المسؤولية ما بين مديري الغرف والمتجاوزين ... والإثبات مُمكن بكل الوسائل

نصائح قانونية لمستخدمي «كلوب هاوس»

9 مارس 2021 10:00 م

مع تزايد الاهتمام بتطبيق «كلوب هاوس»، الوليد الجديد في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، وجهت أصوات قانونية نصائح لمديري الغرف لتجنب مسؤولية أي إساءة قد تصدر من المتواجدين في الغرف التي يديرها هؤلاء المديرون (Moderators).

ورأت قراءات قانونية مختلفة أن من أصدر الإساءة يتحمل منفرداً تبعاتها ولا يمكن محاسبة مديري الغرف على أمر لم يرتكبوه.

التطبيق الجديد مختلف تماماً عن التطبيقات الأخرى مثل «تويتر» و«إنستغرام» لأنه لا يتم التوثيق فيه سواء من خلال الكتابة أو الصورة، وإنما يقتصر الأمر على تبادل الأحاديث في غرف حول مسائل معينة من دون تسجيل هذه المحادثات التي يمكن أن تنطوي على إساءات.

وأمام هذا الواقع، فتحت «الراي» ملف التبعات القانونية للبرنامج الذي يشهد إقبالاً كبيراً في الكويت، لتوجيه نصائح قانونية للمستخدمين تجنبهم أي مشاكل.

محمد جاسم دشتي: لا عقوبة لمن لم يرتكب الأفعال المؤثمة

- التهديد الدائم بفرض القانون يبث الرعب في قلوب الناس

رأى المحامي محمد جاسم دشتي أنه لا يمكن محاسبة أي شخص لم يرتكب الأفعال المؤثمة حتى وإن كان مديراً للغرفة، إلا إذا خالف القانون أو أنشأ الغرفة للقيام بما يخالف القانون.

وقال دشتي لـ «الراي»: «يثار مع كل حدث تكنولوجي جديد تساؤلات عدة حيال مدى ملاءمته للقانون وما هي الجرائم التي قد يرتكبها مستخدمو تلك البرامج الحديثة، وقد توالى الاهتمام العام بهذا الشأن حتى وصلت المطالبات السياسية بإلغاء كامل لقانون جرائم تقنية المعلومات».

وأضاف: «استقبل المستخدمون بشغف برنامج (كلوب هاوس) خاصة أنه يفتح مجالاً مناسباً لإنشاء الغرف وعنونتها للدردشات الصوتية، وهذا ما جعل التطبيق يحظى باهتمام شريحة واسعة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي»، موضحاً أن «هذا التطبيق كغيره من التطبيقات من الممكن، من ناحية نظرية، أن تشكل بعض الأقوال التي تصدر من المستخدمين ذات الجرائم التي يعاقب عليها قانون جرائم تقنية المعلومات، فالمحظورات هي ذاتها لأن العلانية متحققة بمجرد تواجد أكثر من شخص في الغرفة الصوتية الواحدة، وقد يكون من الأسلم من الناحية القانونية أن يتم قفل الغرف الصوتية لمجموعة محددة من المستخدمين». وفي شأن التساؤل الدائم عن آلية إثبات وقوع الجرائم، أوضح دشتي أنه «ينبغي في هذه الحالة استذكار المبدأ الجنائي القائل بحرية الإثبات باستخدام كل الطرق، ومنها القرائن وشهادة الشهود والتسجيلات الصوتية متى ما تم التحقق منها بواسطة تقنيات المضاهاة التي توافرها الإدارة العامة للأدلة الجنائية».

وتابع: «أما بخصوص مسؤولية الناطقين ومدير الغرفة الصوتية عند وقوع المخالفة، فإن المبدأ الذي يحكم هذه المسألة هو مبدأ دستوري قوامه أن العقوبة شخصية فلا عقوبة على من لم يرتكب الأفعال المؤثمة بنص القانون وإن كان مديراً للغرفة، إلا إذا قام المدير بما يخالف القانون أو أنشأ الغرفة في الأصل للقيام بما يخالف القانون فإنه يُسأل بحسب أفعاله لا أفعال غيره».

