بلا حدود

دراسة حالة للوصول إلى العدالة ( 2 من 2)

16 مارس 2021 10:00 م

... جدلية القضاء في حادثة اقتحام مجلس الأمة الكويتي تنتهي بصدور الأحكام النهائية الممهورة باسم صاحب السمو سواء أكانت أحكاماً جزائية تجريمية أم أحكاماً بالبراءة، وكل من يعترض على هذه الأحكام فهو يمسّ نزاهة القضاء الكويتي؛ لذا سوف نوضح بعض النقاط:

- من يرى أن الذين اقتحموا مجلس الأمة لم يسرقوا إلا مطرقة رئيس المجلس، ولم يعبثوا أو يقوموا بالتخريب إلا اللهم كسر زجاج بسيط وتحريك رخامة من موقعها وميلان العلم، ويضرب مثالاً على ذلك بأنه لو أخذ هاتف أي شخص واطّلع فقط على ما فيه وأعاده فلا ضير في ذلك، نقول له إن سرقة بيضة كسرقة خزنة لأن مبدأ السرقة موجود ومبدأ العبث والتخريب موجود، يظلّ تقدير جرم السرقة والعبث والتخريب للقضاء.

وأظن لو أنهم مكثوا أكثر من ذلك لقاموا بسرقة أشياء أكثر ولعبثوا وخرّبوا أكثر. كما أن الاطلاع على هاتف أي شخص من دون إذن من صاحبه يعدّ تعدياً على خصوصية الغير وهو يشكّل جريمة، هب أنك وجدت رجلاً في بيتك في منتصف الليل، فسوف يذهب ظنك لأحد أمرين إما أنه سارق أو هناك تعدٍ على شرفك وعرضك، ولك الحكم بعد ذلك.

- نسأل قادة هذا الاقتحام لو أن حرس المجلس أطلق الرصاص على من اقتحم مجلس الأمة - وهو حق مشروع - وأردى بعضهم قتيلاً، من يتحمّل وزر هؤلاء الشباب؟! ثم لتعقدت الأمور أكثر، ولدخلنا في حيص بيص في هدر الدماء؛ ولكن الله عز وجل كان لطيفاً بالكويت وأهلها ستر علينا سبحانه وتعالى له الحمد والشكر.

- العفو: كلنا مع العفو لأبنائنا ومع لم الشمل (انظر مقالنا بعنوان «عفواً... العفو الشامل» المنشور في جريدة «الراي» بتاريخ 24 نوفمبر 2020م)؛ ولكن سيادة وهيبة الدولة فوق أرواحنا جميعاً، والعدالة في العفو أيضا مطلوبة، لذا أقترح أن تشكّل لجنة من وزارة الداخلية إدارة تنفيذ الأحكام بالتعاون مع سفارة دولة الكويت في دولة الفارين من الأحكام القضائية الصادرة بحقهم، ويتم استدعاء من يرغب في العفو وفق اشتراطات سياسية وأمنية، ويتم ترحيله والعودة به إلى الكويت لينفذ الحكم حتى لو لسويعات حفاظاً على سيادة القضاء ومكانة وهيبة الدولة بخط موازٍ مع كتاب طلب العفو من مقام حضرة صاحب السمو، واحداً تلو الآخر بفترات متباعدة دونما ضجة ولا ضجيج ولا بطولات وهمية، مراعاة لمشاعر غيرهم من الكويتيين الذين يعملون بطاعة وبصمت وهدوء وإخلاص وتفانٍ.

نختلف نعم، نرفع الصوت عالياً، لا ضير في ذلك، حتى إذا وصل إلى الشتائم والاتهامات، تظلّ العملية نسبية لا تخرج من الاحتجاج والتنفيس، أما أن نقتحم حرمات الأماكن، ونهتك أعراض الناس ونطّلع على أسرار مكاتبهم، فهناك من يحتفظ بأسرار أبنائه وبناته وأصدقائه، وهناك من يحتفظ بماله ومقتنياته في مكتبه، إذاً هذا خرق واضح وصريح لخصوصيات الموظفين والموظفات يعاقب عليه القانون، والأدهى والأمر من ذلك هتك عرض الأمة؛ فالأمة من الأم، يا من اقتحمت مجلس الأمة وتباهيت بهذه البطولة هل ترضى أن يقتحم البيت على أهلك... أجبني بالله عليك؟!.

(انظر: مقالنا بعنوان «مصالحة أم مسامحة؟» المنشور بجريدة «الراي» بتاريخ 17 نوفمبر 2020م).