من «الصدفة والقصد، إلى خيال كاتب وسير ذاتية، ومؤثرات بيئية، أو موروث ثقافي»، ولدت أسماء العائلات أو الأشخاص، في الأعمال الفنية «سينمائية ومسرحية ودراسية وإذاعية»، وهناك أسماء شهيرة للعائلات الكبيرة فرضت نفسها، وهناك أسماء عائلات، ساهمت الأعمال الفنية في شهرتها، وهناك أسماء قادت الصدفة أو أعمال السير الذاتية إلى تقديمها، لتصبح على الألسن وفي حوارات الناس.
«الراي» فتحت ملف الأسماء الشهيرة للعائلات والأشخاص في الأعمال الفنية في مصر، في السطور الآتية...
بداية، هناك أعمال فنية عديدة، اشتهرت أسماء عائلات، ليس لأنها شهيرة في الأصل، ولكن استمدت شهرتها من تكرارها، في عمل فني ما، ومن بينها في مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي»، بطولة الراحل نور الشريف، حين اشتهر اسم عائلة «البرعي» وعائلة «سردينة»، وهو المسلسل المأخوذ عن رواية إحسان عبدالقدوس، وكتب السيناريو والحوار له مصطفى محرم أيضاً، وأيضا عائلتي «العزايزي» و«السوالمي»، في مسلسل «الضوء الشارد»، وأيضاً لا ننسى اسم «الدوغري» في المسلسل، الذي حمل الاسم ذاته، للمؤلف نعمان عاشور، وكتب السيناريو والحوار له محسن زايد.
أسماء تكرّرت
وفي جولة «الراي»، بين الأعمال الفنية، نجد أن هناك أسماء تكرّرت في أكثر من عمل فني، ومثال لهذا ظهور اسم عائلة الدرمللي في مسلسل «بكيزة وزغلول»، وتم استخدام لقب عائلة الدرمللي مرة أخرى، على خشبة المسرح من خلال أحد عروض «مسرح مصر» والتي تناول فيها المسرحية بعنوان «فوزي الدرمللي». وفي العام 2007 ظهر فيلم للمخرج فكري عبدالعزيز بعنوان «الدرمللي فقري تملّي»، والذي كان يحمل اسم بطل العمل.
وفي الاتجاه ذاته، تكرّرت اسم «عائلة السلحدار»، وهنا نتذكر «نازك السلحدار» أو النجمة صفية العمري في مسلسل «ليالي الحلمية»، وظهر «زينهم السلحدار» في مسرحية عادل إمام «الواد سيد الشغال».
وهذا حدث أيضاً مع اسم عائلة «الزناتي»، الذي استخدم كثيراً في عدد من الأعمال الفنية، وكان أشهرها شخصية «مرسي الزناتي» التي قدمها سعيد صالح في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، ومن ثم «شمس الزناتي»، الذي لعب دوره الفنان عادل إمام في الفيلم الذي يحمل الاسم ذاته، وأيضاً ظهر في مسلسل «الزناتي خليفة»، وظهر في مسلسل بعنوان «الزناتي مجاهد» للممثل سامح حسين.
وعنه، قال سامح حسين لـ«الراي»: «العمل مجرد عمل كوميدي، وفكرة استخدام اسم الزناتي، كان مجرد فكرة تتناسب مع فكرة العمل، وكانت الفكرة تتوجه إلى إيجاد اسم يلقى قبولاً عند الناس، ويحمل شهرة من قبل من دون التقرب من أصل العائلة».
مشاكل وقضايا
وهناك مشاكل، متعلّقة بالأسماء، وجدت طريقها إلى قاعات المحاكم، وتداولت حولها قضايا شهيرة، خصوصاً إذا كان التناول يوجه إساءة إلى العائلة، مثلما حدث من اعتراضات أسرة مصرية، على تداول اسم العائلة في فيلم «إبراهيم الأبيض»، بطولة الفنان أحمد السقا، في حين قادت أعمال فنية إلى شهرة أسماء عائلات، ومن بينها «السلحدار»، «البدري»، «السماحي»، «الدوغري»، «المعداوي»، «الراوي» و«الدرملي».
آراء النقاد
الناقد والكاتب المصري محمود قاسم، قال: «أسماء العائلات، التي تظهر في الأعمال الفنية، سواء (الأفلام، المسلسلات، المسرحيات، والأعمال الإذاعية)، بعضها من الواقع، وبعضها من وحي خيال المؤلف، وفي الغالب يتم استخدام أسماء خيالية حتى لا يقع تحت طائلة القانون، خصوصاً إذا كانت عائلة كبيرة، وهنا تقوم الشركات المنتجة، بوضع هذه الجملة الشهيرة، على التتر أو الإند: (أسماء الشخصيات والأحداث، هي من وحي خيال المؤلف، وأيّ تشابه بينها وبين الواقع، جاء على سبيل الصدفة)».
