ألوان

خالد سالم محمد... الرحيل المؤلم

31 يناير 2021 10:00 م

إن رحيل الأديب المؤرخ الباحث في التراث خالد سالم محمد - رحمه الله - خسارة كبيرة، ولكن عزاءنا أنه ترك مؤلفات مهمة وبقيةة إلى الأبد، وقد اطلعت على بعض هذه المؤلفات، كما تابعت بعض لقاءاته في الصحافة الكويتية، إلى أن التقيته أكثر من مرة، أثناء زيارتي رابطة الأدباء، فعرفت أنه شخص يمتاز، بدماثة الخلق والبساطة كعادة أهل الكويت الأصيلين، وكان قليل الحديث، وإن تحدّث فإن درجة صوته ليست عالية، كما كان مستمعاً جيداً للآخرين، وتلك صفة يفتقدها الجيل الجديد من الشباب في المجالات كافة.

وقدّم الأديب الراحل الكثير من المؤلفات القيمة، انطلاقاً من جزيرة فيلكا، التي ولد فيها ويعرف كل صغيرة وكبيرة عنها، مما جعله يؤلّف سلسلة من الكتب عنها تحمل في طياتها جزءاً مهماً من تاريخ الكويت، ولم يكتفِ بتقديم المعلومات بل قام بإضافة معلومات جديدة وتصحيح غير الدقيقة، و«أهل فيلكا أدرى بشعابها»، لذا كلّفته مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بمراجعة كتاب عن جزيرة فيلكا... دراسة إقليمية، وهو خير من قام بذلك وسبق ذلك إصداره عدداً من الكتب منها «جزيرة فيلكا... لمحات تاريخية واجتماعية»، و«من ذكريات التعليم في جزيرة فيلكا»، و«صور من الحياة القديمة في جزيرة فيلكا»، و«جزيرة فيلكا صفحات من الماضي»، وغيرها من الكتب التي التي تهمّ الباحث والقارئ.

وقضى - رحمه الله - جل عمره في القراءة والبحث وتقديم ما يجنيه من تلك المطالعات في أكثر من مجال، حيث التوثيق عن القضايا التي لها علاقة بتاريخ الكويت، ومنطقة الخليج العربي، فإضافة إلى الكتب التي تناولت جزيرة فيلكا بكل تفاصيلها، انطلق نحو فضاء أكثر رحابة حيث الكويت، فكتب عن ربابنة الخليج العربي وعن المفردات الأجنبية المعرّبة في اللهجة الكويتية، والكويت في القرنين الثامن والتاسع عشر، وكتاب عن أسماك الخليج العربي والأمثال البحرية القديمة، والمسميات البحرية الكويتية، والتفت إلى شعراء الفن والسامري وفن الصوت، والتراث الغنائي الكويتي وأعلامه.

وقدم في مؤلفاته معلومات عن شعراء الفن والسامري، بل إنه قدّم ترجمة لبعض الأسماء القديمة التي من الصعب الحصول على معلومات عنها، الأمر الذي يعكس مقدار الجهد الذي بذله في البحث وتقديم المعلومات الدقيقة في مؤلف معاصر، يضيف إلى القارئ الكثير.

ورغم أن الأديب الراحل حصل على جائزة الدولة التشجيعية في عام 2008، إلا أنه كان يستحق جائزة الدولة التقديرية، لأنه قدّم للمكتبة الكويتية والخليجية والعربية مؤلفات راقية.

وفي الختام أقول إن الأديب خالد سالم رحل عنا بجسده، لكنه سيبقى حاضراً عبر الأثر الأدبي الذي تركه.