اقتصاديون طالبوا عبر «الراي» بتعجيل تخلي الحكومة عن الكيانات الخاسرة لتفادي تكبّد الميزانية مئات الملايين الإضافية

سقوط عملاق «الحديد والصلب» المصري يزيد جرس إنذار تأخر الخصخصة في الكويت... رنيناً

19 يناير 2021 10:00 م

- سوء الإدارة العامل الأبرز في تكبّد الخسائر وتراكمها
- تحريك قطار الخصخصة أهم من أي وقت مضى في ظل ضغوط السيولة
- القطاع الخاص أثبت كفاءته بالنهوض بشركات حكومية خُصّصت

بعد 67 عاماً من تأسيسها، تحضّر أكبر شركة في الشرق الأوسط بصناعة الحديد والصلب لإغلاق أبوابها، بعد قرار الحكومة المصرية بتصفية شركة الحديد والصلب.

وعملياً، كان للقرار وقعاً محلياً، حيث فتح النقاش مجدداً، حول ضرورة تعجيل تخلي الحكومة عن الكيانات الخاسرة لتفادي تكبّد الميزانية مئات الملايين الإضافية التي خسرتها بسب تمسكها بهيكل الملكية في تلك الشركات.

وفي هذا الخصوص، قال اقتصاديون إن اللجوء لخصخصة الكثير من الشركات الحكومية، خصوصاً التي تشكّل عبئاً على ميزانية الدولة، بات يشكل استحقاقاً مزمناً، خصوصاً في ظل استمرار تكبّد كل منها خسائر سنوية مليونية، بدلاً من أن ترفد الميزانية بإيرادات تساندها.

ولفتوا إلى أن ما يذكي هذا التوجه تأثير الأزمة المزدوجة الحالية، المتأتية من انخفاض أسعار النفط وتداعيات فيروس كورونا، ما رفع مخاطر نفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام.

مبررات التصفيةوترى مصادر متابعة أن في سقوط العملاق المصري والعربي، الذي تأسس عام 1954، والمُدرج في البورصة المصرية، رغم الحجم الكبير للسوق المصري وكثرة استهلاكه لمنتجات الحديد والصلب، دليل على سوء الإدارة الحكومية، ليس في مصر فقط وإنما في الكثير من البلدان، ومنها الكويت، مستشهدين بما ذكرته وزارة قطاع الأعمال المصرية تبريراً لتبرير قرار التصفية، بأن جميع سُبل إحياء الشركة قد باءت بالفشل منذ عام 2015 نظراً لتقادم التكنولوجيا، وتعطل الأفران نتيجة طريقة التشغيل الخاطئة لها، والفنية المتدنية للمعدات التي أدت إلى انخفاض كميات الإنتاج في السنوات الأخيرة وارتفاع تكلفته بالمقارنة بسعر البيع.

ووصل التعثر المالي لـ«الحديد والصلب» مداه، بعدم قدرتها على سداد مرتبات العاملين أخيراً، نظراً للعجز الشديد في السيولة النقدية، وبلوغ خسائرها المتراكمة نحو 8.5 مليار جنيه، إضافة إلى مديونيات على الشركة بالمبلغ ذاته تقريباً، في حين أن تعويضات 7 آلاف عامل بعد التصفية تصل إلى ملياري جنيه، سيتم اقتراضها، وفقاً لمصادر حكومية.

إسقاط محلي

هذا الوضع الذي آل إليه عملاق الحديد والصلب المصري، تُسقطه مصادر على أوضاع عدد من الشركات الحكومية في الكويت، التي لاتزال ترزح تحت الخسائر منذ سنوات طويلة، مكبّدة المالية العامة مئات الملايين، مؤكدة أنه آن الأوان لتحرك حكومي جاد وسريع نحو معالجة أوضاع تلك الشركات عبر طرحها للخصخصة، للتخلص من كلفتها على الميزانية من جهة، وتحقيق إيرادات من طرحها، إضافة إلى الاستفادة من كفاءة وخبرة القطاع الخاص الكبيرة في النهوض بمثل تلك الشركات.

واستدل أصحاب هذا الرأي على القيمة المضافة للخصخصة، بتجارب كثيرة أثبتت قدرة القطاع الخاص الكويتي على النهوض بشركات حكومية بعد خصخصتها، والوصول بها إلى مواقع ريادية، على المستوى الإقليمي، بل وتسجيل نجاحات عالمية، كما حدث في شركات باتت عملاقة في مجالها، مثل «زين» و«أجيليتي» و«الصناعات» وغيرها.

تحريك القطار

وأكدوا أن خصخصة شركات حكومية خاسرة الآن أجدى وأنفع، بدلاً من انتظار اللحظة التي قد لا يمكن معها اللجوء إلى هذا الخيار، لتلقى تلك الشركات مصير «الحديد والصلب» المصرية، مشيرين إلى أن التخلّص من العبء المالي للشركات الخاسرة وتحقيق إيرادات من خصخصتها، بات أمراً في غاية الأهمية الآن أكثر من أي وقت مضى، فإضافة إلى أن الخصخصة جزء من الإصلاحات الاقتصادية الملحة، فإن الوضع الحالي في ظل استنفاد «الاحتياطي العام» ومشاكل السيولة التي تعانيها الدولة يحتّم تحريك قطار الخصخصة بأقصى سرعة ممكنة.

ولفتوا في هذا الجانب، إلى أن الحكومة المصرية فصلت شركة المناجم والمحاجر عن «الحديد والصلب»، على أن تُدخل القطاع الخاص شريكاً في «المناجم»، بعد انفصالها بإدارة مستقلة لتشغيلها خلال المرحلة المقبلة.

أول مجمع عربي لإنتاج الصلب

تأسست شركة الحديد والصلب المصرية بمرسوم جمهوري في عام 1954، في منطقة التبين بحلوان جنوبي القاهرة، وبدأ إنتاجها عام 1961 حسب خطة تستهدف إنتاج الحديد والصلب بطاقة 1.2 مليون طن سنوياً مطابقة للمواصفات المحلية والعالمية، لتكون بذلك، أول مجمع متكامل لإنتاج الصلب في العالم العربي، برأسمال 21 مليون جنيه، وعلى مساحة 1700 فدان.

25 ألف عامل كانوا قوام الشركة عندما بدأ العمل بها، وبمرور الوقت تقلّص عددهم ليصل إلى 12 ألفًا، ثم إلى 7 آلاف تقريباً.

ويتوزع هيكل ملكيات الشركة المعلن تصفيتها، بين الشركة القابضة للصناعات المعدنية بنسبة 82.48 في المئة، وبنك مصر بحصة 4.99 في المئة، وشركة مصر للألومنيوم 1.81 في المئة، وشركة النصر للتعدين 0.99 في المئة.