أميركا وإيران... رسْم خطوط تماس تمهيداً للتسوية

24 فبراير 2021 12:16 ص

ساذجٌ من يعتقد أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران لم تنطلق بشكل غير مباشر منذ مدة، فالبلدان أغرقا وسائل الإعلام بالتصريحات المكررة منذ 20 يناير الماضي عندما تولى الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة.

عشرات المواقف المكررة التي يمكن اختصارها بسؤال «من يبدأ أولاً؟»... طهران تدعو واشنطن لرفع العقوبات أولاً باعتبارها الطرف المنسحب من الاتفاق النووي ومن ثم تتراجع هي عن خروقاتها للالتزامات، وواشنطن تدعو طهران للعودة إلى تنفيذ الالتزامات المتعلقة بكبح جماح برنامجها النووي (نسبة التخصيب ومخزون اليورانيوم وعدد أجهزة الطرد المركزي) على أن تقوم بعدها برفع العقوبات عنها.

على أن وراء الموقفين المتقابلين ثابتة مشتركة بين البلدين مفادها أن الديبلوماسية هي الحل، وتالياً فالسؤال البديهي لماذا لم تبدأ عجلة المحادثات بالدوران؟

البعض يرى أن البداية كانت مع مرحلة «جس النبض» التي انتهت بتأكيد الخطوط العريضة لمواقف البلدين، أما الآن فهي مرحلة «رسم خطوط التماس» التي ستحدد شكل وإفرازات العلاقة بين الدولتين خلال السنوات الأربع المقبلة.

وهذه المرحلة تتطلب رفعاً للسقف تارة وتخفيفاً للغة التخاطب طوراً، لكنها في النهاية سترسخ الخطوط الحمراء وتحدد الخيارات الممكنة لكلا طرفي النزاع.

تلويح إيران على لسان أكثر من مسؤول وقيادي - آخرهم المرشد الأعلى علي خامنئي - بأنها قادرة (إذا أرادت) على اقتناء سلاح نووي يهدف لإرسال رسالة للادارة الأميركية بأن الخيارات مفتوحة طالما الخناق الاقتصادي مستمر بلا تخفيف، وأن «حشر القط في الزاوية سيدفعه لارتكاب أفعال يُسأل عنها من حشره وليس هو» على حد تعبير وزير الاستخبارات محمود علوي.

وهذا يعني عملياً أن خياري المواجهة والتسوية على الطاولة معاً، وإن كانت الأرجحية للثاني حالياً.

على أن آخرين يعتقدون أن مرحلة «رسم خطوط التماس» الحالية ليست خالية من تبادل الرسائل والحوارات غير المباشرة، عبر سويسرا وغير سويسرا، وأن البلدين لن يجلسا على الطاولة مع الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي قبل التوصل الى تفاهم أولي على الخطوط العريضة، بما يضمن عدم فشل العملية الديبلوماسية.

وإذا كانت مرحلة ترسيم خطوط التماس مترافقة مع تبادل رسائل تمهيدا لإنضاج الطبخة، فإن السؤال الأساسي الذي ينتظر الإجابة من واشنطن مفاده: «هل تفضل إدارة بايدن خوض مفاوضات بحثاً عن تسوية مع الرئيس الحالي حسن روحاني وتياره الإصلاحي أم تحبذ تمرير الوقت حتى انتقال السلطة لخلفه الذي سيُنتخب في يونيو المقبل وسيكون غالباً من التيار المحافظ؟».

الأرجح أن الإجابة ليست عند بايدن وإنما عند مبعوثه الخاص إلى إيران روبرت مالي الذي ما زال معتصماً بالصمت.