تركي العازمي / الوعلان ومسؤولو البلدية

1 يناير 1970 04:52 ص
ورد في جريدة «الراي» عدد الجمعة الموافق 4 ديسمبر خبر مفاده أن مسؤولين في البلدية يقاضون الوعلان إذا وردت أسماؤهم في جلسة الاستجواب. وخبر كهذا يحق لنا تناوله من جانب جوهري مهم ليس بقصد النقد أو توجيه اللوم إلى هؤلاء المسؤولين ولكن لتبيان طبيعة ثقافة جهازنا التنفيذي وحساسيته من انعكاسات سياسية على أمور إدارية صرفة شابتها بعض الشوائب.

فمقولة أن الوزير صفر غير مسؤول عن أمور إدارية تحصل في البلدية غير صحيحة، فهو من يعتمد القرارات، وهو من يأخذها إلى حيز النفاذ دون تراجع عنها. ومقولة أن الاستجواب شخصاني فهذا أمر تحدده المحاور، وعلى ضوء عرض النائب ورد الوزير يحدد النواب طبيعة الاستجواب تحت قبة عبدالله السالم.

النائب غير مؤاخذ عما يبدر عنه من قول وعمل داخل قاعة البرلمان وفي لجانه وعليه فالموضوع مأخوذ خيره كما يقولون! وللنائب الحق في توجيه المساءلة السياسية للوزير دستورياً، ولا يجوز بأي حال من الأحوال سحب هذا الحق، أو الانتقاص من قدره، وقد ذكر النائب أن الاستجواب غير شخصاني، وغير طائفي فما المشكلة في استجوابه خاصة بعد فضيحة محطة مشرف؟!

ما نتمناه من السادة المسؤولين والوزراء لا يتجاوز تشديدنا على مطالبتهم في الحرص على تطبيق القانون، والالتزام بكل عمل من شأنه توفير الخدمات المطلوبة للمواطنين والمقيمين بشكل احترافي وخلال فترة زمنية قصيرة... ان الانشغال في السياسة وتحويل عملهم إلى «سوالف» تسيس بما فيها الإدارية يبعد المسؤولين عن طبيعة المهام التي يتوجب عليهم القيام بها، ونرى أن هذا الأمر تسبب في تشكيل مجاميع مسيسة تعمل وفق أجندتها الخاصة حتى وان كانت مخالفة للتوجه العام، ولولا الاستجوابات والمساءلة من قبل أعضاء مجلس الأمة لما تمكنا من إيقاف هذه الممارسات «العرجاء» لإعادتها للسير بشكل صحيح وخطى ثابتة.

إن نواب مجلس الأمة يتردد عليهم بعض العاملين بشكاوى وعرض لانتهاكات صارخة تحصل في أروقة الجهاز التنفيذي والتي يبني على أساسها النائب أسئلته، وبعده يتوجه إلى خيار تقديم الاستجواب عندما يكون الرد غير مقنع... هذا إن جاء رد بالأساس!

يقول المثل الدارج «اللي في بطنه بطيخة يتحسس عليها» ولا أعتقد أن مسؤولاً جاداً في عمله «من دون استثناءات غير قانونية» يخشى من تقديم استجواب للوزير أو غيره، فعمل كل مسؤول محدد، ومساحة الاستثناء محددة، وإننا حينما نتجاهل بعض الممارسات الخاطئة فإننا في هذه الحال نجسد السلوك الإداري «الأعرج» كنمط عرفي يتم تقليده من قبل الآخرين و«قال من نهاك قال من أمرني» وهذا ما نلاحظه في مؤسسات الدولة فالمسؤول الصغير حينما تأتيه تأشيرة اللا مانع على معاملة غير قانونية فإنه بالتالي «يفتحها بحري» لربعه... وهذه الثقافة الحالية التي تنتهجها وزارات الدولة إلا ما ندر.

على أي حال ننصح المسؤولين في البلدية وغيرهم في البعد عن صراعات السياسيين التي في الغالب لا يكونون على علم بتفاصيلها، وفي جلسة الاستجواب الحكم للنواب، وقد تتغير فكرة بعض المسؤولين عند عرض الحقائق سواء كانت في كفة الوزير أو النائب فهم جميعاً إخوان لنا، ونحن مع ما نص عليه الدستور وخلاف ذلك لا يعنينا... والله المستعان!



تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]