بلا حدود

مصالحة أم مسامحة؟

17 نوفمبر 2020 10:00 م

المصالحة تقتضي المساواة في الرتبة في حال المخاصمة بين الأخت وأختها، أو الخلافات بين الشقيق وشقيقه، أو المشكلات بين الزوج وزوجته، أو الصراع بين العائلة وعائلة أخرى والأسرة وأسرة أخرى، والقبيلة وقبيلة أخرى، أو النزاع بين الدولة ودولة أخرى سواء أكانت جارة أم غير جارة... وهكذا.

أما أن تكون المصالحة من الأعلى للأدنى رتبة مثل مصالحة الأب مع أبنائه أو مصالحة الأم مع أبنائها أو مصالحة الدولة مع أبنائها أو مصالحة الوطن مع أبنائه؛ فهذه تسمى مسامحة وليست مصالحة.

حينما يخطئ الأبناء في حق أمهاتهم أو آبائهم فينبغي عليهم هنا طلب السماح قبل أن تنضوي فعلتهم تحت عقوق الوالدين والعياذ بالله، كذلك حينما يخطئ المواطن بحق دولته فينبغي عليه طلب السماح من ولاة الأمر قبل أن يدرج في قائمة المتمردين والمتنمرين على السلطة والخارجين على ولاة الأمر قال تعالى:«يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...» النساء: 59.

يقول أحدهم وهو في رشفة كأس الحرية على حد قوله معترضاً على طلب المسامحة (يعني لازم أبوس ولي الأمر وأقوله سامحني... لا والله خلني قاعد هني أحسن لي )، أيها الشاب اليافع حينما تقبّل رأس وليّ الأمر في بلدك فأنت تقبل رأس والدك، وحينما تطلب منه السماح فأنت تطلب السماح من دولة عمرها أكثر من أربعة قرون، فلا عمرك ولا عمر كبيرك يصل إلى عمق هذه القرون الأربعة بما فيها من أحداث، فأين الخجل من تقبيلك رأس وليّ الأمر، وأين الإهانة من طلب مسامحة الدولة التي هي أمك وأبوك وأخوتك وشرفك وكرامتك وهويتك، لا تفرحن بكأس الحرية فالأنظمة تتغير وستطرد من بلدهم آجلا أم عاجلاً، وسيتم تسليمك إلى بلدك صاغراً ذليلاً، فلماذا لا تسبق الأحداث وتتسامح مع وطنك لعله يسمح لك.

هذا الكلام لجميع الأخوة الكويتيين خارج البلد عوداً إلى وطنكم فأنظمة البلدان التي تختبئون بها متغيرة ومتقلبة، إنهم يستنزفون أموالكم ثم يتبرأون منكم، هل تعتقدون بأن الكويت عاجزة أن تصل إليكم؟! ولكن هي الكويت بلدكم الجميل الطيب وأنتم أدرى بأخلاقيات سياستها وهدوئها وحكمتها وعقلانيتها.