نصائح تقدّمها الدكتورة شارون ناتشمان... الطبيبة الأميركية البارزة في مجال مكافحة الأمراض المُعدِية

أعراض لقاح «كورونا» الجانبية... كيف تتعامل معها؟

22 أبريل 2021 07:00 م

لأن أجهزتنا المناعية تختلف من شخص إلى آخر بشكل فريد أشبه باختلاف بصمات أصابعنا، فإن استجابات أجسامنا إزاء لقاحات «كورونا» تتباين أيضاً من شخص إلى آخر.

فالأعراض الجانبية التي قد تظهر لدى كل شخص بعد تلقيه لقاح «كورونا» تعتمد في طبيعتها وشدتها على اعتبارات كثيرة من بينها السن ونوع الجنس، بالإضافة إلى خصائص فردية أخرى كالجينات الوراثية وتاريخ التعرض للعدوى الفيروسية.

لكن بشكل عام، هناك إجماع بين الخبراء في مجال الطب على أنه من الطبيعي أن يشعر الشخص بأعراض وأعراض جانبية عكسية قد تسبّب له درجة من عدم الارتياح لمدة تصل إلى 48 ساعة بعد تلقي جرعة اللقاح. ويقول الخبراء إن تلك الأعراض هي في معظم الأحوال بمثابة علامة تشير إلى أن اللقاح يقوم بعمله.

وتشمل الأعراض الجانبية الشائعة المحتملة :

• الدوخة • الصداع • الغثيان أو القيء • اضطراب الرؤية • ضيق التنفس • ألم طارئ في الصدر أو البطن • برودة في الأطراف • تورُّم في إحدى الساقين أو كلتيهما • ظهور بقع زرقاء متفرقة تحت الجلد في غير موضع حقن اللقاح وينصح الخبراء بعدم الهلع وعدم المسارعة إلى طلب مساعدة طبية إلا إذا كانت تلك الأعراض شديدة بدرجة يصعب احتمالها ومستمرة وتتزايد مع مرور الوقت، خصوصاً إذا لم تبدأ في الانحسار تدريجياً بعد مرور 72 ساعة على تلقي اللقاح.

وباستثناء ذلك، فإن هناك نصائح وإرشادات تلطيفية تقدمها في التالي أبرز طبيبة أميركية في مجال معالجة ومكافحة الأمراض المعدية، وهي الدكتورة شارون ناتشمان التي تشغل حاليا منصب رئيسة قسم الأمراض المعدية بمستشفى «ستوني بروك» للأطفال في نيويورك.

الأعراض الجانبية... ظاهرة طبيعية

في البداية، تؤكد الدكتورة «ناتشمان» على أنه من الطبيعي جداً أن يظهر لدى الشخص واحد أو أكثر من الأعراض الجانبية المذكورة آنفاً، سواء بعد تلقيه الجرعة الأولى أو الجرعة الثانية من أي لقاح مضاد لمرض «كوفيد- 19»، وتضيف: «طالما أن هذه الأعراض والأعراض العكسية معقولة ويمكن احتمالها، فهذا يعني عادة أن جسمك يقوم بتخليق استجابة وحماية مناعية ضد الإصابة مستقبلاً بعدوى فيروس كورونا المستجد».

مُسكّنات الألم... يُستحسن تفاديها

تؤيد ناتشمان توصية هيئة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية (CDC) بعدم تعاطي أي مسكنات آلام قبل وعقب تلقي جرعة اللقاح، وذلك لأن: «تلك المسكنات قد تُعيق قدرة الجسم على تخليق وتحفيز الاستجابة المناعية في الوقت الذي تحتاج إلى تلك القدرة تحديداً».

وتضيف ناتشمان: «بعد تلقي جرعة اللقاح مباشرة، يستحسن ألا تأخذ أي أدوية عموماً خصوصاً المسكنات. لكن إذا شعرت في اليوم التالي بأنك تحتاج إلى أن تأخذ مسكناً، فإنني أوصي بأخذ القليل من أي مسكن له تركيبة التايلينول (Tylenol)، وذلك كخيار آمن نسبياً لأن هذا النوع من المسكنات هو الأقل كبحاً لقدرة استجابة الجسم المناعية».

