استمعت غرفة تجارة وصناعة الكويت لشكاوى أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وما قد يترتب على استمرار إغلاق أنشطتهم خلال الفترة المقبلة، حيث أكدت الغرفة أن انهيار هذه المشاريع سيكون له تكلفة اقتصادية ومجتمعية ومالية بالغة.
وقال رئيس الغرفة محمد الصقر، خلال الاجتماع الذي عُقد أمس، «لئن كانت المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل العمود الفقري لمعظم اقتصاديات العالم ومجتمعاتها، فإن أهميتها بالنسبة للكويت بالذات تكتسب أبعاداً أكثر عمقاً، باعتبارها أحد أهم قواعد الإصلاح الاقتصادي وآلياته وأهدافه في آن معاً، من خلال دورها الانتاجي، ومن خلال دورها في توفير فرص العمل المجدية والمجزية للشباب الكويتي، ومن خلال دورها في التخفيف من الأعباء المالية التي أرهقت الميزانية العامة للدولة».
وأشار الصقر إلى أن اللقاء، الذي حضره نائبا الرئيس ورؤساء ومقررو اللجان المختصة وعدد من أعضاء مجلس الإدارة، «يأتي في إطار البحث بانعكاسات القرار الأخير بإغلاق أو تحديد ساعات عمل العديد من الأنشطة التي تتركز فيها هذه المشاريع، فيما شارك في النقاشات أكثر من 30 من أصحاب المشاريع في قطاعات التكنولوجيا، والرياضة، والمواد الغذائية، ومكاتب السياحة والسفر والمطاعم والمقاهي والنوادي الصحية والصالونات، والثقافة والفنون، وتنظيم المعارض والمؤتمرات، ومدارس حضانة الأطفال، والنشاطات التربوية، والاستشارات، والتدريب، والمقاولات، والصناعات الصغيرة».
واضاف «ليس للغرفة حاجة لأن تستعيد معكم جهودها ومواقفها تجاه مساندة ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعوتها المتكررة وفي كل أوراقها، وكافة اجتماعاتها مع القيادات السياسية والاقتصادية، الى إعطاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبمفهومها الشامل أولوية حقيقية وعملية للصمود في وجه الأزمة. وإذا كانت مساعي الغرفة ومقترحاتها لم تسجل نجاحاً يذكر، مثلها في ذلك مثل مساعي ومواقف العديد من الجهات المختصة الأخرى، فإن ذلك لا يعود الى ضعف فيها أو خطأ بتوجهاتها، بل يعود الى تعثر القرار وتردده، واحباط التشريعات اللازمة وتعثرها»، لافتاً إلى أن «القرار كان غائباً في معظم الأحيان، وكان قاصراً متأخراً إن حضر، وأن هذا القول لا يتعلق بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة فحسب، بل ينسحب للأسف الشديد على ادارة الكويت للتداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا بشكل عام».
وذكر، في إطار سرد النقاط الأساسية لوصف الوضع الحالي، بأن «مسارعة الغرفة بالدعوة الى هذا اللقاء تأتي نتيجة قناعتها بأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة وقعت، وللمرة الثانية، ضحية عدم الدراسة الكافية والجريئة لقرارات الاغلاق وانعكاساتها وبدائلها من جهة، والتهيب من تسمية الأمور بأسمائها، ومعالجة الأسباب الحقيقية لانتكاس الجهود الصحية، والتهاون في ردع عدم الالتزام بالقرارات الصادرة في هذا الشأن من جهة أخرى.
وإننا لا ننكر أبداً صعوبة الوصول الى نقطة التوازن بين المقتضيات الصحية والتكلفة الاقتصادية، ولكننا في الوقت ذاته لا نجد مبرراً لافتقاد القرار الكويتي الى الدراسة الكافية، والى الحكمة اللازمة، والى الاجراءات الحاسمة».
