2008 يتضمن ترخيص 176 موقع لوزارة المواصلات لتركيب أبراج تقوية لشركات الاتصالات المتنقلة وذلك كمرحلة أولى باتجاه انشاء شبكة أبراج تقوية مشتركة تخدم كافة الشركات بآن واحد بما يساهم في تقليص عدد الابراج المنتشرة بكثرة حالياً. كما تم تشكيل لجنة خاصة في «المواصلات» لمتابعة هذا الموضوع الا أن الامر لم يجد نفعاً، لا بل زاد الوضع سوءاً حيث لم تبت بلدية الكويت بطلب وزارة المواصلات كما توقفت بلدية الكويت عن النظر بأي طلب خاص بشركات الاتصالات يقدم لها مباشرة من تلك الشركات.

والسؤال الذي يتبادر الى الذهن فوراً من قبل هذه الشركات هي، كما أن هذا القرار تنقصه القوانين والتشريعات اللازمة لتفعيله والذي على ضوئه قد تم تجميد كافة معاملات التخصيص الصادرة من المجلس البلدي باسم وزارة المواصلات مع أول عقبة يواجهها القرار مع ادارة أملاك الدولة في وزارة المالية.

وفي الوقت الذي تقدر فيه الشركات الجهود الحثيثة والمبذولة من قبل وزارة المواصلات لانهاء معضلة تخصيص مواقع أبراج الاتصالات مع بلدية الكويت، الا أنها تؤمن بأن وزارة المواصلات هي الملاذ الوحيد للتصدي لهذا القرار الجائر ومن واجبها تجاه كافة شركات الاتصالات التنسيق مع البلدية ووزارة المالية لسن القوانين والضوابط اللازمة لتسريع عملية تخصيص مواقع لإقامة أبراج اتصالات اسوةً بالمواقع الخدمية المتنوعة والموزعة في كافة مناطق الكويت مثل محطات تحويل الكهرباء الفرعيـــة وصــــناديق توزيع الشـــــبكة الهاتفية وخلافه.



تراخيص مؤقتة



من الحلول المقترحة، حصول الشركات على موافقة مبدئية لانشاء مواقع موقتة بعد موافقة اللجنة المكلفة من قبل وزارة المواصلات والبلدية لحين اصدار الرخصة النهائية من قبل المجلس البلدي مع وجوب موافقة الطيران المدني على الارتفاعات التي تطلبها هذه الشركات لأبراج المواقع المشتركة.

واستثناء المحطة المتحركة من اصدار تراخيص التخصيص لها وذلك لاستدعاء الحاجة الماسة لها في حالات خاصة مثل، حفلات تخريج الجامعات والكليات العسكرية مؤتمرات دولية أو خاصة كما يتم تركيبها في بعض الاحيان في أماكن تتعذر فيه تركيب محطة دائمة وذلك لعدم وجود المساحة الكافية او بسبب وجود خدمات أرضية (كالشبكة الهاتفية او مناهيل صحية وخلافه) على أن تستوفي الشروط الصحية وترخيصها من قبل وزارة الصحة.

وأخيراً لا بد من ايقاف عملية ازالة أي من الابراج القائمة للشركات الثلاثة عن طريق التنسيق ما بين وزارة المواصلات وبلدية الكويت مع العمل على البت في ترخيصها بأسرع وقت ممكن.



ماذا عن الاستثمار الأجنبي؟



لا يمكن أن ننسى أن شركتين من الشركات الثلاث العاملة في السوق الكويتي حالياً، هما استثمار أجنبي يضخ في السوق المحلي، ولا بد أن ينظر اليه على أنه كذلك، والقيام بأقصى ما يمكن لتشجيع هذا الاستثمار وازالة العقبات البيروقراطية من أمامه ودعمه بالكامل لما يعود بالفائدة على الاقتصاد الكويتي ويعزز دورة نشاطه بأموال من الخارج.