هل تحوي مكونات خنزيرية وخلايا جنينية ورقائق إلكترونية وتلاعبات جينية؟!

لقاحات «كوفيد - 19» بين حقائق المختبرات... وأوهام الخرافات

28 يناير 2021 10:00 م
منذ بدء تسويق واستخدام اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا» المستجد المسبب لمرض «كوفيد-19»، أُثيرت حولها خرافات ألقت عليها ظلال التشكيك، وبثَّت في عقول كثيرين مشاعر القلق والتخوّف إزاءها، إلى درجة أن بعض الناس حول العالم – وهنا في الكويت – قرّروا ألا يخضعوا للتطعيم بأي من تلك اللقاحات.

وتسعى تلك الخرافات إلى ترويج أفكار مغلوطة مثيرة للهلع، بما في ذلك أن اللقاحات تحوي مستخلصات خنزيرية، أو خلايا مأخوذة من أجنة مجهضة، أو رقائق الكترونية تجسسية متناهية الصغر، أو مكونات تتلاعب بجينات متلقي التطعيم.

ولأننا في عصر الفضاء الإنترنتي المفتوح الذي يتيح لبعض المغرضين أن ينشروا الأخبار كما يحلو لأهوائهم دون أن يكون عليهم رقيب سواء من ضمائرهم أو من جهات رسمية، فإن المشككين ومروجي الخوف يستغلون وسائل التواصل الاجتماعي كقنوات سريعة لنشر تلك الخرافات المضللة التي يتم تغليفها عادة بمعلومات طبية إما مبتورة أو مجتزأة من سياقها لإيهام المتلقي بأنه أمام حقائق علمية.

وبما أن الكويت قد اعتمدت لقاحيّ «فايزر» و«أسترازينكا» اللذين اعتمدتهما بريطانيا أيضاً، فإن حلقة اليوم تسلط أضواء الحقيقة الكاشفة على أبرز تلك الخرافات من منظور اختصاصيين بريطانيين سعوا إلى تبديد التشكيكات المثارة حالياً حول هذين اللقاحين بشكل خاص ولقاحات «كورونا» بشكل عام.


الخرافة:

اللقاحات تحتوي على مكونات مأخوذة من الخنازير، وبالتالي فهي حرام إسلامياً ولا يجوز أن يُحقن بها أي مسلم.

الحقيقة:

أدى ترويج مزاعم مفادها أن لقاحات كورونا تحتوي على مادة الجيلاتين في إثارة قلق بين بعض المجتمعات المسلمة خصوصاً حول العالم. لكن حقيقة الأمر هي أن جميع منتجي لقاحات «كوفيد-19» أكدوا وما زالوا يؤكدون بشكل واضح على أنهم لا يستخدمون أي خلايا أو مكونات مشتقة من حيوانات بما في ذلك الخنازير.

وبعد التيقن من ذلك من جانب علماء مسلمين، قررت الجمعية الطبية الإسلامية البريطانية بأن لقاحات كورونا حلال إسلامياً وأوصت المسلمين في بريطانيا المعرضين للخطر بتلقي التطعيم. وبناء على ذلك، يدير المجلس الاستشاري الوطني للمساجد والأئمة في بريطانيا حملة لتشجيع المسلمين هناك على الإقبال على تلقي التطعيم دون أن يقلقوا من احتوائه على مواد مأخوذة من الخنازير أو غيرها من الحيوانات المحرّمة شرعاً على المسلمين.

وتعليقاً على ذلك قال كبير الأئمة المسلمين في لندن الشيخ قارئ عاصم: «الواقع انه مثل هذه الخرافات المضللة يمكن أن تؤدي إلى فقدان أشخاص لحياتهم، ومن المبادئ الأساسية للإسلام أن حماية حياة الأفراد أمر بالغ الأهمية. لذا، فإن رسالتي التي أوجهها إلى جميع الجاليات الإسلامية في بريطانيا هي أن الواجب الأخلاقي يحتم على كل مسلم أن يسارع إلى تلقى اللقاح بمجرد أن تسنح له الفرصة، وذلك كي يحمي حياته وحياة الآخرين».

الخرافة:

مكونات اللقاحات تتلاعب بجينات متلقيها، حيث إنها تؤدي إلى إحداث تغييرات في الحمض النووي منزوع الأكسجين (الـDNA).

