خبراء يحذرون من تلقين أولياء الأمور الإجابات لأبنائهم أثناء الاختبارات الإلكترونية

غش عن بعد... برعاية أسرية!

11 يناير 2021 10:00 م

مع كثرة اختبارات الـ «أون لاين» القصيرة في ظل تجربة التعليم عن بعد، بدأت تتنامى ظاهرة قيام أولياء الأمور بتلقين الإجابات لأبنائهم الطلبة، إما عن طريق إعداد الآباء والأمهات للإجابات بأنفسهم، وإما عن طريق الاستعانة بمراكز دروس خصوصية للقيام بإعداد تلك الإجابات والأبحاث والتقارير المطلوبة نيابة عن الطلبة، مما حدا بعدد من المتخصصين التربويين إلى التحذير عبر «الراي» من هذه الظاهرة التي تشكل خطراً على عملية التقييم التربوية الحقيقية، حيث أكدوا أن بعض الطلبة يتخذ وسائل غير مشروعة كالغش في الامتحانات، حتى يضمن نسبة عالية دون الاكتراث بالمحصلة العلمية والتربوية.

واستغربوا من الرعاية الأسرية للغش المرفوض دينياً ومجتمعياً، مناشدين أولياء الأمور أن يغرسوا المبادئ والقيم الإسلامية التي تنهى عن الغش بجميع أشكاله، وأن يدفعوا الطلبة لطلب العلم والارتقاء بأنفسهم لخدمة وطنهم.

وطالبوا بضرورة تعميق مفاهيم التعليم عن بعد ووضع ضمانات من قبل وزارة التربية لعدم القيام بعمليات الغش «أونلاين»، لأن التهاون سيخلق جواً غير منصف يحصل فيه غير المجتهد على مراكز ودرجات لا يستحقها.

عدنان الشطي: للأسف بات همّ الآباء حصول الأبناء على الدرجات ولو بالغش

أكد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور عدنان الشطي لـ «الراي»، أن «قضية قيام الآباء بتغشيش أبنائهم أثناء الامتحانات عن بعد (أونلاين) باتت منتشرة جداً وتشكل ظاهرة اجتماعية خطيرة»، لافتاً إلى أنه «للأسف بات الشغل الشاغل للآباء هو حصول الأبناء على درجات متميزة حتى ولو عن طريق الغش».

وبيّن الشطي أن «قليلاً من أولياء الأمور هم من يلتزمون بعدم مساعدة أبنائهم خلال التعليم امتحانات التعليم عن بعد»، مشيراً إلى أن «ثقافة التعليم عن بعد لم تترسخ بعد في المجتمع الكويتي، وهذا القصور يقع على عاتق وزارة التربية».

ولفت الشطي إلى أنه «كعضو هيئة تدريس في جامعة الكويت، يعاني من هذه الظاهرة وغيرها من السلبيات مثل تعلل بعض الطلبة بسبب تعطل الأجهزة أو انقطاع الإنترنت وهذا كله مرده عدم رسوخ ثقافة التعليم عن بعد»، محذراً من أن «هذه السلوكيات تخرج أطفالاً جهلاء».

واقترح «العمل على تعميق مفاهيم التعليم عن بعد، ووضع ضمانات لعدم القيام بعمليات غش أونلاين لأن التهاون سيخلق لنا جواً غير منصف يحصل فيه غير المجتهد على درجات لا يستحقها».

محمد عبدالغفار الشريف: حرام على من يغش... ومن يغشش

شرعياً، استحضر العميد الأسبق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد الشريف حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه (من غشنا فليس منا)، موضحاً أن «الغش يشمل كل شيء بما في ذلك البيع والإجارة والنكاح والعمل والامتحان وأداء الواجبات المدرسية».

وأضاف: «الغش في الامتحان يكون بالنقل عن الآخرين أو تلقينهم وينطبق نفس الحال على عمل الواجبات»، لافتاً إلى أنه «مما انتشر هذه الأيام التغشيش في امتحانات (أون لاين) للطلبة من قبل الوالدين أو الأقرباء أو الأصدقاء أو حل الواجب بدلاً من الطالب، وهذا كله محرم سواء على من يقوم بالغش أو من يغشش ونسأل الله العافية».

وليد الحساوي: هناك من يرى أن الغش حق مشروع

أكد رئيس جمعية المعلمين الكويتية السابق وليد الحساوي أن التعليم الإلكتروني أصبح واقعاً فرضته جائحة كورونا، وهو نقلة من طرق التعليم التقليدية الاعتيادية إلى التعليم المواكب لتطورات العصر، لافتاً إلى أن «هذا التطور التعليمي كان لابد أن يصاحبه تغير وتحرر من النمط السائد في السنوات السابقة التي جعلت الطالب يحرص على حصد الدرجات دون الحرص بشكل كبير على زيادة الحصيلة العلمية، مما جعل عنده الهاجس الأكبر هو الحصول على نسبة تؤهله لاستكمال دراسته في الجامعات والأماكن التي يرغب بمواصلة تعليمه فيها، مما جعل البعض يتخذ وسائل غير مشروعة كالغش في الامتحانات حتى يضمن نسبة عالية دون الاكتراث بالمحصلة العلمية والتربوية».

وأضاف الحساوي «للأسف هناك من يرى أن الغش حق مشروع وهذه النظرة ليست مقتصرة على الطلبة فقط، بل تعدت إلى بعض أولياء الأمور، فهم من خوفهم وقلقهم الشديد على مستقبل أبنائهم حرصوا على حصد الدرجات لأبنائهم دون الاهتمام بالجانب العلمي والأخلاقي»، لافتاً إلى أن «البعض يظن أن التعليم عن بعد ودون وجود رقابة مشددة على الطلبة هو فرصة لحصول الطالب على درجات ونسب عالية لن يستطيع نيلها أثناء التعليم التقليدي، مما حدا بالبعض إلى مساعدة أبنائه وهو يضرهم من حيث يدري أو لا يدري».

ولفت إلى أن «هناك أولياء أمور يقومون بالاستعانة بمدرسين خصوصيين لتأدية جميع المهام الموكلة للطالب من واجبات وتقارير وامتحانات، مما عزز الاتكالية عند الطلبة وأصبحت هذه الظاهرة خطراً يهدد مستقبل أبنائنا من الجانب التعليمي والأخلاقي»، مشدداً على أنه «لا بد أن يقوم أولياء الأمور بغرس المبادئ والقيم الإسلامية التي تنهى عن الغش بجميع أشكاله، وأن يدفعوا الطلبة لطلب العلم والارتقاء بأنفسهم لخدمة وطنهم».