إطلالة

لماذا لا تنتهي الحكومة من ملف البدون؟!

28 فبراير 2021 10:00 م

بين حين وآخر يعود ملف البدون، أو مسمى المقيمين بصورة غير شرعية إلى الساحة، ليبدأ الحديث الإنساني عن معاناتهم وآلامهم المتكررة، بسبب عدم حصولهم على حق المواطنة، وهو حق نيل الجنسية الكويتية، فرغم مطالباتهم المستمرة في المواطنة إلّا أن ذلك لم يتحقق لهم منذ زمن بعيد، إلى أن أصبح اليوم حلماً يراودهم.

ولنعكس هذا الأمر على أبنائهم الذين حُرموا من حق التعليم، وانعدام فرص التعليم الجامعي، في ظل ضغوط الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، الذي تحكّم في آلية السماح لهم في الالتحاق بالجامعات أو أي جهة عمل حكومية، في ما يمنع الكثيرون منهم من حق استكمال الدراسة في الجامعات الخاصة ولو على نفقاتهم الخاصة، بسبب عدم توقيعه على مستندات تثبت انتماءه لبلدان مجاورة ربما لا يعرفها، وقد تكون عقبة في الحصول على الجنسية الكويتية مستقبلاً، وبالتالي يضيع مستقبل أبناء البدون تماماً كما ضاع مستقبل آبائهم من قبل.

فهناك أكثر من 100 ألف شخص من البدون يدّعون حقهم في الحصول على الجنسية الكويتية ولكن من دون جدوى، فما زال ملف البدون بلا حل منذ عقود من الزمن، وهو ما يؤدّي إلى تفاقم المشكلة وتراكم الطلبات المستحقة.

لقد شاهدنا حوادث كثيرة تتعلق بالبدون، معظمها كارثي، بسبب العوز والحاجة للمال والطعام والسكن وغيرها من متطلبات الحياة، فكلنا يعلم بظروف متطلبات الحياة وكيف تغيّرت اليوم وصعبت وسط ارتفاع تكاليف المعيشة من أسعار مرتفعة للسلع والسكن والمواد الاستهلاكية، وفي مقابل هذا نرى أن غالبية البدون في الكويت لا يجد العمل المناسب، رغم ثقل المسؤولية العائلية الملقاة على عاتقه، فقد كان الآباء البدون يتحمّلون مشقة الأعمال ذات الأجور البسيطة بسبب العوز والحاجة، واليوم تعقدت أمور الأبناء أكثر وضاق الحال بهم، حتى بدأنا نسمع عن حالات الانتحار المتعددة وآخرها كان الطفل علي الشمري، الذي قال لأبيه قبل أن ينتحر: «أدري أن العوز كاسر ظهرك ولكن ما أخليك محتاج لأحد بإذن الله»، وهي عبارة تحمل في طياتها الكثير من المعاني الإنسانية.

تخّيل هذه الجملة عندما يقولها ابن في عمر الزهور ويرحل من الحياة، تاركاً والده يُصارع وضعه المادي الضعيف، تلك هي حالة من عشرات الحالات التي تحدث في الكويت من دون أن تنشر أو نسمع عنها، وتظلّ في الكتمان إلى أن تختفي كلياً، وبالتالي هؤلاء البدون الذين يعيشون بيننا منذ عقود من الزمن، يجب أن نعطيهم حقوقهم وواجباتهم للعيش في حياة كريمة كالآخرين، والاستمرار في هذه الأوضاع المأسوية، يُعد كارثة حقيقية بمعنى الكلمة، لأنهم باتوا كالغرباء، يفضّلون الموت على مشقّة الحياة! وفي الختام نناشد الحكومة العمل على إنهاء ملف المقيمين بصورة غير شرعيّة بأسرع وقت ممكن، وذلك من خلال إعطاء المستحقّ من البدون حقّ المواطنة.

ولكلّ حادث حديث.