ألوان

رسالة إلى الشباب الكويتي (4)

27 مايو 2021 10:00 م

ها هي الرسالة الرابعة للشباب الكويتي الذين هم الأمل في بناء مستقبل أفضل لبلدنا الحبيبة.

علينا أن نتذكر جميعاً أن التنوّع الثقافي في الكويت ما هو إلا مصدر غنى، وبالتالي يجب أن يكون مصدر فخر واعتزاز لنا، فالتنوّع في اللهجة والطعام والعادات والتقاليد والفنون الشعبية إنما هو جزء من ثقافة الكويت، وإن كانت تخص فئة معينة من المجتمع الكويتي.

ولو رجعنا إلى الكويت القديمة، فإنها رغم صغر مساحتها وقلّة عدد سكانها إلا أنها تضم أربع بيئات متقاربة هي البحر والمدينة والصحراء والقرية، وفي كل بيئة هناك ثقافة معينة، والشعب الكويتي رغم تنوّعه إنما هو شعب متجانس، وهذا ما نلمسه في التعامل الإنساني والاجتماعي، فتجد حالات الزواج بين الحضر والقبائل، وفي الديوانية تجد السني والشيعي والحضري والبدوي والعيمي والحساوي يجلسون معا، وهم أصدقاء منذ عقود من الزمن، وبينهم كل المودة والروح الطيبة والتعامل الأخلاقي، بل إننا نجد رفضاً شديداً لبعض السلوكيات، التي لا تمثل إلا أصحابها كون المجتمع يرفضها.

وعلينا أن نتذكر أن الكويت بها لهجات عدة، وليس من حق أي مواطن كويتي أن يدعي أن لهجته هي اللهجة الكويتية المعتمدة فقط، وأن بقية اللهجات إنما هي دخيلة، فمجرد ذكر ذلك يعدّ إساءة للآخرين، وهو أمر مرفوض دينياً وأخلاقياً، وهناك أبناء الكويتيات الذين حصلوا على الجنسية الكويتية، فهم أصلاً ينتمون إلى هذا المجتمع، فعلينا أن نتقبل لهجتهم وأصول آبائهم، فالتقوى هي الفيصل وليس أي أمر آخر.

وأحب أن أوجه نصيحة للشباب الكويتي، وهي أننا جبلنا على خفّة الدم والتعليقات اللاذعة الساخرة، على الكثير من القضايا في الشارع الكويتي سياسياً واجتماعياً، وبالتالي علينا أن ننتبه إلى بعض التعليقات التي تحمل إساءة، حتى وإن كانت غير مقصودة، كونها «تطفر» بعض الفئات في المجتمع الكويتي.

ولدينا نقطة مهمة، وهي الأجهزة الحديثة مثل الكمبيوتر والهاتف النقال، وما تحمله وسائل التواصل الاجتماعي، إذ إن فئة الشباب هي الأكثر استعمالاً لها وبالتالي عليهم أن يحسنوا استعمال تلك التقنية في تقديم الحسنة وليس السيئة، وكل شيء يمكن استغلاله بصورة إيجابية أو سلبية، وأتمنى من الشباب الكويتي استخدامه في الأمور الإيجابية مثل العلم والثقافة، وليس الإساءة إلى الآخرين.

إن الجيل الذي أنتمي إليه يميل إلى القراءة من خلال الكتاب، وأنا أتفهم أن يقوم الجيل الجديد بالقراءة عبر الهاتف النقال، ومع ذلك ألاحظ أن الكثير من الشباب الكويتي لا يعرف عن آثار بلده الكويت في الصبية وفيلكا، ولا يعرف عن الفنانين التشكيليين المميزين مثل أيوب حسين وبدر القطامي وخليفة القطان وعبدالله القصار وعيسى صقر، ولا يعرف قصائد الشاعر أحمد العدواني ومحمد الفايز وعلي السبتي وخليفة الوقيان، ولا يعرفون إلا معلومات قليلة عنهم، وعن أهل المسرح مثل صقر الرشود ومحمد النشمي، ولا يعرف ما كُتب من أدب عن فترة الاحتلال العراقي للكويت، ولا يعرف سبب تسمية بعض المناطق في الكويت، ولا تاريخ وخصوصية جزيرة فيلكا، ولا بعض النصوص التراثية والأمثال الشعبية، ولا أهم الأحداث التاريخية.

لذا يجب أن تكون هناك مادة يتم تدريسها في مناهج التعليم عن تاريخ وثقافة الكويت، لأنني أخشى أن يأتي اليوم الذي لا يعرف أبناؤنا في المستقبل إلا القليل عن طبيعة الحياة في المجتمع الكويتي في الماضي، ومراحل تطور العلم وبناء المدارس والجامعات، وتطوّر الفكر السياسي وتاريخ الديموقراطية في الكويت.

وفي الختام أريد أن أؤكد على نقطة مهمة، وهي أنني عندما أذكر بعض المثالب في الشباب الكويتي، لا يعني ذلك أنني أقصدهم جميعاً، لأنني على ثقة تامة بأن هناك الكثير من النماذج الرائعة التي نفتخر بها، وقد تعاملنا معها سواء في العمل أو في الفرق التطوعية، وهم محل فخر لنا جميعاً.