وكشف عن أن «(دليل التلفونات) أحياناً، يكون مصدراً مهماً بالنسبة إلى المؤلف، لكي يختار اسم عائلة لعمله، لكنه يأخذ اسم العائلة التي قد تكون في الريف مثلاً، ويجعلها في مسلسل صعيدي حتى لا يتعرّض لأيّ هجوم، أي يصنع خلطة جديدة».
وأضاف لـ«الراي»: «لدينا أسماء عائلات كثيرة في الأعمال الفنية، نالت شهرتها من هذه الأعمال، وعلى سبيل المثال، مسلسل (بكيزة وزغلول)، حيث تم تداول اسم (عائلة الدرمللي)، والتي تنتمي للطبقة الارستقراطية، وأصولها تركية، ولهذا كان هناك فخر على لسان الشخصية أنها (بكيزة هانم الدرمللي)، وهناك (عائلة العشماوي)، المعروفة في أذهان الناس أنها عائلة، تعود تسميتها، إلى منفذ حكم الإعدام، ولكنها في الأصل عائلة مصرية شهيرة وثرية»، لافتاً إلى أسرار اختيار اسماء «عائلات حقيقة»، في أعمال فنية، وقال: «فيلم (لا تطفئ الشمس) للكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس، مأخوذ عن حياة عائلة الكاتب المصري الراحل فتحي غانم، بالتفاهم معه، وهذه المعلومة أكدتها لي زوجته الدكتورة زبيدة عطا».
مواقف خاصة
وقال الكاتب المصري حسام موسى: «هناك صعوبات كثيرة تواجه أيّ كاتب في اختيار أسماء الشخصيات والعائلات داخل العمل الفني، ويعتمد المؤلف دائماً في اختيار اسم شخصية أو عائلة على مخزونه الفكري، على مدار السنين».
وأضاف لـ«الراي»، عن تجربته الشخصية: «شخصياً، أفضّل دائماً قراءة لافتات المتاجر، التي تضم أسماء عائلات مثل (الجحش والدباغ والعنتيل والغريب والحيوان)، وغيرها من الأسماء الغريبة، وعندما يأتي عمل يحتاج لاسم مختلف، ممكن أن أختار اسماً من الأسماء الموجودة في المخزون».
ويرى موسى أن هناك كتّاباً برعوا في استخدام أسماء شخصيات وعائلات في أعمالهم، خصوصاً أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبدالقوي، فنرى عكاشة قدّم في مسلسل «ليالي الحلمية» أسماء عائلات شهيرة واسم العائلة متناسق مع طبيعتها، فمثلاً اسم عائلة السلحدار، يدل على أصول أرستقراطية، والبدري وغانم، أصولهم ريفية، وفي مسلسل «زيزينيا» اسم عائلة ديلورينزي وهي عائلة أجنبية، في حين قدم الراحل محمد جلال عبدالقوي، أعمالاً بها أسماء عائلات شهيرة لا ينساها الجمهور مثل «فراويلة» و«الضو»، وغيرهما من الأسماء التي بقيت مع الجمهور.
سلوك وبيئة
وقال محلل السلوك الدكتور نور أسامة لـ«الراي»: «هناك تأثير من شخصية الأديب، على اختيار أحداث وأسماء أعماله الأدبية، ونرى في أدب نجيب محفوظ ورواياته، مخزوناً لأسماء شخصيات وعائلات متنوعة، إضافة إلى تناسب الأسماء، مع تصرفات الأشخاص، وتأثره بطبيعة الحارة التي بدأ بها حياته في الصغر، وهذا تأثر وتأثير شخصي».
ويرى خبير التنمية البشرية الدكتور أيمن الدهشان، في رده على تساؤلات «الراي»: «إذا تتبعنا الكُتّاب الكبار، سنجد أن هناك مؤثرات مختلفة، شكّلت مكنون الأسماء في العائلات وأيضاً الشخصيات، التي اكتسبت شهرة كبيرة، في أعمال أدبية وفنية، ومنهم مَنْ عاش في الحارة، فكانت للأسماء شعبية، أو مرتبطة بحرف ومهن، ومَنْ عاش في أحياء راقية، ارتبط كثيراً بأسماء العائلات الشهيرة، أو أسماء عائلات لها جذور خارجية، ومَنْ عاش في الإسكندربة، ارتبط بالأسماء اليونانية، ومَنْ عاش في الريف جلب لنا أسماء العائلات الريفية الكبيرة، وهذا يؤكد أن البيئة والسلوك، قد يقودان الكاتب».