كمّادات مثلجة... نظيفة

توضح ناتشمان: «بمجرد حقن جرعة اللقاح في أعلى ذراعك، يزداد تدفق الدم وتندفع الخلايا المناعية إلى موضع دخول إبرة الحقن. ويمكن أن يؤدي هذا إلى الشعور بألم في ذلك الموضع وما حوله - وهو التأثير الجانبي الأكثر شيوعاً الذي ينجم عن جميع لقاحات كورونا تقريباً».

وفي تلك الحالة، توصي ناتشمان بوضع كمادة مثلجة أو باردة على موضع الحقن لتخفيف الالتهاب والألم، منبهة إلى أنه ينبغي أن تكون الكمادات نظيفة تماماً منعاً لحدوث أي تلوث.

تحريك الذراع... لكن ممنوع التدليك

تقول ناتشمان: «هناك إجراء إضافي لتلطيف تورُّم والتهاب موضع حقن اللقاح، وهذا الإجراء يتمثل في تحريك الذراع المحقون بتمارين رياضية معتدلة وبزوايا متنوعة، حيث يساعد ذلك على تشتيت منطقة الالتهاب بوتيرة أسرع».

لكنها تستدرك محذرة: «ومع ذلك، عليك ألا تقوم بتدليك موضع حقن اللقاح بيدك أو بأي طريقة أخرى، فهذا قد يؤدي إلى تفاقم الالتهاب والألم».

الماء الساخن...لتلطيف آلام العضلات

آلام عضلات الجسم عموماً هي من أكثر الأعراض الجانبية شيوعاً بين من يتلقون لقاح كورونا، حيث كشفت متابعات احصائية سريرية أجريت على آلاف من المتطوعين الأميركيين عن أن تلك الآلام العامة قد أصابت حوالي 60 في المئة ممن تلقّوا لقاح «موديرنا» و40 في المئة ممن تم تطعيمهم بلقاح «فايزر» و35 في المئة ممن أخذوا لقاح «جونسون آند جونسون».

وفي حين يوصي الأطباء عادة بحمامات الملح الإنكليزي لتخفيف آلام العضلات والجسم عموماً، فإن ناتشمان لديها علاج أبسط حيث تقول: «في الواقع، أنا فقط أنصح مرضاي في مثل هذه الحالات بأن يأخذوا حمامات بماء ساخن لطيف. إنها طريقة في متناول الجميع وغير مكلفة ويشعر معظم الناس بتحسن بعدها مباشرة ».

لسانك... مؤشر يدلك على الجفاف

بشكل عام، ينصح الخبراء الطبيون بشرب الكثير من الماء والسوائل قبل وبعد تلقي جرعة اللقاح، حيث إن الأعراض الجانبية – كارتفاع درجة حرارة الجسم والغثيان - يمكن أن تصيب الجسم بالجفاف. وإذا كانت السوائل منخفضة في جسمك فعلياً قبل تلقيك اللقاح، فقد يؤدي ذلك أيضاً إلى تفاقم وطأة الأعراض الجانبية.

وعن ذلك، تقترح ناتشمان حيلة سهلة وبسيطة لمعرفة ما إذا كان جسمك جافاً وتحتاج إلى شرب مزيد من الماء، حيث تقول: «إذا أخرجت لسانك أمام مرآة وتفحصته جيداً ولاحظت أنه أبيض نسبياً، فهذا يعني أن جسمك على مستوى ما من الجفاف. عليك عندئذ أن تشرب أكبر كمية تستطيعها من الماء والسوائل الصحية أو العصائر الطازجة».

المجهود البدني مسموح... لكن باعتدال

لا بأس من ممارسة بعض التمارين الرياضية أو الجهد البدني بعد تلقيك جرعة اللقاح، لكن ناتشمان تحذر قائلة: «ينبغي عليك في جميع الأحوال عدم إجهاد جسمك إلى درجة كبيرة خلال الأيام القليلة التالية لتلقيك اللقاح، حتى إذا كنت معتاداً أصلاً في حياتك اليومية على ممارسة التمارين أو الحركات البدنية الشاقة».

