من بلدي / شاعر الخليج خالد الفرج
1 يناير 1970
10:50 ص
| لطيفة جاسم التمار |
كان الفرج نموذجا فذا، لرجل كان له الفضل الأكبر على الحركة الأدبية والفكرية في الخليج والجزيرة العربية، ولد الفرج عام 1898م ونشأ في جو من الثراء والجاه، فتلقى علومه الأولى في الكتاب، ثم أكمل مسيرته التعليمية على ايدي مدرسين اكفاء ممن قاموا على تنشئته، بعد ذلك عمل لوقت قصير من الزمن في مهنة التعليم.
ثم انتقل إلى «مومبي» وعمل هناك، وتعلم عدة لغات منها الانكيلزية ولغة الاوردو الهندية، وبدت ميوله الشعرية بالظهور واخذت تنمو شيئا فشيئا حتى وصف هو شعره ومنهجه بدقة بالغة عندما قال:
والشعر لولا بحور الشعر واسعة
ادواحه، كل زهر جاء من فنن
وما العروض سوى الأغلال مقفلة
من القوافي بأقفال على الزمن
ورب معنى لطيف غير متزن
تركته لسخيف اللفظ متزن
اني أري الشعر في المعنى ولست أرى
في عابد اللفظ إلا عابد الوثن
واتخذ الفرج اسلوبا فريدا في عرض كثير من المشاكل الاجتماعية، ومن خلال اتباعه طريقة مميزة في تصوير الواقع بشكل ساخر يأسر كل من يسمعه، ويمتع الألباب، ويدخل الفرحة في النفس، وبذلك يحتل الجانب الانساني معظم اشعاره، وهذا ما وجدناه في قوله الساخر والساحر في صورة نقل السفن الشراعية للمياه من شط العرب:
تصور فدفدا لا شيء فيه
سوى رمل به وطء السباع
ولا ماء لدى الرمضاء إلا
عليه الرمل ناف بألف باع
ولا شجر لدى الصحراء إلا
هشيم جاء من اقص البقاع
فذاك هو الكويت وساكنوه
اذا دهموا «ببوم» غير ساع
ومن الملاحظ سيطرة الفكرة القومية على شعره، خاصة عندما عاد الملك عبدالعزيز إلى المملكة ليوحد اجزاءها ويجمع اشلاءها، مما كان له الاثر الابرز على نفس الفرج، فيقول:
هو الشعر افراده والأسر
يعيش ويحيا حياة الشجر
اصول عليها تقوم الفروع
إلى علا دوحها وانتشر
قد اتصلت بالأصول الغصون
فجاءت بأوراقها الثمر
«قصيدة طويلة انتقينا منها القليل من الأبيات»
وأسس الفرج في الهند مطبعة اسماها «المطبعة العمومية»، طبع فيها عددا من الكتب العربية، لكن على ما يبدو لم تعمر هذه المطبعة طويلا، بسبب ظروف تنقله الدائم بين الأمصار، لكن الفكرة ما فتئت ان راودته بعد فترة.
وبعد ان ترك الهند استقر في البحرين، فقد كانت حياته غنية وثرية في البحرين، لتوفر مساحة من الحرية لم تكن موجودة في الكويت آنذاك، فشارك في النهضة الفكرية في البحرين وقال فيها:
والمجد فيها شامخ متقادم
«لثمود» يرجع عصره أو «عاد»
في كل شبر قلعة أو مسجد
هذيك ظاهرة وذلك بادي
وبكل يوم طود مجد قائم
مجد طريف فوق مجد تلاد
ومما لاشك فيه ان البحرين جديرة بكل هذا الحب والتقدير من الشاعر، فلقد غمرته بعطفها فلم يشعر بغربة المكان، لكنه في عام 1927م نفى الانكليز الفرج من البحرين إلى الكويت، ثم انتقل إلى القطيف وبعدها الى مدينة الدمام التي استقر بها وأسس فيها المطبعة التي اسماها «المطبعة السعودية»، وحقق شهرة كبيرة في السعودية واقترب من الشعراء والادباء واشرف على الاذاعة.
كما يحسب للفرج الريادة الاولى، في كتابة القصة القصيرة في الكويت حيث انه انتج قصة «منيرة» في عام 1930م، لكنه لم يكرر التجربة مرة اخرى مع العلم ان تجربته القصصية كانت تبشر بقاص مثقف، ذي علم ودراية بعرض مشاكل مجتمعه، كما كانت له نظرة مستقبلية مستقلة، ونضج مبكر لم تستطع ان تصل اليه القصة القصيرة في الكويت بعد تجربته الوحيدة حتى عشرين عاما أو أكثر.
* ماجستير أدب عربي