أكد عضو مجلس إدارة الجهاز المركزي للمناقصات العامة سابقاً مشاري البليهيس أهمية اعتماد العمل بنظام الهيكل التنظيمي الجديد الذي أقر من قبل ديوان الخدمة المدنية قبل فترة لمنع تداخل الاختصاصات، مشدداً على ضرورة إسناد المهام إلى أهل الاختصاص، حتى تخرج قرارات الترسية بصورة سليمة.
وقال البليهيس، في حوار مع «الراي»، إن دراسة مناقصات الجهات الحكومية من قبل أشخاص غير مختصين في الجهاز يمكن أن يعرض قرارات الترسية إلى البطلان، حال لجأ بعض المناقصين إلى الطعن أمام المحاكم بعدم صحة قرار الترسية، مبيناً أنه يفترض على مسؤولي الجهاز تطبيق نص المادة رقم 7 من قانون المناقصات التي تشترط دراسة المناقصات من قبل موظفين مختصين لا تقل سنوات خبرتهم عن 10 سنوات.
وحمل البليهيس الإدارة القانونية والقطاع الفني جزءاً من مسؤولية القرارات الخاطئة، التي تقوم لجنة التظلمات التابعة لمجلس الوزراء بتصحيحها، مشدداً على ضرورة تفعيل الدور القانوني والفني بشكل قوي، حتى لا تتكرر هذه الأخطاء مستقبلاً، ومشدداً على أنه لا بد من غربلة الجهاز وإعادة ترتيبه إدارياً حتى يتمكن من القيام بالمهام المنوطة به على أكمل وجه.
وتساءل عن كيفية إضافة الخدمات الاستشارية في عمل الجهاز، رغم أنها ليست من ضمن اختصاصاته، مبينا أن قانون 2016/49 لم يذكر أي شيء بخصوصها ولم يرد لها ذكر في تعاريف القانون أو المذكرة الإيضاحية، فكيف تمت إضافة اختصاصاتها؟.
وفي ما يلي نص الحوار: بداية كيف تقيّم أداء الجهاز المركزي للمناقصات خلال الفترة الحالية، في ظل العمل بالقانون الجديد 2016/49؟ مشكلة القانون الجديد تكمن في تطبيقه وفق اللائحة، وأنا أحد الناس الذين عاصروا القانون القديم والجديد وكنت من ضمن الأشخاص الذين اختارهم مجلس الوزراء لوضع لائحة القانون الجديد، وربما لا أبالغ إن قلت إن القانون الجديد يعتبر مثالياً، ويكفي أننا أفسحنا المجال لدخول المشاريع المتوسطة والصغيرة ضمن مواد القانون، وتم الحرص أيضاً على إعلاء مبدأ تكافؤ الفرص وإنشاء لجنة تظلمات لعرض المناقصين تظلماتهم من خلالها قبل الذهاب إلى المحكمة.
في الفترة الأخيرة، أثارت بعض قرارات ترسية أعضاء الجهاز جدلاً كبيراً في شأن بعض المناقصات التي تم ترسيتها، ما دفع الكثير من المناقصين إلى التظلم أمام لجنة التظلمات لتعديل قرارات الجهاز، ما السبب برأيك؟ - أعتقد أن غياب دور الإدارة القانونية في الجهاز هو من ضمن الأسباب التي جعلت قرارات الترسية تخرج بصورة غير سليمة، الأمر الذي يدفع المناقصين الذين يعتقدون بأحقية الترسية إلى الذهاب للجنة التظلمات لتصحيح تلك القرارات، حيث يفترض أن تكون الإدارات القانونية في جميع دوائر الدولة وليس في الجهاز فقط من أقوى الإدارات لأن كل القرارات التي تؤخذ يترتب عليها أمور مالية تصل إلى مئات الملايين، لذا لابد أن تقوم الإدارة القانونية بدورها في دراسة النواحي القانونية بشكل صحيح حتى يتمكن أعضاء مجلس الإدارة من اتخاذ القرار السليم بناء على الرأي الفني والقانوني.