وأشار إلى أن «الغرفة تجد من واجبها أن تحذر من أن الأزمة الخطيرة التي تعانيها المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمفهومها الشامل، ستكون سبباً رئيسياً لاحباط الجهود الرامية الى توطين العمالة في القطاع الخاص، وستدعم وتعزز توجه شباب الكويت الى دفء واستقرار العمل الحكومي والقطاع العام، بكل ما يعنيه ذلك من تكلفة مجتمعية ووطنية عالية، ومن أعباء إضافية ثقيلة على الميزانية العامة المرهَقة. وهي تكاليف تبلغ أضعاف ما تحتاجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة اليوم من دعم مستحق للصمود في وجه الأزمة الراهنة والمتفاقمة».
وأضاف الصقر «أرى من المفيد التذكير بالمادة 25 من دستور الكويت، والتي تنص على أن (تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمّل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة).
فإذا لم تكن هذه الجائحة الجامحة محنة عامة، فما هو تعريف المحنة العامة؟ وكيف يمكن لمن أصابتهم في أنفسهم وأعمالهم وأبواب رزقهم أن يتحملوها من دون تكفل الدولة وتضامن المجتمع في دعمهم والتعويض عنهم؟».
«لجنة بالغرفة لمتابعة مشاكل المبادرين»
فهد الأربش: مستعدون لتحمل تبعات الإغلاق
إذا غُطيت التزاماتنا من إيجارات ورواتب وغيرهما
كشف رئيس اتحاد المطاعم والمقاهي فهد الأربش عن اتفاق أصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة والمبادرين مع غرفة التجارة على تشكيل لجنة لبحث المشاكل التي تواجهها أنشطتهم وقطاعاتهم والعمل على وضع الحلول الجذرية لها ومن ثم رفع التوصيات اللازمة لمواجهة التداعيات وما قد يلحق بها جراء قرارات الإغلاق التي تتخذها الحكومة بحق تلك الأنشطة.
وقال الأربش لـ«الراي» إن «أصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة والمبادرين رصدوا، خلال اللقاء، اهتماماً من رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر بقضاياهم، حيث تطرقوا لكل ما قد يترتب على استمرار إجراءات الإغلاق التي قررتها الحكومة أخيراً.
ونحن نحترم قرارات مجلس الوزراء واللجان المختصة، ولكن يتوجب على الجهات المعنية مراعاة مصالحنا وما نواجهه من التزامات بالجملة جراء تردي الأوضاع»، مشيراً إلى ضرورة أن تشمل لجنة الغرفة أشخاصا يمثلون تلك الأنشطة فهم من اكتووا بنار الأزمة وتداعيات تلك القرارات حتى تقدم توصيات ورؤى تعكس آلامهم.
وتابع أن أصحاب الشركات والمشاريع الصغيرة ما بين مطاعم ومقاه وصالونات ونواد ومقاولات وغيرها يطالبون بتغطية الالتزامات التي ستترتب على تلك القرارات، وجميعها تتمثل في إيجارات ورواتب ومتطلبات شهرية، منوهاً إلى أن أصحاب المشروعات على استعداد لتقبل أي شروط حال تغطية الدولة للالتزامات التي سيواجهونها خلال المرحلة المقبلة حال استمرار الإغلاق.
وقال«لم نطلب خلال الاجتماعات التي حضرناها تعويضاً للأرباح والعوائد التي سنفقدها بل اقتصرت مطالباتنا على تغطية الرواتب والإيجارات والالتزامات الشهرية لكل مشروع، بحيث لا نخرج بنهاية الطريق بديون جسيمة لا قبل لنا بها، استجبنا في السابق لحزمة التحفيز التي اعتمدتها اللجان المعنية إلا أن مثل هذه المبادرات لم تظهر لها ملامح حتى الآن».
وألمح الأربش إلى أن هناك اجتماعاً قريباً مع مجلس الوزراء لبحث التطورات وما توصلت إليه الجهات المعنية من توصيات في شأن تداعيات القرارات الصادرة على أصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة، معرباً عن أمله في مراعاة الظروف المعيشية للمتضررين منها.