الحقيقة:

هذا الزعم غير صحيح جملة وتفصيلاً. فاللقاحات المضادة لمرض «كوفيد-19» لا تؤدي إلى تغيير تركيبة الحمض النووي الخاص بمتلقي التطعيم، إذ انها تتألف عادة من حمض نووي ريبوزي رسولي (mRNA) يعطي الجسم تعليمات حول كيفية صنع البروتينات التي تتألف منها الأشواك الخارجية التي على سطح فيروس كورونا المستجد. وهذا الحمض الرسولي لا يستطيع إحداث أي تغييرات في جيناتك، ولكنه يعلم جسمك كيفية الاستجابة المناعية ضد مرض كوفيد-19 في حال إصابتك به.

الخرافة:

بيل غيتس وآخرون يسعون سراً إلى استخدام لقاحات «كوفيد-19» من أجل بث رقاقات إلكترونية متناهية الصغر في أجسام جميع سكان العالم لتحقيق أهداف معينة تتعلق بمراقبة جميع البشر من خلال شبكات الجيل الخامس!

الحقيقة:

منذ سنوات، ظل مؤسس شركة مايكروسوفت هدفاً لنظريات المؤامرة بانتظام بسبب عمل مؤسسته الخيرية في مجال تطوير اللقاحات. لكن لا يوجد أي دليل منطقي يثبت أن غيتس أو أي أشخاص آخرون يحاولون زرع رقائق إلكترونية متناهية الصغر في أجسام الناس من خلال اللقاحات. وقد نفى غيتس هذه المزاعم بشكل قاطع في أكثر من مناسبة.

وربما نشأت نظرية المؤامرة هذه من دراسة مثيرة للاهتمام أجراها فريق بحثي تابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ونُشرت في ديسمبر الماضي، وهي الدراسة التي تم تمويلها جزئياً من جانب مؤسسة بيل وميليندا غيتس. ووفقاً لتلك الدراسة، اكتشف الباحثون «طريقة غير مسبوقة يمكن من خلالها برمجة وتخزين التاريخ الطبي للمريض في داخل جسمه من خلال إضافة كمية صغيرة من صبغة معينة مع اللقاح».

لكن تلك الطريقة لم يتم تجريبها مطلقاً على البشر ولا تشتمل على أي استخدام أي مكونات تكنولوجية، كالرقائق الإلكترونية متناهية الصغر.

الخرافة:

لقاحات «كوفيد-19» تحتوي على مواد مستخلصة من خلايا أجنة بشرية مُجهضة.

الحقيقة:

انتشرت عبر قنوات التواصل الاجتماعي مزاعم مخيفة ومقلقة مفادها أن تركيبات بعض لقاحات كورونا تستخدم في إنتاجها نسائل من خلايا MRC-5 التي كان قد تم استخلاصها في الأصل من أنسجة رئة جنين قوقازي بشري سقط بالإجهاض عندما كان عمره 14 أسبوعا.

لكن الحقيقة التي يتكرر تأكيدها علناً من جانب كبيرات الشركات التي بدأ تسويق لقاحاتها فعلياً هي أن تركيبات لقاحاتها لا تحوي نسائل من خلاياMRC-5 أو غيرها من الخلايا البشرية. وحتى شركة أسترازينكا التي تستعين بخلايا بشرية أوضحت: «صحيح أننا نستخدم نسائل خلايا جنينية بشرية، لكن ذلك يقتصر فقط على استخدامها كعامل محفز خلال مرحلة حث مكونات اللقاح البيولوجية على التكاثر. وهذا يعني أن تلك النسائل لا تدخل بأي شكل من الأشكال في مكونات تركيبة اللقاح النهائي الذي يتم تسويقه لحقن الناس به».

وعلاوة على ذلك، فإنه من المهم هنا توضيح أن نسائل الخلايا الجنينية البشرية التي تستخدم لحث عملية تكاثر مكونات بعض اللقاحات ليست في الواقع خلايا مأخوذة مباشرة من جنين بشري مجهض، بل هي عبارة عن نسائل خلوية يتم استنباتها في المختبر من مزرعة خلوية أولية مأخوذة قبل عشرات السنين من جنين مجهض.

الخرافة:

اللقاحات تتسبّب في الإصابة بالعقم.

