قيم ومبادئ

طيبة أهل الكويت

1 يوليو 2021 10:00 م

هذه الأيام التي تَرحلُ بنا سريعاً، عبر محطات الحياة المختلفة عاينّا فيها الإصلاح والفساد والصحة والمرض والفقر والغنى والسعادة والحزن، نحتاج فيها إلى نوعٍ من التذكير الخاص بالمؤمنين الذين انسحبت عليهم الغفلة والذهول عما خُلِقوا له وشغلهم الشيطان بمسالك الدنيا ودهاليزها المظلمة، فصرف إراداتهم إلى أمور لم يُخلقوا لها ولا تنفعهم شيئاً، فيحتاجون إلى التذكير وتكراره ليرسخ في أذهانهم وينتبهوا من غفلتهم، وليعتبروا بغيرهم ويعملوا ويتداركوا ما فاتهم، كما أن الموعظة الصادقة إذا خرجت من القلب وجدت لها آذاناً صاغية، فأحدثت في نفس السامع نشاطاً وهمة توجب له الارتفاع عن سفاسف الأمور، وأما من ليس معه إيمان ولا استعداد لقبول التذكير فهذا لا ينفع فيه الكلام، وهو بمنزلة الأرض السبخة التي لا يفيدها الغيث شيئاً وهؤلاء الناس لو جاءتهم كل آية لم يؤمنوا لأنّهم يرون أنفسهم أعلى مرتبةً من الناس!

إنّ التذكير بمحاسن الإسلام، الذي جاء بمنهج واضح للإصلاح الشامل مما تقره الفطرة السليمة والعقول المستقيمة، بأنّ الله فطر الإنسان على محبة الخير وكراهة الشر، فإن كل أمر أو نهي في الشرع فهو من التذكير الذي يذكرنا الله تعالى به، وعلى هذا دَرَجَ الناس في الكويت قبل وأثناء اكتشاف النفط، فهذه هي طيبة أهل الكويت لا تُغَيِّرُ مَعْدَنَهم الطيب الظروفُ العاتيةُ.

فأول ما يبدأ به الناصح نفسه يكملها ويزكيها بالعلم والعمل، ثم يسعى إلى تكميل غيره مع الإعراض عن المكذبين والمخذلين، ولا يبالي بكلامهم بل يُقبل على شأنه ويستمر في دعوته، ولا يضيق صدرك ولا تشك ولا يشتبه عليك الأمر، بل جدّد الثقة بالله ولتطمئن به نفسك واتخذه وكيلاً.

واعلم أنك مهما أوتيت من بسطة في العلم أو الجسم أو فصاحة اللسان، وأصبح لك شُهرة وكثرة أتباع وتأثيراً في الجماهير فإنك لا تملك خزائن رحمة الله، ولست الحاكم بأمر الله!

وإنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر تدعو الناس إلى العمل الذي يقرّبهم إلى الله لينالوا ثوابه، كما أنك تحذر في خاصة نفسك من الرياء وحب مدح الناس ليقولوا فلاناً شجاعاً! وفي الحديث (من سمَّع سمَّع الله به ومن يُرائي يرائي الله به).

فالجزاء من جنس العمل، فمن نصّب نفسه للإعلان عن عيوب الناس أو الوزراء وفضحهم ولم يستر عليهم بما أمره الله عز وجل، ثم سعى للإصلاح حسب ما هو مقرر، فإن الله يُسمّع الناس بفضحه وكشف ستره في الدنيا ويوم القيامة أمام الخلائق، فالسُمعة والتسميع هي طلب شهرة أمر كي يعرفه الناس، فهذا يشمل كل من أظهر عملاً صالحاً لنفسه من أجل أن يمدحه الناس فقط!

أو تكون الشهرة بكشف ستر غيره من آحاد الناس أو أسرار الدولة أو عيوبها، فيطلب بذلك أن يظهر اسمه وتلوكُهُ الألسنة، وهذا هو الرياء وهو أن يعمل عملاً أو يقول قولاً لا يريد بذلك وجه الله، وإنما يريد أن يسمع ردود أفعال الناس ومدحهم له، وهذا الإنسان مهما علا وارتفع واشتهر فإن عمله سيذهب هباءً منثوراً.

الخلاصة

ليس من شروط الإنجاز وجود اسمك قال تعالى (وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)، وهذا لا يضرّ الرسل الكرام في شيء. فهل نعتبر؟