طارق الأسد: متفائلون بتدخل الغانم
... وعدم إيجاد حلول سيدخلنا في نفق مظلم
أفاد رئيس اتحاد صالونات الكويت طارق الأسد بأن تفاعل معظم الوزراء مع ما نواجهه من أزمات متلاحقة بسبب «كورونا» وما تتخذه الجهات المسؤولة من قرارات باستثناء وزير الصحة استوقف أصحاب المشروعات والمبادرين لأكثر من مرة خلال الأيام الماضية.
وأشاد بدور رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، ومساعيه لوضع الحلول التي تمثل انقاذاً حقيقياً للمشروعات المتوسطة والصغيرة، لافتاً إلى أن الحل السريع سيكون من خلال الغانم ومجلس الأمة، في إشارة إلى عدم تحمل أصحاب تلك الأنشطة لإجراءات حكومية قد تطول.
وقال «إن لم يتم التوصل لحل جذري لأزمتنا بالتعاون مع الحكومة فسندخل في نفق مظلم، حيث ستكون تداعيات ذلك متنوعة ما بين اقتصادية مالية واجتماعية، وخصوصاً أن إغلاق تلك الأنشطة من جديد سيضع أصحابها أمام تحديات جسيمة، لاسيما في ظل غياب الانفاق أو القروض الميسرة».
وعن اجتماع أصحاب المشروعات مع غرفة التجارة قال «لاقينا تفاعلاً إيجابياً من الغرفة، واتفقنا على تشكيل لجنة سيكون بيدها مصير أنشطتنا وما تواجهه من أزمات جراء تداعيات فيروس كورونا.
فالقمع وما تنتهجه الجهات التي تسعى لتطبيق قرارات الإغلاق، لن يحل المشكلة، فلابد من مراعاة الظروف المعيشية لأصحاب تلك المحال والأنشطة».
وأشار إلى أنهم لم يطلبوا المساواة مع موظفي الدولة الذين لم يتضرروا من الإغلاقات المتتابعة، لكنهم يريدون حلولاً تحفظ حقوقهم البسيطة،«ما يحدث معنا حرام ولم يعد يُطاق، فهل بهذه الطريقة تعامل الكويت أبناءها؟».
أصحاب المشاريع: تبعات الإغلاق ستتجاوز
الأعمال إلى الاقتصاد الوطني والنسيج الاجتماعي
أعرب أصحاب المشروعات عن شكرهم لسرعة استجابة الغرفة لمناداتهم وتنظيمها لهذا اللقاء، الذي أوضحوا من خلاله مرارة المعاناة التي يرزحون تحتها نتيجة تراكم الايجارات والرواتب والقرارات الحكومية المتشددة والمبتسرة التي لا تستند إلى تشاور أو محاكاة للأدلة العلمية والتجارب الخليجية المجاورة، ولا توازن بين المقتضيات الصحية والحقائق الاقتصادية.
فضلاً عن تحملهم ضريبة التقاعس الحكومي في مراقبة تنفيذ الاشتراطات الصحية، حيث عمدت الحكومة إلى إغلاق أنشطتهم لعجزها عن توفير الرقابة اللازمة للالتزام بالشروط والإجراءات.
وطالبوا أن تعيد الحكومة النظر في قرارات الإغراق، بحيث يسمح للأنشطة بالعمل مع تشديد الرقابة ومحاسبة كل من يخالف الاشتراطات الصحية، أو تقوم بتعويضهم حفاظاً على أولئك المبادرين من ملاحقات قضائية محتملة وخسارة استثمارات ونجاحات تراكمت وتكرست خلال عقود سابقة.
وقد استغرب ممثلو المشاريع الصغيرة والمتوسطة أن القرارات الحكومية لا تنسجم حتى مع توجهات منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن إغفالها التام لتوصيات صندوق النقد الدولي، ولكل حزم التحفيز والدعم التي تبنتها كل اقتصادات العالم، وكشف ممثلو المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن اطلاع واسع وعميق على ما حظيت به المشاريع المماثلة في كل دول العالم.
وأكدوا أن قرارات الإغلاق الأخيرة تعني إفلاس وإغلاق أعمالهم مع كل تبعات ذلك على الاقتصاد الوطني ككل، وعلى النسيج الاجتماعي في البلاد فضلاً عن آثاره على الميزانية العامة.