بوح صريح

صدمة عمري

7 فبراير 2021 10:00 م

أليس غريباً

كيف أصبح الناس يتقنون التمثيل، والتوغل في دهاليز النفس العميقة المظلمة؟

أليس غريباً

كيف أننا نفقد الثقة بكل طيبة وخير ومصداقية حولنا، تكاد تندثر القدوة والنموذج والمثل؟

اكتشفت منذ أيام أنني أعيش داخل فيلم مزيّف من شخصيات غير حقيقية. الرجل الكبير الطيب الذي يقف عند الناصية بجانب بيتي يبيع علب الكلينيكس. أسلّم عليه. وأحب روحه الجميلة وابتسامته اللطيفة. أعطيه ما تيسّر من صدقة وبدوره يدعو لي بحب وصدق. منذ أكثر من أربع سنوات... اليوم كان جالساً الناحية المقابلة عند المحلات.

بعد انتهائي من بعض أشغالي. مررت أسلّم عليه. فلم أجده. سألت البواب. فقال: لقد ذهب لكنه سيعود فهو صاحب هذه المحلات كلها!

قلت له مستفسرة: لا أنت مخطئ. أنا أقصد الرجل الذي يقف على الناصية يبيع الورق. رد: نعم هو! كل هذا الوقت كنت أظن أنه شخص محتاج. ينتظر من يشتري منه علبة ورق أو صدقة. والبعض كان يعطيه أكلاً وعصيراً.

فقد اتضح أنه تاجر كبير يملك محلات ضخمة. لست نادمة على شيء أعطيته إياه وهو نصيبه وحقه. لكنني مستغربة جداً. خصوصاً أنه أحياناً يقف في البرد ليلاً بملابسه الرثة الممزقة. كيف ولماذا؟! أتمنى في يوم ألتقيه وأسأله حتى أسمع الجواب. المسألة هنا ليست مفارقة الغنى والفقر... بل الكرامة والكبرياء وعزّة النفس. هل تقتصر على ناس دون ناس، أليست فطرية وتلقائية لدى الجميع؟!

هل إتقان دور التسول يومياً. الانفعالات وحركات الاستعطاف والاستجداء وهز اليد طلباً للمال. ذلك الذي يملكه أصلاً؟!

أحس ذلك الجزء من حياتي سقط مني سهواً، سأفتقد تلك الصورة لهذا الشيخ الطيب، الذي كان يدعو ويبتسم لي سواء أعطيته أم لا. لكنني سأستغرق بعض الوقت لاستعادة الثقة مجدّداً.