وتابعت: «إذا كنت معتادا مثلاً على ممارسة رياضة ركوب الدراجة الهوائية يومياً لمسافة طويلة نسبياً، فإن يوم تلقيك اللقاح ليس اليوم المناسب للقيام بذلك. وحتى خلال أول ثلاثة أيام بعد تلقيك اللقاح، عليك ألا تبذل أي مجهود بدني كبير، بل عليك التمهل».

خطط مسبقاً لأخذ إجازة من عملك... خصوصا بعد الجرعة الثانية

وفقا لنتائج دراسة أجرتها حديثاً هيئة مراكز مكافحة الأمراض (CDC) في الولايات المتحدة ورصدت من خلالها الأعراض الجانبية بين أكثر من 1.9 مليون أمريكي ممن تلقوا لقاحات «فايزر» أو «موديرنا»، لوحظ أن الأعراض الجانبية كانت أكثر انتشاراً وأشد وطأة بعد الجرعة الثانية من كلا اللقاحين.

أما الاستثناء الوحيد فهو إذا كان قد سبق لك أن أصبت بمرض «كوفيد- 19» قبل تلقيك اللقاح، حيث اكتشفت دراسة أميركية محدودة النطاق أجراها باحثون تابعون لكلية إيتشان للطب أن الأعراض الجانبية للقاح كورونا كانت أكثر شيوعاً ووطأة بعد الجرعة الأولى بين الأشخاص الذين لديهم مناعة مسبقة ضد كورونا مقارنة بنظرائهم الذين لم يسبق لهم أن أصيبوا بمرض «كوفيد- 19».

وفي كلتا الحالتين، توصي ناتشمان بأنه «يستحسن التخطيط مسبقاً لأخذ إجازة من العمل في يوم تلقي اللقاح (واليوم الذي بعده إن أمكن) لأنه من المرجح أن تصاب بواحد أو أكثر من الأعراض الجانبية المرهقة نسبياً».

ماذا إذا استمرت الأعراض الجانبية لبضعة أيام؟

توصي إرشادات هيئة مراكز مكافحة الأمراض في الولايات المتحدة بضرورة الاتصال بطبيب أو طلب مساعدة طبية عاجلة إذا لوحظ تزايد التورم والالتهاب والألم في موضع الحقن وما حوله بعد مرور 24 ساعة على تلقي اللقاح.

وعن ذلك تقول الدكتورة ناتشمان إنها شاهدت أيضا بعض المرضى يظهر لديهم طفح جلدي حول موضع الحقن، وهو الطفح الذي قد يستمر لنحو أسبوع قبل أن ينحسر ويتلاشى، مشيرة إلى أنها لاحظت أن ذلك الطفح أكثر شيوعا بعد لقاح «موديرنا» مقارنة بلقاح «فايزر».

لكنها ناتشمان تستطرد موضحة: «بشكل عام، لا ينبغي لمثل ذلك الطفح الجلدي أن يثير القلق أو الهلع، إلا إذا كان مصحوباً بارتفاع مستمر في درجة حرارة الجسم».

وأضافت: «من غير المقلق أن نرى احمراراَ والتهاباً موضعياً معتدلاَ حول موضع الحقن، أو أن يظهر القليل من الطفح الجلدي أيضا. لكن في حال حدوث أي من تلك الأعراض مع الحمى (ارتفاع حرارة الجسم)، فإن ذلك يستدعي المسارعة في أقرب وقت إلى طلب المساعدة من طبيب متخصص».

وبينما توصي هيئة مراكز مكافحة الأمراض (CDC) بضرورة اللجوء فوراً إلى طبيب إذا لم تبدأ الأعراض الجانبية في التلاشي بعد مرور 3 أيام، فإن الدكتورة ناتشمان تؤكد على أن «تلك الأعراض الجانبية هي في معظم الحالات استجابات جسدية مُرحَّب بها. فعلينا أن نتذكر دائماً أن هذه الأعراض تعني أن جهاز مناعتك أصبح نشطاً وبدأ في مضاعفة قدراته الدفاعية وأن جسمك قد بدأ فعلياً في اكتساب حصانة مناعية».