«بلومبرغ»: تمثل «كوكتيلاً» مُرّاً للعمالة الماهرة

حياة الوافدين في الكويت أكثر صعوبة مع «كورونا» والركود والنزعة المكبوتة

23 نوفمبر 2020 10:00 م

- 100 هندي يسجلون كل يوم لرحلات العودة من سنغافورة
- ردّ فعل عنيف من قبل المواطنين تجاه الوافدين
- دبي تخالف الكويت في تشجيع المغتربين على التفكير فيها

ما بين سنغافورة التي تعتبر مركزاً للقوة المالية، إلى الولايات المتحدة ذات المراكز التكنولوجية، ثم إلى الكويت الدولة الغنية بالنفط، باتت الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للعمالة التي تعيش في الخارج، والتي كانت حتى وقت قريب محل تودّد من قبل هذه الدول نظراً للخبرات التي تمتلكها.وبحسب تقرير لوكالة «بلومبرغ»، فإن فيروس كورونا والركود العالمي، إلى جانب النزعة القومية المكبوتة، تمثل «كوكتيلاً» مراً بشكل متزايد بالنسبة للعمالة الأجنبية الماهرة حول العالم.

وأشارت الوكالة إلى أن العمال الأجانب المهرة وغير المهرة، يمثلون نحو 70 في المئة من سكان الكويت، البالغ عددهم 4.8 مليون نسمة.

وفي يونيو الماضي، ذكر سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد أن هناك رغبة في خفض نسبة الوافدين لتصل إلى 30 في المئة، من أجل دعم الوظائف للمواطنين الكويتيين، إذ أثّر وباء «كورونا» وتراجع أسعار النفط على الاقتصاد.

وأدخلت الكويت قواعد جديدة صارمة، بما في ذلك تلك التي تحظر تصاريح العمل لأي شخص يتجاوز عمره 60 عاماً من غير حملة الشهادات الجامعية.

وبحسب الوكالة، فإن مثل هذا القرار يمثل تحدياً لمورالي نير البالغ 59 عاماً، والذي انتقل من الهند إلى الكويت في 1999.

وعمل نير كمهندس تصميم للكمبيوتر في عقد مع شركة نفطية لمدة 17 عاماً، وعندما جفت المشاريع الجديدة، اضطر إلى المغادرة في أغسطس بينما لم يتم دفع أجره منذ يوليو.

وقال نير، الذي كان ينتظر في ولاية كيرالا بالهند، إنه بينما يريد العودة إلى الكويت، فإن القواعد الجديدة تعني أنه لن يتمكن من البقاء إلا حتى عيد ميلاده التالي.

تسريح الوافدين

من ناحيته، أوضح البرفسور في جامعة «إكستير»، ويليام هارفي، أن هناك شيئا من ردّ الفعل العنيف من قبل السكان المحليين في هذه البلدان تجاه الوافدين، مبيناً أنه من السهل تسريح الناس من وظائفهم طالما كانوا أجانب عن البلد المقيمين فيه.

ولفتت وكالة «بلومبرغ» إلى أنه رغم عدم وجود بيانات حديثة في ما يتعلق بحركة الوافدين حول العالم، فإن تسليط الضوء على عدد من الالتقاطات في بعض الدول يكشف عن واقع ملفت للنظر.

ووفقاً لتصريحات المفوض السامي الهندي للصحف المحلية، فإن نحو 100 هندي يسجلون كل يوم لرحلات العودة من سنغافورة.

وفي انعكاس تاريخي، سجلت نيوزيلندا، التي اعتادت على مغادرة المزيد من مواطنيها أكثر من العودة إلى الوطن، شهدت عودة أكثر من 33 ألف مقيم في الخارج بين أبريل وسبتمبر من هذا العام، طبقاً للإحصاءات الرسمية.

في المقابل، تظهر بيانات حكومية أنه في أبريل الماضي، عاد عدد أكبر من المواطنين الإيرلنديين إلى ديارهم أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2007.

وبحسب «بلومبرغ»، فإن بعض هذه الحركة طوعية، بينما أجبر الوباء الكثيرين على مواجهة ما إذا كان البقاء بعيداً جداً عن الأصدقاء والعائلة هو ما يريدونه حقاً.

وشهدت بلدان مثل أستراليا، وهي دولة رائدة دولياً في احتواء الفيروس، اندفاعاً من العائدين الذين قرروا إعطاء الأولوية لنمط الحياة على الوظيفة.

وبيّنت الوكالة أن فيروس كورونا سارع في بناء الاتجاهات التي كانت موجودة أساساً ضد الوافدين قبل الوباء، مع تزايد القلق المحلي في شأن قضايا الفرص والإسكان والبنية التحتية ليشمل الأجانب على صعيد المهارات.

وفي حديثها حول أوضاع الوافدين في سنغافورة، أوضحت «بلومبرغ» أن ما يقرب من 300 شركة، بما في ذلك البنوك ومديرو الصناديق تخضع حالياً للمراقبة الحكومية لاحتمال الاختيار المسبق للأجانب للوظائف، أو عدم منح السنغافوريين فرصة عادلة.

وأشارت الوكالة إلى أن الحكومة السنغافورية زادت أيضاً من متطلبات الحد الأدنى للرواتب لتصاريح العمل، وشددت المتطلبات للوظائف التي سيتم الإعلان عنها محلياً أولاً، فيما أشار وكلاء العقارات إلى تزايد أعداد الذين يتخلون عن شقق الإيجار الفاخرة للانتقال إلى بلدانهم.

جذب الخبراء

ومع ذلك، أكد كبار المسؤولين أن البلاد لم تغلق أمام أفضل المواهب، بحيث قدمت خلال الشهر الجاري فقط برنامج تأشيرة جديدا لجذب رواد الأعمال والخبراء في مجال التكنولوجيا.

من ناحية أخرى، تعيش العمالة الماهرة في الولايات المتحدة حالة من التوهان، ففي يونيو وقّع الرئيس دونالد ترامب قراراً تنفيذياً يمنع الدخول عبر فيزا «H1-B» و«H-4» والتي تستخدم بالنسبة للعمال في القطاع التكنولوجي وعائلاتهم، كما ألغى عدد التأشيرات الأخرى.

وبحسب الوكالة، تم الطعن في شرعية هذه القيود في المحكمة، ما جعل الكثيرين غير متأكدين من آفاقها المستقبلية.

في المقابل، ذكرت الوكالة أنه رغم هذه الأجواء غير الملائمة تجاه الوافدين، هناك استثناءات مغايرة، وأبرزها دبي، التي حاولت كجزء من خطة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، تشجيع المغتربين على التفكير في المدينة كوجهة طويلة الأجل، على أمل أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الاستثمار.