«الخط الأبيض من الليل» لمؤلفها الكاتب خالد النصر الله... رواية متميزة وتمثل إضافة رائعة إلى المنجز الروائي العربي.
وهذه الرواية تتطلب قراءة متأنية متفاعلة؛ قراءة إيجابية يملأ فيها القارئ بعض الفراغات النصية، ويهتز لجماليات اللغة، ويؤول تحولات الشخوص. فبهذه القراءة يتحقق وجود النص الروائي بوصفه موضوعاً جمالياً متفرداً.
تتأسس الرواية على حبكة متقنة؛ نسجت نصها على نولين حكائيين متداخلين متساوقين؛ الأول: حكاية المدقق التي يقدمها بضمير الغائب، ساردٌ متخف عليم، يحدثنا عن حكاية المدقق. الثاني: حكاية الفتى المهووس بمجلات الأطفال، ومغامرته مع صديقيه في فرارهم من شيطان الكتب. وعند نهاية كل حكاية، يكتمل تساوق الحكايتين، وفي تلك اللحظة القرائية التي يدرك فيها القارئ أنه أمام نص يحيل إلى معاناة الكتابة الروائية، ولا يتعلق بمرجع خارجي، سيدرك أنه أمام رواية تخييل مضاعف.
في هذه الحال، فإن الكون السردي لهذه الرواية يتمحور حول فعل الكتابة الروائية، التي تمثل مرجعية النص من جانب، وتؤثث فضاءه التخيّلي من جانب آخر، ولذا يغيب المرجع الخارجي، وحتى لو حضر ذلك المرجع؛ فإنه يحضر من خلال وعي الشخصيات الذاتي، وليس بوصفه معطى خارجياً حقيقياً. وأبرز مثال على هذا وصف «إدارة المنشورات»، الذي يحاول السارد أن يجعل منه رمزاً عبثياً على مستوى التنفيذ، وتجلياً لرغبة سلطوية جامحة على مستوى الغاية.
استمتعت بهذه الرواية وسعدت؛ تحققت المتعة بفضل البناء السردي المحكم، والتطور المتناغم للأحداث، والختام المدهش. وجاءت السعادة لأني قرأت رواية تخييل مضاعف كُتِبَت بمهارة عالية.