د. إبراهيم الهدبان / عندما خرجت الأمور عن نطاق السيطرة

1 يناير 1970 06:26 ص
في قرية «هبل ستان» المطلة على خليج المساطيل خرجت الأمور عن نطاق السيطرة فلا مواطني هذه القرية يعرفون ماذا يريدون ولا مختار القرية قادر على إرضائهم. الشك والريبة قتل الجميع فلا المواطن العادي في القرية يثق بالمسؤولين ولا المسؤولون على مستوى المسؤولية سواء كان المنتخب منهم أم المعين. الهدف الوحيد الذي اتفق عليه أهالي القرية الأذكياء هو تدمير قريتهم وتخريبها لأنه لا عمل لديهم يقومون به سوى هذا العمل والأنانية هي الصفة السائدة بين أهالي القرية، لأن لسان حال كل واحد منهم يقول «أنا ومن بعدي الطوفان». جميع القرى المجاورة تقدمت وازدهرت إلا قرية «هبل ستان»، ورغم من هذا فمواطنوها يفخرون بالسلعة الوحيدة المتوافرة لديهم وهي «الحرية»، والمقصود بها حرية السب والشتم والتعرض لأعراض الآخرين وتشويه سمعتهم، حتى لم يعد واضحاً إن كان هناك شريف في هذه القرية أم لا. لماذا يصر الإنسان على تخريب بيته، ولماذا لا يعمل لمستقبل أفضل له ولأبنائه، ولماذا لا يتعلم من تجارب الآخرين بل يصر على خوض التجربة التي قد تؤدي إلى تدميره؟ على كل حال فإن الاقتصاد في القرية المذكورة قد أصابه الشلل، وبدأ الناس يقتاتون من مدخراتهم وهم يراهنون على تحسن الأوضاع الاقتصادية استناداً إلى وهم مفاده أن الطلب العالمي على مصدر ثروتهم سوف يستمر مع أن القرى الأخرى تنتج السلعة نفسها، والدول المستوردة لهذه السلعة بدأت تفكر بالبدائل خاصة وأن قرية «هبل ستان» تقع في وسط بيئة مضطربة غير مستقرة قد تتسبب في تهديد استقرار هذه القرية أيضاً. على أي حال فإن على مواطني هذه القرية إعادة التفكير بوضعهم، ومع أننا لا نختص أحداً منهم باللوم دون الآخر إلا أننا نذكرهم بأن الثروة التي بين أيديهم أمانة سوف يسألهم عنها الله تعالى، وأن الاستقرار نعمة لن تستمر إلى الأبد، وأن الإحساس بالمسؤولية وأداء الأمانة هي الصفة التي ستمكنهم من التقدم إلى الأمام وليس فتح الأفواه والبلع المستمر دون حساب ودون عمل. وفي واقع الحال فإن الخاسر الأكبر في القرية هم المواطنون العاديون حيث ان الكثير من المسؤولين المنتخبين والمعينين معاً يتعاملون مع قريتهم على أنها زائلة وليست باقية خاصة وأنهم يمتلكون بدائل خارج قريتهم فالرشوة والعمولات غير القانونية والتكسب غير المشروع مكن بعضهم من شراء العقارات والفلل خارج القرية، بالإضافة إلى الأرصدة التي أودعوها في الخارج في حساباتهم تحسباً ليوم الفرار من القرية. المشكلة تتمثل في غياب الحكمة عن مواطني القرية كافة مسؤولين ومحكومين، حيث ان الجميع يلعب بنار سوف تأتي على الأخضر واليابس وتحرق الجميع دون تمييز، والسؤال هل سيكون هناك في حينها من يطفئ النار أم يكون الاطفائي قد انضم إلى الآخرين خارج القرية؟





د. إبراهيم الهدبان

أكاديمي كويتي

[email protected]