واختتم قائلاً إن «منصة (كلوب هاوس) هي منصة تقدمية توافر بيئة صحية للحوار العاقل بين مختلف الشرائح، وهي تجمع المتشابهات في غرف صوتية وتجعل من حديثهم ذا طابع جاد، ولهذا فإن الحوار في أغلبه تحكمه قواعد حرية البحث العلمي وإباحة النقد العلمي والنقاش في مجلس هادئ من دون إثارة، وهو الجانب الذي يجب علينا التمسك به والدفع نحوه وصولاً للحرية التي نبتغي، والتي تبني آفاق التفكير وتأخذ بيد المستخدمين لرحاب أوسع، والتهديد الدائم بفرض القانون يبث الرعب في قلوب الناس وهو ما لا يقبله داعم للفكر ولا يرتضيه غيور».

حسين العبدالله: المدير لا يُحاسَب إذا حاول منع الإساءة

- الغرف المغلقة لا يمكن مساءلة أعضائها عن أي جرائم يتطلب القانون فيها ركن العلانية

- يمكن توثيق الحوارات بالتسجيل أو شهادة الشهود أو تحريات المباحث

رأى المحامي حسين العبدالله إن «ما يتم التعبير عنه في برنامج (كلوب هاوس) يندرج تحت أحكام قوانين الجرائم الإلكترونية وهيئة الاتصالات والجزاء وأمن الدولة وقانون الوحدة الوطنية، وهذا البرنامج وإن كان يضم غرفاً للدردشة والنقاش إلا أنها تعتبر متاحة للكافة بدخولها من دون قيد، والحق بالمشاركة والاستماع إلى ما يدور من حديث ونقاش فيها».

وأضاف «سبق لمحكمة التمييز الكويتية أن قضت في أكثر من حكم قضائي بأن المواقع الإلكترونية المتاح الدخول إليها من قبل الكافة تأخذ حكم المكان العام، بينما المواقع المغلقة فإنها تأخذ حكم المكان الخاص ولايمكن مساءلة المتهمين فيها عن الجرائم التي يشترط فيها ركن العلانية»، موضحاً أنه «إذا ما تم استخدام غرف مغلقة في (كلوب هاوس) فلا يمكن مساءلة أعضائها أو الناطقين بها عن أي جرائم يتطلب القانون فيها ركن العلانية، بينما حالياً الدخول إلى غرف (كلوب هاوس) بحسب المشاع من غرف للدردشة فهو متاح للكافة ومن دون قيد، وبالتالي فإنه يأخذ حكم المكان العام وينطبق في شأن ما يعبر فيه على قوانين الجرائم الإلكترونية أو هيئة الاتصالات أو الجزاء أو أمن الدولة أو الوحدة الوطنية والتي تقضي بعقوبة الحبس والغرامة، وذلك بحسب طبيعة الإساءات الصادرة من المعبرين عن آرائهم إذا ما تضمنت إساءة أو مساساً بكرامات الأشخاص أو غيرها من الجرائم التي تندرج تحت بند الإساءة».

وعن كيفية إثبات حدوث أي تجاوز طالما أن المشاركة في هذا البرنامج شفهية ومقتصرة على أفراد الغرفة التي يتم التحاورمعها، أجاب العبدالله قائلاً «بالإمكان توثيق الحوارات التي يتم التعبير عنها في تلك الغرفة بالتسجيل بالصوت أو الصوت والصورة، كتسجيل الفيديو لها من أجهزة التسجيل مثل استخدام كاميرات خارجية أو حتى من خلال شهادة الشهود لمن عاصروا تلك الإساءات في تلك الغرف، فضلاً عن تحريات رجال المباحث الذين قد يتواجد أحدهم في تلك الغرف».

