من منظور آخر

راح أسفرك!

4 يوليو 2021 10:00 م

«اشلون أي إنسان حر يرضى يتحكموا بتحركاتك»، هذا ما قاله عبدالله الوافد في ساحة الإرادة، حين كان موجوداً مع مجموعة من الأفراد رافضي التطعيم ضد فيروس كورونا، ورغم أن القرارات الأخيرة لم تعلن صراحة بأن التطعيم إجباري، إلا أن منع الناس من دخول بعض الأماكن مثل الأندية الصحية والمطاعم والمجمعات التجارية ودور السينما يجبر الناس إما للتطعيم أو الاحتجاج على مثل هذه القرارات، خصوصاً أن تلك القرارات وجهت لجميع الأفراد بمن فيهم الوافدون، وما يمس المواطنين والمواطنات يمس الوافدين والوافدات كذلك، لذا إبداء الرأي أو الاحتجاج من قبل الجميع أمر طبيعي وغير مستغرب، لكن ما لم يخطر على بال عبدالله أن «اشلون» أي إنسان حر يرضى أن يكمموا فمه لمجرد أنه وافد.

تحدث الجميع في ساحة الإرادة عن رفضهم للتطعيم لأسباب كثيرة منها عدم ثقتهم بالسرعة الزمنية التي أعلنوا فيها عن توافر اللقاح، وعن عدم تحمل الجهات المختصة المسؤولية عما قد يتعرض له المتطعم مستقبلاً، انتشرت المقاطع المصورة للمتحدثين وصار كل شخص مخالف لهم يتنمر ويسخر منهم كونهم مواطنين ومواطنات وهذا أقصى ما يمكن فعله، لكن الوافد طالبوا بإبعاده.

ليست المطالبة بالترحيل جديدة في مجتمعنا الكويتي، فقد بدأ ذلك في حياتنا اليومية حين تحدث أي مشكلة بين مواطن ووافد يهدد الأول الثاني بقوله: «راح أسفرك»، واستمر حتى وصل إلى البرلمان وسمعنا الخطابات العنصرية ضد الوافدين من أعضائه.

والحكومة كذلك تبنت مثل هذه السلوكيات حين أقرّت الإبعاد الداخلي لعبدالله بسبب إبداء رأيه، وقبله بأيام أبعدت الوافد الذي انتقد الجو والغبار الذي أتعب الجميع، وصارت حتى الصحف العالمية تكتب عن الخبر وتعبر عن دهشتها كون أن هناك شخصاً أبعد بسبب انتقاد الجو، وهذا ما يؤثر على سمعة الكويت دولياً وليس عندما نحتج على الأوضاع الداخلية ونطالب بإصلاحه.

مالا يعرفه البعض عن الإبعاد الإداري وسوئه، هو أن من صلاحيات وزارة الداخلية أن تبعد أي وافد أو وافدة من دون أن يعرض على القضاء، أي من دون محاكمته وحقه في الدفاع عن نفسه، ومثل الكثير من القوانين والقرارات أسبابها «مطاطية» مثل سبب الإبعاد الإداري وهو تهديد النظام العام دون تحديد واضح للجميع، وهنا تكمن الخطورة لأن لا أحد يعرف ما هو تهديد النظام العام، ربما رأي عابر على مواقع التواصل الاجتماعي، أو قد يتم التعسف ويبعد أي شخص لأسباب شخصية.

هناك شبهة على أن الإبعاد الإداري مخالف للدستور والاتفاقيات الدولية التي اتفقت عليها دولة الكويت، وبالتالي سكوتك عن ذلك أو دفاعك عن مثل هذه القرارات يعني موافقتك على شبهة مخالفة الدستور، يعني مخالفات أخرى مستقبلاً قد تصل إليك أيها المواطن أو المواطنة.