هل تعتقد أن لجنة التظلمات سحبت البساط من الجهازالمركزي للمناقصات، بعد صدور قرار يلزم فيه الجهاز بتنفيذ قرارات لجنة التظلمات؟
- لجنة التظلمات التي تضم كفاءات مشهود لها دورها مهم جداً وتنطلق من قوة قانونية وفنية تمكنها من إصلاح الأخطاء التي يقع فيها الجهاز، نتيجة أن أغلب القرارات التي تتخذها اللجنة تكون للصالح العام.
يرى البعض أن هناك تحاملاً على الجهاز بسبب الأخطاء التي يقع فيها نتيجة الكم الهائل التي تتضمنه جداول الاجتماعات الأسبوعية، هل هذا الأمر يغفر للجهاز أخطاءه؟ لابد من تفعيل الدور القانوني والفني بشكل قوي حتى لا تتكرر هذه الأخطاء مستقبلاً، ولابد من غربلة الجهاز وإعادة ترتيبه إدارياً حتى يتمكن من القيام بالمهام المنوطة به على أكمل وجه.
قرار الهيكل التنظيمي الجديد وافق عليه مجلس الخدمة المدنية منذ فترة إلا أنه لم يتم العمل به حتى الآن، هل هذا الأمر يؤثر على أداء عمل الجهاز، وهل عدد الموظفين في الجهاز يكفي لتغطية جميع المناقصات التي تعرض عليهم في ظل الكم الهائل من مناقصات الجهات الحكومية التي تعرض أسبوعياً؟
- نعم الهيكل تم اعتماده منذ فترة ولابد من العمل به في أسرع وقت لمنع تداخل الاختصاصات الواقع حاليا، وحتى تخرج قرارات الترسيات بصورة سليمة، أما بالنسبة لأعداد العاملين في الجهاز، أعتقد أن الزيادة مطلوبة ولكن لابد من التركيز على الناحية النوعية بشكل أكبر من الناحية الكمية، لذا يجب التركيز على تعيين أهل الاختصاص.
قبل فترة ليست ببعيدة أثير موضوع تكليف موظفين غير متخصصين بدراسة مناقصات الجهات الحكومية، هل هذا الأمر يؤثر على سلامة قرارات أعضاء الجهاز؟ هذا الأمر حددته المادة رقم 7 من قانون المناقصات صراحة، حيث اشترطت وجود متخصصين في جميع المجالات الهندسية وبخبرات لا تقل عن عن 10 سنوات، وأحب أن أشير هنا إلى نقطة غاية في الأهمية ربما تكون غائبة عن البعض وهي قيام شخص غير مختص بدراسة مناقصة بعيدة عن اختصاصه ربما يؤدي في النهاية هذا الأمر إلى بطلان قرار الترسية في حال لجأ المناقص إلى المحكمة في الطعن على قرار الترسية، بمعنى إذا كان الشخص غير مختص وقام بكتابة تقرير في شأن مناقصة ما وتمت الترسية بناء على التقرير الفني فهذا يمكن أن يبطل الترسية، وأعتقد أن هذا الأمر ربما يكون جيداً ويصب في صالح المناقص المتظلم وربما يكون هذا الأمر غير جيد بالنسبة للمناقص الذي تمت ترسية المناقصة عليه، خصوصا إذا كان هذا المناقص تنطبق عليه جميع شروط الترسية، فما ذنبه في إلغاء ترسية تمت دراستها من شخص غير مختص؟ هل تؤيد تواجد ممثل لهيئة مكافحة الفساد «نزاهة» لمراقبة مجريات اجتماعات مجلس إدارة الجهاز وقرارات تصويتهم على المناقصات؟ نعم أنا أؤيد هذا التوجه وبقوة، لأن وجود ممثل لنزاهة بصفة المراقب في اجتماعات الجهاز يؤكد مبدأ الشفافية التي يحرص عليها أعضاء الجهاز، فالفساد ليس شرطاً أن يكون مالياً فهناك فساد إداري أخطر من الفساد المالي.
