إطلالة

تفاقم أزمة وافدي الـ 60 وعائلاتهم

6 يونيو 2021 10:00 م

فوجئنا كما فوجئ الجميع بقرار الهيئة العامة العاملة، القاضي بحظر إصدار إذن عمل لمن بلغ الـ 60 عاماً فما فوق من حملة شهادات الثانوية العامة وما دونها وما يعادلها، وقد باشرت الهيئة بتطبيقه منذ مطلع يناير الماضي، ورافق هذا القرار اللا إنساني حملة كويتية واسعة تنادي الجهات المسؤولة بضرورة عدم تطبيقه أو التراجع عنه، حتى لا يتضرر سوق العمل في الكويت لاسيما وأن القرار بعيد تماماً عن أي إجراءات أو ضوابط تنظيمية مناسبة، فنحن لا نريد تعديلاً فوضوياً للتركيبة السكانية، فما هكذا تورد الإبل كما يقال؟!

كما يفترض ألا يكون القرار بهذه الصورة على هؤلاء «الشيّاب»، الذين أفنوا حياتهم في الكويت مقيمين في بلد الإنسانية، حتى بلغوا سن الـ 60 عاماً وما فوق؟ هل هذا الحل تقديراً لهم مثلاً، بعد هذه الخدمة الطويلة في البلاد؟ ألا نرى أن قرار الهيئة تكون انعكاساته السلبية أكثر من إيجابياته على سوق العمل ومتطلباته؟ فلا يخفى علينا أن هؤلاء شريحة قد امتهنت المهن الفنية الدقيقة، واكتسبت الخبرة التي يصعب إيجاد البدائل عنهم في حال استمرار سريان تطبيق القرار أي مغادرتهم نهائياً، وبالتالي سيتضرر أصحاب الأعمال التجارية بشكل مباشر في حال عدم التجديد لهم، لذلك يجب على القوى العاملة أن تنظر إلى هذا القرار بعين العطف والرحمة، لأنه يمس آلاف العمالة الوافدة الكادحة، ليكون هذا القرار وفق دراسات وتصورات إنسانية معقولة، تناسب جميع الأطراف المتضررة، وليس التأكيد على فرض رسوم عالية الكلفة على العامل البسيط المراد تجديد إذن عمله، فلنراع الجوانب الإنسانية للمبلغ الذي يتراوح بين 1000 و2000 ديناراً عن السنة الواحدة، ناهيك عن إضافة رسوم وثيقة التأمين الصحي بواقع 500 و1000 دينار وهي رسوم مرتفعة لا يقدر عليها العامل الوافد، أمام ركود الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه جميع بلدان العالم!

وبالتالي لا اعتقد أن مثل هذه التعديلات سترى النور، طالما أن القرار مجحفاً لهذه الدرجة، فهؤلاء يمثلون شريحة كبيرة قد يصيبها الضرر ولن تطول إقامتها في البلاد عند تطبيق مثل هذا القرار، وستتضرر أيضاً أكبر الشركات والمؤسسات الأهلية من فقدان معظم العاملين المهمين والقياديين فيها، لاسيما وأن القرار قد جعل المعايير غير منضبطة خصوصاً في ما يتعلق بعنصر الخبرة لهذه الأعمال المهنية، لذلك حتى نكون منصفين، علينا ألا ننزع من صاحب العمل صلاحية اتخاذ القرار المناسب أو قدرته على الاستعانة بمن يراه مناسباً للعمل من دون التقيد بعنصر السن من ذوي الخبرة المهنية، فالأجدى بنا أن نجد الحلول المناسبة لتجار الإقامات، الذين يجلبون العشرات من العمالة الوافدة الهامشية من الخارج، مهمتهم فقط التسكع في الشوارع والطرقات من دون عمل، فلا نستغرب من هؤلاء أن يكونوا وراء كثرة السرقات والجرائم!

كان الأجدى استثناء وافدي الـ 60 وما فوق بمنحهم حق الإقامة الدائمة، خصوصاً للحالات الإنسانية والخاصة، وكذلك إعطاء مهلة إنسانية للذين انتهت اقاماتهم ويريدون السفر إلى بلدانهم نهائياً، والسؤال هنا: ماذا عملت الحكومة مع شريحة الوافدين الذين يعملون في الكويت منذ أيام الستينات والسبعينات، وبماذا كافأت الكويت آلاف الأسر الوافدة التي عاش أفرادها وترعرعوا في الكويت منذ نعومة أظفارهم؟! ألا يستحقون المساعدة حينما يقول بعضهم «نحن مستعدون أن نموت هنا ولا نرجع إلى بلداننا من حبنا وتقديرنا للكويت».

ألا يستحق هؤلاء إعادة النظر حول أوضاعهم من الناحية الإنسانية.

ما أثلج صدورنا اليوم، رفض غرفة التجارة والصناعة قرار الهيئة بحضور ممثلي هيئة القوى العاملة، حيث طالبت الغرفة العمل على إلغائه مع تقديم مقترحات بديلة قد تكون أكثر مرونة، وهذا حقيقة ما نتمناه لهؤلاء المتضررين. ولكل حاديث حديث.