الأبعاد الثلاثة

الحِكمة والعناد السياسي

22 فبراير 2021 10:00 م

ناس على وشك الإفلاس ودخول السجن. ناس في السجن أو خارج الكويت في انتظار الفرَج. اقتصاد في انتظار الإنقاذ، قبل الانهيار الكامل. حالات فساد تحتاج رقابة صارمة ومتابعة.

‏ثم يأتي من يختزل وضع الدولة الاقتصادي والاجتماعي والأمني والرياضي والتعليمي، في صندوق وورقة توضع فيه يوم الانتخابات ليقول: أهلاً بالحل؟!

‏طيب والمواضيع أعلاه شلون عليها! هي فعلياً خارج حسابات صراع الديكة، حيث يعمى البصر وتعمى البصيرة لطغيان الجانب السياسي على كل الجوانب، مع اختلاف أهداف وأدوات المتصارعين من جميع الأطراف، فنعيش حوار وصراع طرشان، تسود فيهما عقلية الغالب والمغلوب، ويسود فيهما طرح المشاكل، من دون إيجاد حلول أو بحلول مستحيلة أو حلول لا يتفق أصلاً عليها الغالبية أو حلول تطرح الآن وتسحب لاحقاً، من دون تفسير مع تفضيل الكثيرين البقاء على مقاعد المنتقدين، ورفضهم الجلوس على المقاعد مع الذين من الواجب عليهم العمل والمشاركة في تغيير النهج وإصلاح العوج. فتجد أمامك أطرافاً تطالب بتغيير النهج وترفض المشاركة فيه، وترفض من يتم اختياره لهذا التغيير، ثم تنتقد عدم التغيير... معادلة مستحيلة! فالشعب هو من أوصل النائب كي يحاول الإصلاح، مهما كانت الظروف ومهما كان الأشخاص، وليس لإيصال الأمور إلى الطريق المسدود.

فالتباهي بعدم الخوف من حلّ المجلس، ليس من الحكمة والشجاعة في شيء. فالشعب لم يوصل النائب للمجلس ليعود إليه أو ليخرج بندوة أو يكتب في «تويتر» وغيره، وإنما أوصله للحفاظ على كيان مؤسسة مجلس الأمة وتحقيق أمانيه، مهما كانت الصعاب وبكل الوسائل الدستورية والقانونية، وتلك الوسائل غير مقتصرة على المواجهة فقط كوسيلة وحيدة، فالعلاقة بين السلطتين هي علاقة تكامل وليس تنافر وهذا ما رسمه الدستور.

فإن كان هناك خلل فليتم إصلاحه داخل قاعة عبدالله السالم، سواء كان الخلل في الدستور أو القانون أو اللوائح أو في الأداء الحكومي.

‏إننا لا نريد مجلساً خانعاً، وأيضاً لا نريد مجلس استعراض القوة، فكلاهما إهدار لمصالح العباد والوطن. إننا نحتاج مجلساً قوياً وحكيماً.

‏ونحتاج حكومة رجال دولة، فنية، لا وفق آلية محاصصة عقيمة، نريدها شجاعة مخلصة للوطن، لا تخاف في الله لومة لائم، منهجها الدستور ومشعلها القانون وروحها العدل والمساواة وغايتها الإنجاز والنجاح، وعشقها للشعب والوطن وحربها على الفساد والمفسدين من دون تمييز. فيبادلها الشعب المحبة والمودة، فلن تحتاج حينها لاستجداء حماية نائب أو إطراء فرد أو جماعة، فالشعب كله سيكون خلفها ومعها، كما لن يرهبها تلويح بمساءلة هنا وهناك، لإيمانها بسلامة موقفها حتى وإن اجتمع أصحاب الأجندات الخاصة ضدها، ومَن يتوكل على الله فهو حسبُه.

وفي الوقت نفسه تستفيد هذه الحكومة بدلاً من أن تجزع من المخلصين من أصحاب النقد البناء والاقتراحات المتميزة من أعضاء المجلس، فتعتبرهم بمثابة المستشارين الصادقين لها، لما فيه الخير والصلاح بدلاً من التعامل معهم كخصوم.