موضوع عمل البيوت الاستشارية في الجهاز رغم عدم ذكرها في القانون 2016/49، جعل الشبهات تحوم حول دروها والأهداف التي تسعى لها، ما رأيك؟ - نعم، صحيح أن الخدمات الاستشارية ليست من ضمن اختصاصات الجهاز المركزي للمناقصات العامة، والدليل أن قانون 2016/49 لم يذكر أي شيء بخصوصها ولم يرد لها ذكر في تعاريف القانون أو المذكرة الإيضاحية، فكيف تمت إضافة اختصاصاتها؟ وللعلم لم تكن أيضاً البيوت الاستشارية موجودة في القانون السابق، وتمت إضافتها بطريقة خاطئة استناداً على رأي خاطئ من ممثل الجهاز المركزي للمناقصات العامة المكلف بحضور اجتماعات لجان إعداد اللائحة التنفيذية.
التصنيف يمنح الشركات قيمة
قال البليهيس «كوني كنت سابقاً رئيس لجنة تصنيف المقاولين، لا أؤيد إيقاف تصنيف الشركات بشكل كامل، حيث يفترض ألا يتم حرمان الشركات التي لديها إمكانيات وعقود سابقة من منحها التصنيف وفق معطياتها، فالتصنيف يعطي للشركة قيمة ويمنح الجهات الحكومية نوعاً من الاطمئنان حيالها، ويفترض على الأمانة العامة في الجهاز عدم التشدد في الاشتراطات والأسس والمعايير التي على أساسها يتم التصنيف».
التنسيق بين «الأمانة العامة» والجهاز يرتقي بالأداء... والعكس صحيح
أوضح البليهيس أن أعضاء مجلس إدارة الجهاز يقتصر حضورهم على الاجتماعات فقط التي تقوم الأمانة العامة بالدعوة إليها، ويفترض من رئيس وأعضاء مجلس الإدارة عدم التدخل في أعمال الأمانة العامة، التي تقوم بدورها بتنفيذ القرارات بحيادية، لهذا فإن التنسيق بين الجانبين مهم شريطة ألا يتدخل كل منهما في أعمال الآخر حتى لا يؤثر على قرارات الترسية.
توقيع العقوبات بـ... قرار قانوني
لفت البليهيس إلى أن مشكلة تكرار الأخطاء التي تحدث في اتخاذ بعض القرارات، وخصوصاً المتعلقة بتوقيع العقوبات، يجب أن تبنى على قرار قانوني سليم وبشكل متأنٍ حتى لا يتم إلغاء تلك القرارات، مثلما حدث في أكثر من مرة ولعل أشهرها تلك القضايا التي كانت متعلقة بقرار استبعاد شركات أزمة الأمطار، فالجهاز أصدر بحقها عقوبات ولكن لجنة التظلمات ألغت القرار وقامت بتصحيحه، لذا لابد أن يتم دراسة النواحي القانونية والفنية بشكل جيد وبعيداً عن التسرع حتى يخرج قرار توقيع العقوبة صحيحاً.
التعامل مع حرق الأسعار يتوقف على فطنة «مجلس الإدارة»
أوضح البليهيس رداً على سؤال حول المبالغة في القيمة التقديرية لبعض المناقصات، أن القيمة التقديرية يتم وضعها من قبل بعض الجهات بعد دراسة المناقصة بشكل جيد ولكن هناك جهات ربما تبالغ في القيمة التقديرية لمناقصاتها، ما يجعل المناقصين ينزلون بالسعر لدرجة كبيرة تجعل البعض يعتقد أن هناك شركات تتعمد حرق الأسعار للفوز بتلك المناقصة لأسباب مجهولة.
وأشار إلى أن «مسألة حرق الأسعار كانت تواجهنا باستمرار حيث كانت تعرض علينا الكثير من المناقصات التي يرى البعض بأنها محروقة وكنا نتعامل معها بحرفية، فهذا الموضوع يرجع بالدرجة الأولى إلى فطنة أعضاء مجلس الإدارة في اتخاذ القرار السليم، وأيضاً لابد أن يكون للأمانة العامة دور في تنبيه الأعضاء بخصوص نزول السعر بدرجة كبيرة عن القيمة التقديرية، فإذا رأى الأعضاء خلال تصويتهم أن هناك شركات تعمدت الحرق يجب ألا تتم الموافقة، أما إذا رأى أعضاء مجلس الإدارة أن هذا الأمر يصب في الصالح العام، يفترض أن تمنح الموافقة على الترسية على صاحب أقل الأسعار».