وعن المسؤولية القانونية وإذا ما كانت تقع على من يقوم بتجاوز ما أم أن مدير الغرفة يشاركه تلك المسؤولية، أوضح العبدالله أن «الناطق الذي صدرت عنه الإساءات يتحمل المسؤولية، وكذلك قد يتحمل مدير الغرفة إذا ما أيده وشاركه الرأي بالإساءات، بينما إذا لم تتضمن منه أي مشاركة أو حاول التدارك ومنع الإساءات وبذل من الجهد لمنعها إلا أنه لم يتمكن من المنع، فلا يمكن محاسبته قانوناً عن الإساءات ويتحمل مُطلق الإساءات وحده تبعات تلك الإساءات»، لافتاً إلى أن «المستمع لغرف الدردشة في (كلوب هاوس) لا يتحمل أي مسؤولية لعدم صدور أي نشاط منه يمكن الاستدلال عليه، ومن ثم فإن استماعه لما قيل من إساءات قد لا يثير في شأنه أي مسؤولية».

علي حسين الدوسري: المسؤولية تضامنية بين المسيء ومدير الغرفة

- نتمنى أن تكون هذه البرامج تحت إشراف الدولة حفاظاً على الشباب من الانحرافات

قال أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت الدكتور علي حسين الدوسري لـ«الراي»، «لا بد من أن يكون هناك وعي قانوني حتى نتجنب المساءلة القانونية»، موضحاً أن «قانون الجرائم الإلكترونية يعالج كل ما يصدر في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي ولم يحدد برنامجاً بعينه، بل إن الأمر مفتوح وينطبق على كل البرامج الموجودة أو التي ستوجد مستقبلاً».

وتابع إن «المساءلة تطول كل من يقوم بالسب والقذف وزعزعة الوحدة الوطنية أو إشاعة الفوضى أو بث معلومات مغلوطة أو الإساءة للذات الإلهية أو الذات الأميرية أو الدول الشقيقة، وهذه كلها تصرفات مجرمة وكل من يقوم بها توجه له الاتهامات».

وفي شأن ما إذا كان هناك مسؤولية تقع على رئيس الغرفة، رأى الدوسري أن «مدير الغرفة هو من يقوم بدعوة المشاركين، وبالتالي فإن المسؤولية تضامنية ويحاسب رئيس الغرفة على ما يصدر من إساءات ممن قام بدعوتهم، فضلاً عن مسؤوليته عن نوعية الموضوعات».

وعن كيفية إثبات التجاوز، بيّن أنها «تتم عن طريق الوسائل المعمول بها في قانون الجزاء الكويتي، وإدارة المباحث الإلكترونية مناط بها هذا الأمر وإثبات هذه المخالفات وفقاً للإجراءات القانونية»، موضحاً أن «الشكاوى تُقدم من خلال قرائن أو تسجيلات... ونتمنى أن تكون هذه البرامج تحت إشراف الدولة حفاظاً على الشباب من الانحرافات والأفكار المنحلة أو الإرهابية».

دويم المويزري: لا شكوى... من دون تسجيل المحادثة

- المحاور والمتجاوز كلاهما يُقدّم للمحاكمة

أكد المحامي الدكتور دويم المويزري لـ«الراي» أن «ما يبث من هذا البرنامج يندرج تحت مظلة قانون الجرائم الإلكترونية ويحاكم كل ضيف على ما يصدر منه خلال مشاركته»، لافتاً إلى أن «هذا البرنامج يعتبر مشاركة بين مجموعة، شخص مسؤول عن ما يصدر منه بالإضافة إلى مسؤولية الشخص القائم على اللقاء لأنه هو من قام بتنظيم الندوة أو التجمع».

