ربيع الكلمات

صحتك النفسية... أولى!

9 يونيو 2021 10:00 م

ما يحدث في العالم اليوم لم نتخيله، بعد انتشار جائحة كورونا، التي أوقفت كل شيء تقريباً، ولم نتوقع آثارها، فهذا الحدث أشبه بالزلزال الذي ما زالت ارتداداته تصل إلى كل مكان في العالم، وهو أخطر من أي حدث وقع في الماضي، نعم في الماضي كانت هناك مشاكل وأحداث اقتصادية وسياسية، ولكن الأمر مختلف تماماً الآن، فقد تسبب - وما زال - في خسائر مادية اقتصادية، بالإضافة إلى الخسائر المعنوية، نتيجة الضغوط النفسية، التي لا يمكن رؤيتها رؤى العين؟ ففي عام 1959 تنبأ أبو الإدارة بيتر دراكر، بحدوث تحول كبير في طبيعة العمل بعد 50 عاماً، وكتب دراكر عبارة: «العمل المعرفي»، وقال إن العمل مستقبلاً سيعتمد على المجهود الذهني أكثر من اعتماده على المجهود البدني، وهذا ما حدث فعلاً... وذكرت الهيئة التنفيذية للصحة والسلامة في المملكة المتحدة أن 57 في المئة من الإجازات المرضية قبل عامين كان سببها الضغط النفسي والاكتئاب والتوتر.

وهناك بعض المؤسسات التي يعمل فيها بعض الأشخاص لا تدار باحترافية، وإنما على التعيينات العشوائية، والاعتماد على الولاء وليس الكفاءة، وهم البارعون في حرث النوايا ونقل الأخبار بين الموظفين، وكل هذه الأمور تسبّب ضغوطاً لأي إنسان. وقد تحدث الضغوط نتيجة بعض المشاكل العائلية أو الفشل في بعضها، وكذلك قد تؤدي كثرة الضغوط على الإنسان إلى النجاح والتوفيق في الحياة.

ومن المهم أن تبتعد عن الأماكن التي يغلب عليها الشك والطعن والحرث في النوايا، فصحتك النفسية أولى، إنصف نفسك وغيرك، ولا تفكر في الانتقام ولا تظلم الآخرين لأن الظلم يشوّش على عقلك، وإياك أن تخسر الآخرين بسوء أخلاقك أو البحث في نواياهم.

هل تعلم أن الانتقام وعدم القدرة على المسامحة يسببان الأمراض! يقول مايكل باري في كتابه عن علاج الأمراض السرطانية: «إن فقدان القدرة على المسامحة هو في حد ذاته ظاهرة مرضية تؤثر سلباً على الصحة، خصوصاً إذا كان المرء مصاباً بأحد الأمراض المزمنة»، و«إنه من المثبت علمياً أن التوتر العصبي نتيجة عدم المسامحة، يضر بالجهاز الهضمي والأوعية الدموية والشرايين ونظام المناعة في الجسم».

إذاً يجب أن تتعلم وتتقن كيف تتغلب على هذه الضغوط، حتى لا تصاب بأي أمراض وأعراض، وعند الشعور بوجود ضغوط نفسية مارس أنشطة بعيدة عن شاشات الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي، مارس الرياضة على سبيل المثال لأنها تساعد على التخفيف من ذلك.

حاول أن تعبّر عمّا يحدث لك لأحد الأصدقاء أو الأقرباء الذين تثق بهم، لأن ذلك يريح النفس ويساهم في تبسيط حجم المشكلة وإيجاد حل لها خصوصاً إذا كانت لديه خبرة، ولا تكبت مشاعرك أبداً لأن ذلك مضر بالصحة.

مارس هوايات تحبها، لأن ذلك يساعدك على إيجاد توازن لحياتك والتغلب على ضغوط الحياة، وانتبه لما تأكل وحاول أن يكون أكلك صحياً فالصحة النفسية مرتبطة كذلك بصحة الأعضاء، التي تأتي من خلال التوازن في التغذية.