نتائج تجارب مختبرية تُبشّر باقتراب ظهور جيل جديد

لقاحات «كورونا» تتأهب للتطوّر... من الـ «mRNA» إلى الـ «DNA»

5 يونيو 2021 10:00 م

من خلال دراسة بحثية تطويرية، نجح باحثون في تطوير أول لقاح تعتمد تركيبته على حمض نووي منزوع الأكسجين (DNA) يحمل شفرة البروتين الشوكي الخاص بفيروس كورونا المستجد لتحفيز الجسم على إنتاج أجسام مناعية.

الدراسة الجديدة أجراها باحثون في المعهد الوطني للأمراض المعدية واللقاحات في تايوان، ونُشرت نتائجها أخيراً مجلة «بلوس نيغلكتد تروبيكال ديزيزيس» العلمية المتخصصة. وتبشر نتائج الدراسة باقتراب ظهور جيل جديد من الأسلحة التطعيمية المضادة لمرض «كوفيد- 19».

نسلط في التالي مزيداً من الضوء على هذا التطور البحثي...

على غرار لقاح «فايزر»، تعتمد بعض لقاحات «كوفيد- 19» المستخدمة حاليّاً على تقنية «الحمض النووي الريبوزي المرسال» (المعروف بـ «mRNA») لتحفيز الجسم على تكوين مناعة ضد فيروس «كورونا المستجد» المسبب لمرض «كوفيد- 19».

وتعتمد تركيبة هذا النوع من اللقاحات على صيغة معدلة وراثيّاً من الحمض النووي الريبوزي لتقوم بدور ساعي البريد الذي ينقل إلى خلايا الجسم تعليمات مشفرة حول كيفية إنتاج جزيئات غير ضارة من بروتين الشويكات (Spike protein)، وهو البروتين الرئيسي الذي تتألف منه الشويكات الناتئة من سطح فيروس «كورونا المستجد».

وبعد حقن اللقاح في الجسم، تبدأ الخلايا بتصنيع جزيئات من ذلك البروتين وإظهارها على أسطح الخلايا، وهو الأمر الذي يحفز الجسم على تكوين الأجسام المناعية المضادة التي تتولى الدفاع عند الإصابة بالفيروس.

لكن نتائج الدراسة المختبرية التايوانية الجديدة أثبتت إمكانية وجدوى تطوير لقاحات مضادة لـ«كورونا» تعتمد تركيبتها على الحمض النووي الوراثي منزوع الأكسجين (المعروف بـ«DNA») بحيث يحمل شفرة بروتين الشويكات إلى خلايا الجسم بطريقة أسرع وأكثر تحفيزاً للاستجابة المناعية المضادة لمرض «كوفيد- 19».

وأوضح الباحثون أن كلا النوعين من اللقاحات يستخدم مادة وراثية تحمل شفرة جزء من فيروس كورونا المستجد لاستثارة استجابة مناعية في الجسم، ولكن اللقاحات التي تعتمد على حمض الـ«DNA» يمكن إنتاجها بشكل أسرع وبتكلفة أقل، كما يمكن نقلها دون الحاجة إلى تبريد خاص، فضلاً عن أنها أظهرت أنها آمنة إلى درجة عالية وفعالة في مواجهة فيروسات أخرى مثل فيروس «نقص المناعة البشرية» و«زيكا» و«إيبولا» والفيروسات المسببة للانفلونزا.

وللتغلب على بطء وصول الحمض النووي «DNA» إلى الخلايا، استخدم الباحثون تقنية تُعرف بـ«النفاذ الكهربائي» (electroporation) لتحفيز وتنشيط توصيل اللقاح إلى خلايا فئران تجارب.

وجاء في سياق الورقة البحثية الخاصة بالدراسة: «تتميز اللقاحات الجديدة القائمة على الحمض النووي «DNA» بكونها مستقرة حراريّاً، ولا تحتاج إلى نظام تبريد معين، وتحفز الجسم على إنتاج مستوى عالياً من الأجسام المضادة طويلة الأمد ضد فيروس كورونا المستجد، كما أنها تمنح وقاية ممتدة ضد العدوى بكوفيد- 19».

وقال الباحث شيه-جين ليو الذي شارك في التجارب: «لم يُصرح حتى الآن باستخدام اللقاحات التي تعتمد على الحمض النووي DNA، لكن نتائج دراستنا أظهرت أن فئران التجارب التي تم تطعيمها بذلك النوع من اللقاحات أنتجت أجساماً مضادة طويلة الأمد ضد الشويكات الناتئة من سطح فيروس كورونا المستجد، وهي الشويكات التي يقتحم الفيروس بها خلايا الجسم».

وأضاف: «بلغت تلك الأجسام المضادة ذروتها بعد مرور 8 أسابيع من التطعيم، وظلت معدلاتها مرتفعة لدى فئران التجارب حتى الأسبوع العشرين. واتضح أن الفئران التي تلقت جرعتي التطعيم بفارق ثلاثة أسابيع بينهما، ثم تم تعريضها لعدوى كوفيد- 19 بعد مرور 7 أسابيع ظلت محصنة بدرجة كبيرة ضد الفيروس مقارنة بالقوارض التي لم تتلقَّ ذلك النوع من اللقاح».

ومن جانبه، ختم زميله الباحث هسين وي تشين بالقول: «فئران التجارب المصابة بـفيروس كورونا المستجد تشبه الحالات الشديدة لدى البشر. لذا، فإن الاستجابة المناعية التي أثارها اللقاح الجديد لدى تلك الفئران يمكن أن يستثيرها لدى البشر. كما يمكن أن يقوم بتحفيز إنتاج الأجسام المضادة ضد السلالات المتحورة من الفيروس»، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يبدأ اختبار اللقاح سريرياً على البشر قبل نهاية العام الحالي.