ما في خاطري

التحفيز المجتمعي السلبي

6 يونيو 2021 10:00 م

قبل ست سنوات، وأنا في طريقي إلى «مترو الأنفاق» مع مجموعة من الأصدقاء في مدينة طوكيو اليابانية، لاحظت سلوكاً غريباً - حينها - وهو ارتداء عدد كبير من اليابانيين للكمامات داخل هذه القطارات وخارجها، رغم أنه في تلك السنة لم يكن هناك انتشار للفيروسات الجديدة وكانت اليابان آمنة، حينها تساءلت عن السبب، فعلمت لاحقاً أن هذا السلوك ما هو إلا ثقافة اعتاد عليها الشعب الياباني منذ سنوات، حيث إنه مرّ بجوائح صحية عديدة مثل الإنفلونزا الإسبانية وغيرها، فاتخذ من الوقاية وسيلة لتجنب التقاط المرض ونشره، وعند مروري على الأسواق كنت ألاحظ بيع الكمامات مع الحاجيات اليومية الضرورية الأخرى، وفي يوم من الأيام مرض أحد أصدقائي - هناك - فطلب أن نذهب إلى السوق لشراء الكمام وارتدائه عند الخروج، وبالفعل هذا ما حدث، فهو شعر بالمسؤولية، وأراد أن يجنّب الآخرين نزلة البرد التي أصابته، فما حدث لصديقي ما هو إلا (تحفيز مجتمعي)، من البيئة التي خالطها، وكان إيجابياً، وعادةً يكون هذا التحفيز مؤثراً على سلوكيات الفرد.

فالفكرة الأساسية من الكمام هي توفير الحماية الممكنة لك وللآخرين من أي عدوى، وهذا ما أكّدتهُ الدراسات الأخيرة، وكشفت لنا جائحة كورونا مدى وعي مجتمعاتنا، وكيفية تعاملها معها، فتم الزامها بارتداء الكمامات وتطبيق الاشتراطات الصحية وهذه مسؤولية اجتماعية قبل أن تكون قانونية، ولكن للأسف هناك البعض لم يلتزم بذلك، وتجده غير قادر على تحمل عبء ارتداء الكمام أو الالتزام بالاشتراطات الصحية لحماية نفسه والآخرين، فيتذمر وفي الوقت نفسه تراه «يتحلطم» على بعض السلوكيات السلبية الأخرى، التي يراها في مجتمعه، وهو لا يكلف نفسه ارتداء الكمام، ضارباً أروع الأمثلة في التناقض الفكري !

ناهيك عن مشاهدتنا لبعض المسؤولين في مقار عملهم وبعض أعضاء مجلس الأمة الذين ضربوا الاشتراطات الصحية عرض الحائط، رغم أنهم المعنيون بتطبيق القانون، وهذه السلوكيات السلبية قد تحفز الآخرين على التراخي، وتؤدي إلى ما أسميه بـ(التحفيز المجتمعي) ولكن بشكل سلبي، وكي نكون منصفين أكثر فتحقيق المسؤولية الاجتماعية والرقابة الذاتية صعبة في مجتمعاتنا، ولكن الحلول قائمة وحاضرة، ولكن لا تُطبق في معظم الأحيان، وهذه المسؤولية تقع على عاتق الحكومة، فهي المسؤول الأول عن تطبيق القانون وإدارة الأزمة، فلو نظرنا إلى معظم دول الخليج فسنلاحظ الصرامة في تطبيق القانون، ولذلك نجد دافعيتهم للالتزام بالاشتراطات الصحية أكبر.

Twitter: @Alessa_815