بوح صريح

المشّاؤون

22 نوفمبر 2020 10:00 م
أنا لست امرأة بيت وطاعة وروتين ومطبخ

مجنونة وأتبع مزاجي وكل ما يحفزني على التغيير والتجديد والانبهار

لا أتقن فن الغسيل والترتيب والواجبات المنزلية

ثيابي معلقة على مقابض الأبواب

وعلى النوافذ، قلائد اللولو والأقراط

أنا امرأة لا تزال طفلة تتأمل الغروب الساحر

ويصفو لها عد النجوم ليلاً ومحادثة القمر وتخيل الأفلاك

لست مفتونة بالتبرّج ورسم الكُحل وشراء درجات ألوان حمرةِ الشفاه.

لا أتابع برامج الأزياء ولا أقف في طابور أشهر الكافيهات

ما زلت أغمس أسراري في قهوتي الصباحية وحدي

على شرفة تطلّ على حقل صنوبر

أقصّ من الشمس خصلة وأرسم بها الجميلات

و«غاردينيا» زرعتها في كتابي.

تخبرني أن العطر لم يزل...

أنا امرأةٌ طلقت الثرثرة وحسد وغيرة الرجال والنساء

جالست الطيور والفراشات.

استغنت بنفسها وابتكرت لغة على مقاسها...

ربما كنت أول النساء.

أو شجرة لا تزال تنادي طيورها كلما اشتد الحنين وغرست الغربة أنيابها في الأغصان.

ربما كنت آخر زهرة أنقذها عاشق.

فقطفها وزرعها في قلبه قبل نهاية الكون.

لا أزال أسمع أندي جب، وديميس روسوس وأزنافور

وأحلم بعناق يطول تحت المطر.

الدنيا تتغير من حولي... وأنا أخلق من جديد

أنا وأصدقائي الغزلان المشّاؤون في دروب الاختلاف والغرابة.

نحاول اختطاف الزمن من لحظة الملل والجمود، نحو الدهشة والروعة.

نُصغي إلى نشيد الغابة فنستعيد برية الإحساس.

نكتب فيدرك المطر هويته والعبير فطنته.

نصمت، فنُفلت المشهد من قبضتنا.

وتعود كركبة المكان وفوضى الزمان.

أنا التي عثرت على ملاك تائه ضلّ طريقه وجلس تحت شجرة يبكي.

فتكوّن كل حجر نفيس في بركة دموعه.

هرب إليه كل حلم وإلهام، وقول نبيل وفكر حكيم.

وتناثر حول شعره المجعد كل شعاع فرح نائم.

عرف الخوخ الطريق لخديه والكرز لشفتيه.

فعم السلام في الكون وساد العدل، والتسامح حين - خلسة - ابتسم.