ربيع الكلمات

النفط ارتفع... كبّر المخدّة!

10 مارس 2021 10:00 م

قبل أيام كنّا نسمع عن احتمال حدوث عجز في الميزانية، وبالتالي مشكلة في دفع الرواتب نتيجة انخفاض أسعار النفط، ولكن الآن وبعد أن قارب سعر برميل النفط 70 دولاراً زالت مخاوف توفير السيولة، وبالتالي ضمان بند الرواتب في الميزانية وهذا الذي سبّب الارتياح، وللعلم مررنا بتجارب كثيرة لنزول النفط ولكن لم نتعلم من الدرس، وما زلنا في دائرة الخطر للسنوات المقبلة.

الأزمات النفطية السابقة بعضها كان عنيفاً، ولكن لم نأخذ الدروس والعبر للأسف، ففي الفترة من عام 1948وحتى نهاية الستينات كان سعر البرميل 3 دولارات، ثم ارتفع سعر النفط عام 1974 أربع مرات متجاوزا 12دولاراً للبرميل، ثم استقرت أسعار النفط العالمية خلال عام 1974 وحتى 1978 ما بين 12 دولاراً للبرميل و13 دولاراً، وبسبب الحرب العراقية- الإيرانية ارتفع سعر برميل النفط في عام 1978 إلى أكثر من 35 دولاراً للبرميل، وفي عام 1986 انهارت الأسعار إلى أقل من 10 دولارات للبرميل، وعام 1999 صعد سعر البرميل ليصل إلى 25 دولاراً للبرميل، وعام 2005 وصلت الأسعار إلى 78 دولاراً للبرميل، بعد ذلك شاهدنا الأسعار القياسية التي تجاوزت 100 دولار للبرميل ثم النزول.

لماذا يجب علينا أن نفكّر بمصادر بديلة عن النفط؟، لأننا نعيش في عالم متغير، والسرعة في هذا التغيير لم تتعود عليها المجتمعات الشرقية، وستحلّ التكنولوجيا مكان العديد من البشر، وهناك وظائف ستختفي وأخرى ستظهر.

والتكنولوجيا ستغير وجه الكثير من الصناعات التقليدية، ولعل جائحة «كورونا» ساهمت في ذلك كثيراً، وهناك أعمال أصابها شلل تامّ خصوصاً فيما يتعلق بالنقل والسياحة.

وفي مقابلة سابقة مع المدير التنفيذي لشركة «مرسيدس بنز»، قال إن منافسي شركته لم تعد شركات سيارات أخرى، وإنما «تيسلا» وغوغل وأبل وأمازون وأما الآخرون فهم المنافسون الدائمون الثلاثة: الموت والضرائب والتغيير.

والآن أكبر شركات تأجير السيارات لا تملك سيارة مثل «أوبر»، وحجز التذاكر والفنادق يتم عن طريق بعض التطبيقات الموجودة في الهواتف الذكية، والمؤسسات التعليمية التي كانت لا ترى في التعليم عن بعد حاجة، أصبحت تحت الأمر الواقع بسبب جائحة «كورونا»، ولكن بلا شك تعليم عن تعليم يختلف.

ولعل الأغلب يشاهد ما يحدث من تدمير للمشاريع الصغيرة، حتى إن بعض هذه المشاريع صعب عليه أن يستأنف عمله حتى لو عادت الحياة من جديد بسبب تراكم الديون، وهناك تحدٍ آخر يواجه هذه المشاريع وهو التطبيقات الذكية التي بدأت تبيع كل شيء تقريباً، بل بعض هذه التطبيقات أصبح بحجم المجمعات التجارية من حيث البضائع الموجودة مثل مواقع «نون» و«مول» و«وزاد» والكثير من المواقع التي ستساهم في تغيير السلوك الاستهلاكي للناس بعد انتهاء هذا الوباء.

والخلاصة أن أمامنا خيارين ونموذجين، الأول الناجح والإيجابي مثل سنغافورة من بلد فاشل وبه مشاكل لا تحصى إلى بلد ناجح سياسياً واقتصادياً ومن أكثر البلدان استقراراً سياسياً في آسيا وفق تقرير التنافسية العالمي، أما النموذج الثاني في حالة لم نفعل شيئاً «ونكبر المخدة» فلا شك أن النموذج الفنزويلي هو الأقرب.