وعما إذا كان التجريم يقع بحق من يدير الغرفة في حال ارتكب أحد المتواجدين فيها مخالفة، رأى المويزري أن «المحاور يشترك في المسؤولية مع من صدر منه تجاوز على القانون ويقدم الاثنان للمحاكم».

وبيّن أن «القرائن تكون بتسجيل المحادثة ومن دون هذا التسجيل لايستطيع أحد تقديم شكوى لعدم وجود المحتوى»، مشدداً على أنه «لابد لأي محاور أن يحذّر ضيوفه من التجاوز والتعدي على الغير».

محمد الصواغ: مهمة الإثبات تقوم على المُدّعي

- مثل هذه البرامج سيف ذو حدين

اعتبر المحامي محمد الصواغ لـ «الراي»، إن «برنامج (كلوب هاوس) مثله مثل بقية البرامج الأخرى... والعبرة بالشخص إذا ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون المحلي إذا كان في ذات المكان الذي يطبق فيه القانون»، موضحاً أن «برنامج (كلوب هاوس) يعتبر من البرامج العامة والعلنية التي يجتمع بها ركن العلانية، فإذا ارتكب شخص ما جريمة فإنه تقوم عليه المسؤولية وتُطبق عليه الأحكام الجزائية وقانون الجرائم الإلكترونية».

وبيّن أن «مهمة الإثبات تقوم على المدّعي إما بشهادة الشهود أو بالتسجيل إذا كانت المحاورة مسجلة، ولذلك فإن مثل هذه البرامج هي سيف ذو حدين وتخضع لقانون الجرائم الإلكترونية والقوانين الجزائية، وتمنع منعاً باتاً كل ما من شأنه التعدي على الآخرين أو ابتزازهم أو تهديدهم بارتكاب فعل ما أو نشر الفتن والطائفية وما شابه هذه الأمور من أقوال أو أفعال مجرمة، ولذلك على جميع مستخدمي برامج التواصل الاجتماعي الحذر والتدقيق والمراجعة لكل ما يصدر من حسابات التواصل».

هند الناهض: «إدارة الأعمال» تغلب على الغرف الكويتية

- البرنامج واعد وسيُغيّر طريقتنا في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي

قالت رئيسة النادي العالمي للإعلام الإلكتروني هند الناهض لـ «الراي» إن «القيمة السوقية للبرنامج تُقدّر حالياً بمليار دولار وتزداد»، مشيرة إلى أنه «يمكن عمل بلاغات ضد بعض الغرف المسيئة وبالتالي تتم متابعتها من قبل إدارة التطبيق وتقوم بإغلاقها كخطوة أولى». وأضافت أن «بعض مواقع التواصل الاجتماعي مثل (تويتر) بدأت في تقليد (كلوب هاوس) في مسألة تبادل الملفات الصوتية»، موضحة أن «هناك إقبالاً شديداً على هذا النوع من التواصل الصوتي، وخاصة أن تبادل المحتوى فيه سلسلة وسهلة ومفيدة من دون عناء أو جهد».

وبينت أنه «برنامج سري جداً لدرجة عدم المقدرة على الدخول لعالمه من دون أن يكون هناك دعوة بذلك، ويمكن من خلاله بيان مدى تأثير كل شخص بحسب من يقوم بمتابعة هذا الشخص»، لافتة إلى أن «نجاحه يكمن في أمور عدة، من بينها أنه يمكن مطالعة الغرف التي بها تفاعل أكثر وحضور كبير».

وأشارت إلى أن «هذا البرنامج يحظى بمتابعة كبيرة في المملكة العربية السعودية»، موضحة أن «البعض يشبه هذا البرنامج ببرنامج سناب شات عند بدايته».

ولفتت إلى أن «طابع الغرف الكويتية في هذا البرنامج يغلب عليه تخصص إدارة الأعمال»، مشددة على أنه «تطبيق واعد وأمامه المزيد وسيُغيّر طريقتنا في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة أن هناك شريحة تفضل التواصل الصوتي».