الحقيقة:

تفنيداً لتلك الخرافة، قالت البروفيسور لوسي تشابيل، استشارية التوليد المتخصصة في النساء اللواتي يعانين من مشاكل طبية أثناء الحمل: «من المفهوم أن هناك تساؤلات وتوجسات قلقة حول مدى تأثير لقاحات كورونا على خصوبة الرجال والنساء، لكن جميع تلك الادعاءات المخيفة المنتشرة عبر الإنترنت وتروج نظرية العقم، ليس لها أي أساس يدعمها ولم يتم إثباتها علمياً مطلقاً حتى الآن. وكمتخصصة، لا أرى أي مبرر على الإطلاق لإثارة القلق على الخصوبة البشرية من لقاحات كوفيد-19 المعتمدة رسمياً من جانب سلطات طبية موثوقة».

الخرافة:

نمطياً، اعتدنا على أن عملية ابتكار أي لقاح جديد تستغرق عادة بين 5 و10 سنوات. لذا، فهذه السرعة التي تم بها إنتاج لقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجد تؤكد أنها لم تأخذ حقها في التطوير وبالتالي فهي ليست آمنة بما فيه الكفاية.

الحقيقة:

صحيح أن عملية ابتكار وتطوير معظم اللقاحات اعتادت في السابق أن تستغرق بضع سنوات. لكن اختصاصي الأوبئة والفيروسات الدكتور جوناثان فانتام يوضح أن هناك أسباباً عدة تبرر هذه السرعة، وأهمها أن الأساس البحثي اللازم لإنتاج اللقاحات كان موجوداً وجاهزاً فعلياً لأن الأبحاث حول الفيروسات التاجية (التي من بينها فيروس كورونا المستجد) بدأت قبل نحو 12 عاماً مع تفشي الفيروسات المسببة لانفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير ومرض سارس – وجمعيها تنتمي إلى العائلة التاجية ذاتها التي ينتسب إليها الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19.

يضاف إلى ذلك – والكلام ما زال للدكتور فانتام – فإن من بين الأسباب الأخرى التي أسهمت في هذه السرعة أن الشركات الكبرى التي قررت إنتاج لقاحات أقدمت على ذلك انطلاقاً من أهداف استثمارية، ولذلك فإنها ضخت أموالاً ضخمة في هذا الاتجاه فكانت النتيجة الطبيعية هي تسريع التوصل إلى إنتاج اللقاحات.

ويؤكد الدكتور فانتام على أن هذه السرعة في إنتاج اللقاحات لم تأت على حساب اعتبارات السلامة والفعالية، ومع ذلك فإن الجهات الطبية التنظيمية تحرص على إجراء مراجعات وتقييمات مستمرة لتفادي أي جوانب قصور محتملة قد تظهر في تلك اللقاحات.

الخرافة:

لا يحتاج المرء إلى أخذ لقاح مضاد لمرض «كوفيد-19» إذا كان قد سبق له أن أصيب بالفيروس وتعافى منه.

الحقيقة:

يبقى الشخص في حاجة إلى أن يتلقى لقاحاً حتى إن كان سبق له أن أصيب بفيروس كورونا المستجد. فاحتمال تكرار العدوى يبقى قائماً، وخصوصاً أنه ليس من الواضح حتى الآن كم من الوقت يبقى جسم المتعافي محتفظاً بالأجسام المضادة التي تمنحه مناعة موقتة. وبالنظر إلى حجم المخاطر الصحية الشديدة المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، فإن الحكمة تقتضي من المتعافي أن يتلقى اللقاح إذا سنحت له الفرصة.

الخرافة:

من الممكن أن يُصاب الشخص بعدوى «كوفيد-19» من اللقاح.

الحقيقة:

لا يحتوي كل من لقاحي فايزر وأسترازينكا تحديداً على أي جزء من فيروس كورونا المستجد سواء كان ميتا أو حيا، ولكنهما يحتويان على حمض نووي رسولي mRNA، والذي يعطي تعليمات لخلاياك حول كيفية صنع البروتين الذي تتألف منه أشواك الفيروس الخارجية. لذلك، من غير الممكن مطلقاً التقاط كوفيد-19 من اللقاح. والسبب الذي يقف وراء انتشار هذه الخرافة هو أن بعض الأشخاص يكونون مصابين فعلياً بالفيروس قبل تلقيهم اللقاح (دون أن يدروا بإصابتهم) ثم تبدأ الأعراض في الظهور عليهم بعد أن يتلقوا التطعيم، فيظنون أن اللقاح هو الذي أصابهم بالعدوى.